لازالت الميزانية الضخمة التي خصصتها الجزائر للجيش واقتناء الأسلحة ضمن مشروع قانون المالية الخاص بسنة 2023، يثير الكثير من التساؤلات والاستغراب على المستوى الدولي، حيث انتقلت بقفزة كبيرة من 9,7 مليار دولار في 2022، إلى 22 مليار دولار في سنة 2023. وحسب العديد من التقارير الإعلامية الدولية، فإن هذه الميزانية الضخمة التي خصصتها الجزائر للتسلح، تُمثل نسبة 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مشيرة إلى أنه لم يسبق لأي بلد في العالم أن وصل إلى هذه النسبة من ناتجه المحلي الموجه إلى التسلح دون باقي القطاعات الأخرى. وفي هذا السياق، ذكر تقرير لصحيفة "لاراثون" الإسبانية، أن تخصيص الجزائر لهذه الميزانية الكبيرة للتسلح، يُرجح بقوة أن الهدف منها هو إجراء تحديث واسع للترسانة العسكرية الجزائرية، والتوجه نحو اقتناء الأسلحة من مزودين جدد بدل الاعتماد على روسيا في أكثر من 80 بالمائة من ترسانتها العسكرية. ونقلت الصحيفة الإسبانية رأي الخبير في الدفاع، تيموثي أرش، الذي أشار إلى أن الجزائر بدأت تنظر بعين الشك للأسلحة التي تستوردها من روسيا، خاصة بعدما أثبتت الأسلحة الروسية عدم فعاليتها في العديد من الحروب، وخاصة في الحرب الجارية حاليا في أوكرانيا. ووفق ذات المصدر، فإن نسبة هامة من الميزانية التي خصصتها الجزائر لسنة 2023، ستذهب بلا شك لاقتناء الأسلحة الحديثة من مصنعين جدد، مثل تركياوالصين، وبالتالي تنويع الشركاء بدل الاعتماد بنسبة كبيرة على روسيا فقط، خاصة أن الجزائر بدأت تُدرك أن أسحلة الدول الأخرى الغربية، هي أكثر تطورا. كما أشارت "لاراثون"، أن هذه الميزانية الضخمة التي خصصتها للتسلح، يأتي أيضا في إطار سباق التسلح مع المغرب، الأخير الذي عرف في السنوات الأخيرة كيف يُنوع شركائه المزودين بالأسلحة، مثل الصينوتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، مع التركيز على الأسلحة المتطورة والحديثة. وبلغت رخص الالتزام بخصوص محفظة البرامج الخاصة بالدفاع الوطني الجزائر، أي الحد الأقصى المسموح للآمرين بالصرف باستعماله، 3 تريليونات و186 مليار دينار جزائري، أي 22,72 مليار دولار، بما يشمل مجال الدفاع الوطني الذي استحوذ لوحده على 1,2 تريليون دينار ثم اللوجيستيك والدعم متعدد الأشكال ب740 مليار دينار، أما النصيب الأكبر فذهب للإدارة العامة بترليون و246 مليار دينار. وبالمقارنة مع المرصود لباقي المجالات، بما في ذلك رئاسة الجمهورية، يتضح البون الشاسع في المخصصات برسم السنة المالية 2023، إذ خصص مشروع قانون المالية لمؤسسة الرئيس 88,44 مليار دينار أي حوالي 63 مليون دولار، بما يشمل نشاط رئاسة الجمهورية وتنسيق النشاط القانوني والحكومي ووساطة الجمهورية والتعاون الدولي والإدارة العامة. وهذا الرقم أقل من المخصص أيضا لوزارة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الأقاليم، الذي يشمل أيضا ميزانية الشرطة وبرامج التنمية المعلية ذات العائد المباشر على السكان، والذي تجاوز بقليل مبلغ تريليون دينار، بما يضم حركة الأشخاص والممتلكات ودعم الجماعات المحلية وتهيئة الأقاليم والأمن الوطني، في حين أن ميزانية وزارة الشؤون الخارجية والجالية المقيمة بالخارج حُددت في 50 مليار دينار، بما في ذلك النشاط الدبلوماسي والقنصلي والإدارة العامة. وفي ميزانية 2023 ستنتقل مخصصات الدفاع الوطني، التي تشمل الجيش والتسلح، من 1,3 تريليونات دينار في ميزانية السنة المالية الحالية، أي 9,7 مليارات دولار، إلى أكثر من 3 تريليونات دينار أي ما يقارب 23 مليار دولار، وهو الأمر الذي استغلت فيه الجزائر ارتفاع عائدات النفط والغاز الطبيعي بسبب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد الطلب عليها إثر تراجع جائحة "كوفيد 19". ويبدو من خلال قراءة العديد من المحللين، أن الجزائر بدأت تُدرك أن الترسانة العسكرية التي تمتلكها، بالرغم من أنها كبيرة العدد والعتاد، إلا أنها أصبحت قديمة بالنظر إلى التطور الكبير الذي عرفته العديد من الأسلحة والتقنيات الحربية الجديدة، مثل الطائرات بدون طيار، وأنظمة الدفاع. وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن المغرب بدأ منذ سنة 2015، عملية تحديث واسعة لترسانته العسكرية، بالتركيز على آخر الأسلحة المتطورة، حيث عمد إلى تحديث أسطوله من مقاتلات F16 الأمريكية، والحصول على آخر دبابات "أبرامز"، واقتناء أنظمة دفاع متطورة، إضافة إلى أسراب من طائرات بدون طيار.