بعد قصة تقليص التأشيرة الممنوحة للمواطنين المغاربة، تحاول السلطات الفرنسية الآن التضييق على التحويلات المالية للجالية المغربية الى بلدها الأصلي. يتفاجأ الكثير من أفراد الجالية المغربية المقيمين بفرنسا بحملة شرسة قصد ثنيهم عن إرسال الاموال الى المغرب، حيث شددت السلطات الفرنسية من مراقبتها على حركة الأصول المالية "للاجانب"، في محاولة منها لترهيبهم وارغامهم على إبقاء أموالهم داخل فرنسا مقابل تجنب التضييق الضريبي، في الوقت الذي يمكن فيه للمواطن الفرنسي أن يحول أمواله للاستثمار بالمغرب دون حسيب أو رقيب. حيث و بعد عامين قياسيين من حيث حجم تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج بفضل ثقتها في مؤسسات وطنها، بدأت سلطات بعض الدول كفرنسا، بلجيكا، هولندا وألمانيا في تشديد المراقبة على التحويلات بذريعة "محاربة غسل الأموال"، حيث يفاجأ أفراد الجالية بتوقيف تحويلاتهم بمبرر عدم الادلاء بمصدر الأموال، في الوقت الذي كانت هذه الأموال مصرح بها منذ البداية ومعروف مصدرها لدى إيداعها وخاضعة لكل قوانين الضريبة. بدأت قضية التضييق على تحويلات الاجانب المقيمين في أوروبا الى بلدانهم الأصلية تأخذ أبعادا سياسية بشعة، حيث أصبح الموضوع يشكل منافسة مربحة بين أحزاب اليمين المتشدد والتكتلات اليسيارية التي أضحت أكثر تطرفا عند الحديث عن الأجانب، كما أضحى المشرعون الماليون الأوروبيون خائفون من نزيف نقدي بسبب تراجع قيمة العملة المحلية (تراجع قيمة الادخار) واستمرار تداعيات الحرب الاوكرانية (عدم ثقة المستثمرين). و من المتوقع أن يراسل بنك المغرب وزارة الخارجية المغربية لإطلاعها على حيثيات موضوع التضييق على تحويلات الجالية المغربية، وكذا تصرفات بعض المؤسسات الأوروبية التي تحاول معرفة الأصول المالية للجالية بالمغرب دون وجه حق (ليس المغرب ملزما بعد بالادلاء بأي معلومات للمؤسسات المالية الاوروبية)..وستعمل وزارة بوريطة على إدراج هذه النقطة في مفاوضاته التجارية واتفاقياته الثنائية مع الاوروبيين. وبلغت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج أزيد من 100 مليار درهم خلال السنة الماضية..في رقم قياسي يعكس بشكل واضح مدى ارتباط مغاربة العالم بوطنهم الأم وكذا استمرار الحس التضامني لديهم مع أفراد أسرهم ومع بلدهم الأصلي.