1. الرئيسية 2. المغرب من التدبير إلى التغيير.. الملك محمد السادس يرسم معالم مستقبل ملف الصحراء اقتصاديا ودبلوماسيا، ويستنفر الجميع "لإنهاء النزاع سريعا" الصحيفة من الرباط الأحد 13 أكتوبر 2024 - 9:00 رسم الملك محمد السادس، في خطابه أمام البرلمان بمجلسيه، خلال افتتاح السنة التشريعية الجديدة أول أمس الجمعة، ملامح التعامل الراهن للمغرب مع ملف الصحراء، والذي انتقلت فيه المملكة من مرحلة "التدبير" إلى دينامية "التغيير"، وهو العنوان العريض الذي يحكم التحركات الدبلوماسية خارجيا، والدينامية الاقتصادية والاجتماعية داخليا. وعلى الرغم من السياق الدولي "الصعب والمعقد"، وفق ما جاء في الخطاب الملكي، إلا أن المغرب، حسب ما أشار إليه العاهل المغربي، أطلق دينامية شاملة تهم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بما يجعل من الصحراء محورا للتواصل والتبادل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وما يسمح للدول الصديقة بمواكبة هذا المسار والاستفادة منه اقتصاديا واستثماريا. ونجد أن العاهل المغربي، رسم أيضا الملامح المستقبلية لمنطقة الصحراء، في ارتباط بالمسار التنموي الراهن، الذي يضعها في صلب المبادرات القارية الاستراتيجية، وخص الملك بالذكر كمشروع أنبوب الغاز المغرب - نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي. وبالموازاة مع ذلك، نجد أن الملك محمد السادس، كشف، بدون مواربة، أن المغرب قطع منذ ما يقارب ربع قرن، هي فترة توليه العرش، مع منطق "رد الفعل" لينقل إلى التعامل مع الملف وفق منطق "المبادرة والاستباقية"، وبإصرار على مواقفه الحازمة، بما يظهر، بكل الوسائل المتاحة، "حقوق المغرب التاريخية والمشروعة" في الصحراء. هذا المسار، الذي كان ثمرة عمل طويل ممزوج ب"الصبر والتأني"، وفق ما جاء في الخطاب، هو الذي أفضى إلى مراكمة الاعترافات بالسيادة المغربية على الصحراء، وعم مقترح الحكم الذاتي للمنطقة تحت سيادة المملكة، وهو أمر يحيلنا على أرقام سبق أن كشفت عنها الدبلوماسية المغربية خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية. فعلى الساحة الدولية، نجد أن 164 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأممالمتحدة، لا تعترف بالطرح الانفصالي في الصحراء، وهو ما يمثل 85 في المائة من المنتظم الدولي، في حين أن 112 بلدا يدعم بشكل صريح مبادرة الحكم الذاتي، بما في ذلك نحو 75 في المائة من بلدان القارة الإفريقية، وغالبية دول الاتحاد الأوروبي. وحاليا نجد أن المغرب يتوفر على 29 قنصلية، منها 28 قنصلية لدول، وواحدة لمنطقة إقليمية تضم عدة بلدان، وهي منظمة دول شرق الكاريبي، التي تتوزع بين مدينتي العيون والداخلة، ونجد ضمن القائمة أيضا دولا عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن، التي عبر الملك عن "اعتزازه بمواقفها". هذا المسار أصبح الآن يشمل ذات عضوية دائمة في مجلس الآن، فبعد الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 2020، جاء الدور على فرنسا سنة 2024، والتي عبرت على رسالة الرئيس إيمانويل ماكرون للملك محمد السادس، أنها تعتبر مبادرة الحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية المغربية، الأساس الوحيد لحل النزاع حول الصحراء. واللافت في الخطاب الملكي، أنه تحدث عن فرنسا باعتبارها "تعرف جيدا حقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي"، انطلاقا من أنها، بحكم موقعها الدولي مطلعة بعمق على حيثيات القضية تاريخيا وقانونيا، لذلك، فإن موقفها، المتضمن الالتزام بالتصرف وفق اعترافها بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، سيكون له دور محوري في تغيير قواعد اللعبة. وفي عرضه لمواقف الدول التي تبنت مواقف داعمة بشكل صريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، نجد أن العاهل المغربي توقف أيضا عن أهمية موقف إسبانيا، المحتل السابق للمنطقة، على اعتبار أنه يحمل "دلالات سياسية وتاريخية عميقة"، مشيرا أيضا إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث نجد الآن 19 دولة من أصل 28 لديها موقف إيجابي صريح من مغربية الصحراء. ومع ذلك، ورغم أن عدد البلدان المساندة للطرح الانفصالي آخذ في الانكماش، إلا أن الملك كان واضحا في ضرورة التحلي بالواقعية وعدم الارتكان لما تم تحقيقه، على اعتبار أن "المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع، المزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، والتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم". ومن الأمور التي شدد عليها الخطاب، الاستمرار في العمل من أجل إقناع باقي الدول القليلة التي "ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ"، وذلك بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء، وهو عمل لا يقع على عاتق الدبلوماسية المغربية فقط، بل "يقتضي تضافر جهود كل المؤسسات والهيآت الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها"، الأمر الذي يضع البرلمانيين في واجهة تلك الجهود.