تم، سنة 2008، تحويل مبلغ قدر ب 4,7 مليار أورو من فرنسا إلى المغرب؛ وبذلك احتل المغرب الرتبة الأولى بين مجموع دول شمال إفريقيا التي تحول إليها الأموال من فرنسا إذ بلغت القيمة الموجهة إلى الجزائر 1,5 وإلى تونس 1,3 مليار أورو. أهمية المبالغ المحولة سنوياً من فرنسا استقطبت اهتمام البنوك الفرنسية التي سعت إلى تعزيز تواجدها في دول شمال إفريقيا. فاستنادا إلى «لي زيكو les echos» الفرنسية، فإن هذه البنوك تبرر موقفها بالعمل على مصاحبة الأجانب القاطنين بفرنسا وإلى التقاط سوق تحويلات الأموال في اتجاه دول الأصل وبتطوير نهج البنوك العالمية عبر بنوك التقسيط وخدمات البنوك الخاصة، وقروض الاستهلاك وتمويل الاستثمارات. المصدر الفرنسي الذي أوضح أن الطلبة الذين يتابعون دراستهم بفرنسا يعتبرون من بين الفئات المستهدفة من طرف البنوك الفرنسية، حيث يحتاجون إلى فتح حسابات وإلى تسليم ضمانات بنكية عند إيجار السكن وما إلى ذلك، كما أن الفرنسيين الذين يسعون إلى الاستقرار في المغرب والاستفادة من تحويلات تعويضات التقاعد المستحقة يحتاجون إلى تمويل شراء أو إيجار العقار. لكل ذلك لاحظت «les echos» أن البنوك الفرنسية تجد نفسها عمليا في وضعية تنافسية مع شركات تحويل الأموال. اليومية الفرنسية «les echos» ضربت المثل في هذا السياق بالمجموعة المغربية «التجاري وفا بنك» التي تتوفر على حوالي 20 وكالة بفرنسا وتسعى إلى بلوغ 40 وكالة في أفق سنة 2012، بهدف الوفاء بالتزاماتها تجاه زبنائها الذين تربطهم علاقات نظامية مع دول المغرب العربي، سواء كانوا شركات أو خواص، والعمل بشكل خاص على تسهيل مهام تحويلات الأموال التي ينجزونها. ويبدو أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستزيد من حدة تنافسية البنوك الفرنسية مع نظيراتها المغربية. إذ يرتقب أن تتقلص قيمة التحويلات الموجهة إلى الدول النامية، سنة 2009 بمعدل 7,3% مقارنة مع سنة 2008 لتستقر في حدود 305 مليار دولار، فالفارق، الذي يزيد عن 22 مليار دولار، كان من المرتقب أن يحول إلى بلدان شمال إفريقيا. اهتمام البنوك الفرنسية بالتحويلات إلى بلدان شمال افريقيا يرتقب منه أن يشمل مجالات أخرى لم يتعرض لها مقال اليومية الفرنسية، ذلك أن ضعف حصة المؤسسات المالية الفرنسية في أصول البنوك المغربية بفرنسا وحصره في حوالي 13%، فضلاً عن ضعف حصتها في القيمة الإجمالية لرأسمال البنوك المغربية، لم يحل دون تمكن البنوك المغربية من اجتياز الصعوبات التي تلت اندلاع الأزمة المالية العالمية بأقل ضرر، بل إن منها من واصل مسيرته التنموية بوتيرة سريعة ليتأكد بذلك أن الإصلاحات الهيكلية التي طرأت على القطاع المالي طيلة مرحلة تولى فتح الله ولعلو مهام الإشراف على وزارة المالية مكنت المغرب من التوفر على قطاع بنكي قوي وقادر على مواكبة العصرنة وفق المعايير الدولية التي سادت بعد أحداث 11 شتنبر 2001. فإذا كانت مصلحة البنوك الفرنسية تقوم على أن تكون الأموال المحولة من فرنسا مصدرا للرفع من أرباحها، فإن البنوك المغربية صارت مطالبة بالتصدي للتوجهات الفرنسية الجديدة خاصة أن ما اكتسبته من تجربة وخبرة عالية في مجال التعامل مع الجالية المقيمة بالخارج ومع المتقاعدين الفرنسيين الذين اتخذوا من المغرب موطناً لقضاء ما تبقى من أعمارهم، يؤهلها للإبداع في مجال التشجيع على الرفع من قيمة التحويلات إلى المغرب ومن قيم الاستثمارات في المغرب. فكما أن الجالية المغربية المقيمة في الخارج كذبت كل التكهنات وتوافدت، خلال الصيف الجاري، بأعداد فاقت بكثير ما تم تسجيله في الصيف المنصرم، فإن ما أنجزه المغرب من أوراش، شملت مختلف الميادين المساعدة على الاستقرار والاستثمار بالمغرب، يشكل حافزاً قويا أمام البنوك المغربية لتتجاوز كل الصعاب وتؤمن الاستمرار في كسب ثقة الزبناء، سواء كانوا داخل المغرب أو خارجه.