في وقت الكوارث والاوبئة والجوائح، تتعطل المدارس والجامعات، وتعلن السلطات حظر التجول، تتوقف حركة الطيران والملاحة البحرية والسفر، وتمنع الملتقيات الثقافية والمهرجانات، ويحدث الركود في الاسواق التجارية، و تتعالى صيحات ونداءات التحذير وشعارات " ابقا فدارك تحمي راسك وتحمي الغير"… صيحات قد تصلح مع البعض ولكنها لا تصلح للعاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين وعمال واداريين يجدون انفسهم في الصفوف الاولى وفي المقدمة امام العدوى بشتى اشكالها وتعد العدوى التي قد يتعرض لها الاطباء والعاملون في القطاع الصحي من القضايا الصحية المهمة والتي تفوق في تأثيرها قطاعات اخرى، والاسباب لاتنتهي، منها انهم ينتقلون بين المرضى، وبذلك قد يتسببون في نقل المرض للغير المصابين به، وانهم يعودون الى اسرهم، وقد يتسببون في نقل العدوى اليهم، فضلا عن ان مسببات العدوى بالمستشفيات قد تتصف احيانا بشراستها ومقاومتها للمضدات الحيوية، اضافة إلى انهم قد يسقطون لمرض يحاولون البحث عن علاجه، ما يجعل من حماية العاملين في القطاع الصحي من العدوى ضرورة قصوى. العاملون في اجنحة العزل بالمستشفيات يحتاجون الى اجراءات اضافية لحمايتهم من العدوى، تنفيذ الاحتياطات المعيارية الأساسية مع المخالطين ومع المرضى يحمي العاملين في القطاع الصحي واسرهم من العدوى. جندت السلطات ببلادنا من اجل توعية الساكنة بشتى الوسائل من بينها جولات في الشوارع والازقة مستعملين مكبرات الصوت للتعريف بمخاطر هذا الوباء، وبالاحتياطات الواجب اتخاذها ضده، وتمر بهذه الاماكن كوكبة من سيارات رجال الامن والسلطات، وتخرح الساكنة فوق سطوح المنازل والنوافذ وتستقبلهم بالتصفيقات والزغاريد ويرددون النشيد الوطني تحية لهم على الروح الوطنية والمجهودات التي يبذلونها ولا يمكن انكارها، كل هذا لم يسمعه ولم تره اطقم الاطباء الذين اعتكفوا بالمستشفيات لاشهر وهم يواجهون حالة لم يشهدوها من قبل، حربا غير عادلة بامكانات جد جد ضعيفة وان لم نقل منعدمة في بعض الاحيان، وشعور بالاحباط في مواجهة عدو، يقف العالم كله في مواجهته دون جدوى، ويبقى الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، دون مقدرة التخلي عن الواجب. سؤال تناساه الجميع ونطرحه للاجابة عليه من طرف المسؤولين عن الشأن الصحي ببلادنا: إلى متى سيبقى هذا الجيش الابيض مرابطا، والى متى سيتحمل افراد الاطقم الطبية كل هذه الضغوطات النفسية والعصبية، سيستطعون بثبات مواجهة المجهول في غياب الوسائل والامكانيات من مستشفيات واسرة واجنحة للعناية المركزة واقسام للانعاش مجهزة وأدوية. اما الموارد البشرية فحدث ولا حرج. الأمر خطير جدا، و لا يعلم خاتمته إلا الله سبحانه و تعالى .