1. الرئيسية 2. آراء لا هُم قوميون ولا هُمْ وحدويون، بل عملاء مرتزقون سعيد الكحل الأربعاء 12 يونيو 2024 - 22:27 تداولت بعض المواقع خبر مشاركة قوميين عرب في ندوة إعلامية بالعاصمة اللبنانية بيروت، يوم الخميس 7 يونيو 2024، تعبيرا منهم عن معاداتهم للوحدة الترابية للمغرب ودعهم لانفصالي البوليساريو. وما أثار الانتباه في هذه المشاركة هو التناقض الصارخ بين الشعارات وبين المواقف لدى فئة من القوميين العرب وبعض تنظيماتهم السياسية وعلى رأسها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين". ذلك أن النظام الأساسي المعدّل للمؤتمر القومي العربي ينص في المادة الثانية على الهدف المركزي من تأسيس المؤتمر كالتالي: "هدف المؤتمر الإسهام في شحذ الوعي العربي بأهداف الأمة المتمثلة في مشروعها الحضاري وهي: الوحدة العربية، والديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري، وتحقيق التفاعل بين الوحدويين العرب في إطار من التنوع والتكامل، وتعبئة الطاقات الشعبية من أجل تحقيق هذه الأهداف، واتخاذ المواقف المعبرة عنها، وتوثيق روابط التعاون والتنسيق مع الهيئات المماثلة في أهدافها". بينما موقف أولئك القوميين من الوحدة الترابية للمغرب يناقض النظام الأساسي لهيأتهم التي ترفع شعار الوحدة العربية وتجميع شتات الدول العربية لبناء الأمة العربية. إذ لا يمكن تحقيق أهداف الوحدة والتنمية والاستقلال وتعبئة الطاقات الشعبية في الوقت الذي تجنح فيه فئة من القوميين وهيئاتهم إلى دعم الانفصال وتمزيق الأوطان. فالقوة تأتي من الوحدة وليس من التشرذم؛ خصوصا وأن البيان الأول الصادر عن المؤتمر التأسيسي لهيئة القوميين العرب وقف على مفارقة يعيشها الوضع العربي. فمن جهة وجود "الأزمة الشاملة التي يعيشها الوطن، وخاصة استمرار احتلال الأرض العربية، وتفاقم سياسة القوة الإسرائيلية وتحديها السافر للإرادة العربية في فلسطين وخارجها". ومن جهة ثانية، "تكدس بعض الأنظمة العربية السلاح باهظ التكلفة، ولا توجهه نحو العدو الأساسي، وتحول دون توظيف الإمكانات العربية، وفي مقدمها النفط، في النضال القومي. كما استمرت الخلافات العربية تفت في عضد الأمة، كما بين العراق وسورية، وبين المغرب والجزائر حول الصحراء". يقتلون الميت ويمشون في جنازته يستغرب المرء من تباكي القوميين العرب على واقع الصراع الذي تعيشه الدول العربية فيما بينها، وهو صراع إيديولوجي في جوهره أكثر مما هو صراع على الحدود أو المصالح. إذ لم تنعتق، بعدُ، غالبية الأنظمة العربية، خصوصا تلك التي تدعي الاشتراكية وترفع شعار الوحدة، من مناخ الحرب الباردة. لقد انهار الاتحاد السوفييتي وانهارت معه منظومته الإيديولوجية، بينما ظلت تلك الأنظمة ومعها عدد من الأحزاب والمنظمات تلوّك شعارات باتت من المتلاشيات. بل إنها لم تستوعب أن جدار برلين قد انهار وانهارت معه الأنظمة الشمولية التي تأسست على الحزب الوحيد ممثل البروليتاريا. فلا يُعقل أن تنخرط تنظيمات قومية/اشتراكية في دعم الانفصال وتفتيت الأوطان، وفي نفس الوقت تتباكى على واقع الصراع بين الأنظمة والدول العربية، كما هو بيّن في الفقرة التالية من البيان الأول للمؤتمر التأسيسي الذي انعقد بتونس بين 3 و 5 مارس 1990:" - ولما كان الخلاف السوري - العراقي يعتبر من أخطر الخلافات التي تترك آثارها السلبية على الأمة العربية بأكملها، فقد ناقش المؤتمر هذا الخلاف وأكد أن حجم الضرر والاستنزاف القومي المترتب عليه في هذه المرحلة بالذات لا يتناسب ً إطلاقا مع ّكل ما توصل إليه ّ لا يرى المؤتمر مبررا لاستمراره بأي حال. ولذلك المؤتمر حول أسبابه ومصادره، ومن ثم يطالب المؤتمر الرئيسين السوري والعراقي بوضع ّحد فوري للخلاف. كما يدعو جميع القوى الشعبية، للضغط من أجل هذا الهدف، لأن استمرار هذا الخلاف يؤدي إلى إهدار الطاقات العربية واستمرار عجز الأمة العربية عن استخدام هذه الطاقات في مواجهة أعدائها وتحقيق غاياتها". مرت أربع وعشرون سنة (24) عن تأسيس المؤتمر دون أن يستخلص القوميون العرب فداحة تخندقهم في صف الأنظمة القومية الشمولية وتزكية جرائمهم في حق شعوبهم. ولا يزالون مستمرين في السباحة حول موائد أولئك الحكام والتسبيح بأنظمتهم. خلاوه ممدود ومشاو يعزيو في محمود الملاحظ أن غالبية القوميين حمَلة وهْم "تحرير الصحراء" ينحدرون من دول فتك بها التطرف والانفصال والإرهاب والديكتاتورية ( سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، فلسطين، الجزائر). لم يستخلصوا العبرة مما يجري في دولهم من اختطاف وتقتيل وإرهاب وديكتاتورية. لقد أثبتت التجربة أن الأنظمة التي أعلنت نفسها قومية أو اشتراكية أو وحدوية فشلت في تحقيق ما رفعته من شعارات وما أشاعته من آمال في التحرر والتنمية والاكتفاء الذاتي وفك الارتباط والتبعية لدول الهيمنة والاستعمار وذلك بإقامة مجتمع صناعي متقدم. فما يجري اليوم في سورياوالعراق وليبيا واليمن والجزائر، وهي الدول التي حكمتها أنظمة قومية/اشتراكية، لخير دليل على إفلاسها. لهذا كان على ممثلي القوميين بهذه الدول التي فقدت سيادتها وسيطرتها على أجزاء واسعة من ترابها الوطني أمام التنظيمات الإرهابية، أن يوجهوا دعمهم لدولهم المنهارة وينخرطوا، بكل جدية، في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتقويتها بدل الانشغال بالمغرب والتآمر عليه. إن دعاة القومية والاشتراكية في العالم العربي هم من قوّضوا وحدته وعرقلوا جهود تنميته. لقد دمّر الحكام القوميون أوطانهم (صدام حسين، بشار الأسد، معمر القذافي، علي عبد الله صالح، حكام الجزائر) دون أن يحققوا التنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية؛ بينما حافظت الأنظمة الملكية على استقرار أوطانها وأمن شعوبها. من هنا لن يكون السوري محمود الصالح وسلفه محمود مرعي اللذين تعاقبا على ما يسمى رئاسة "اللجنة العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي" سوى مرتزقين باعا شرفهما، إن كان لهما من شرف، مقابل رشاوى حكام الجزائر لتأثيث مشهد انفضّ من حوله أحرار العرب والعالم. وكذلك هو حال ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينبالجزائر الذي يقتات على موائد الارتزاق ويستمرئ رشاوى قصر المرادية على دوي القصف الإسرائيلي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وعويل الثكالى والأرامل. لم يبكيا ضحايا بشار من الفلسطينيين وهو يلقي بهم أحياء في الخنادق التي أعدّها لهم مدافن، كما لم يبكيا سبايا داعش من الإيزيديات ولا أوضاع النساء السوريات اللائي يستجدين كسرة خبز في شوارع المدن العربية؛ بل لم يتألم لحال اللاجئين السوريين، نساء وأطفالا وشيوخا، وقد رمى بهم النظام الجزائري خارج الحدود دون طعام أو ماء ولم يجدوا غير المغرب رحيما بهم. طبعا لا نمنّ على الإخوة اللاجئين السوريين، ولكن نذكّر القوميين السوريين عملاء حكام الجزائر بما جناه حكام القومية العربية، وضمنهم بشار الأسد، على شعوبهم من مآسي (قدرت الأممالمتحدة عدد ضحايا الحرب الأهلية بين 580,000–617,910+ شخص، منهم 306,887+ مدني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، و6.7 مليون نازح داخليا بحلول مارس 2021. مما يجعلها إحدى أسوأ الحروب كارثية في القرن الواحد والعشرين). إن مثلَكم ومثَل حكامكم حملة شعار "القومية العربية" كمثل الغربان لا تنبئ إلا بالشؤم ولا تنعق إلا بالموت، ولا تقود إلا إلى الجِيف.