فمشكلة الاختلاف في بداية رمضان ونهايته مشكلة عويصة وخاصة للناشئة أبناء الجاليات المسلمة الذين لا يعرفون شيئا عن سبب الاختلاف، فهؤلاء يريدون أن يروا اليوم الذي يتوحد فيه المسلمون في صومهم وعيدهم، ويحزنهم ذلك لأن المشكلة تتكرر كل عام، إلا أنها تختفي أحيانا في عيد الأضحى لأن هناك وحدة في وقفة عرفات. فهناك من يعتقد أن المسلمين في ألمانيا يجب أن يتبعوا السعودية في تحديد اليوم الأول في الصوم وكذلك أول يوم عيد الفطر، لأن معظمهم يتبع السعودية في وقفة عرفات والاحتفال بعيد الأضحى، ومنهم من يقول يجب عليهم أن يتبعوا المنظمات الإسلامية في المهجر، بدلا من إتباع الدول العربية والإسلامية المختلفة في تحديد بداية رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى معتقدين أن واقعهم مختلف وهذا يستلزم اجتهادا مختلفا وفقها مختلفا عن الفقه السائد في المجتمعات العربية والإسلامية، وعلى جانب آخر فإن قضية الوحدة أمر واجب شديد الأهمية بالنسبة لهم وهم يعيشون في مجتمعات غير إسلامية، لتظهر صورتهم أكثر إيجابية، بدلا من الصورة السلبية الموجودة والتي تؤدي بتشويه الإسلام والمسلمين. فالمشكلة ليست هذا وذاك، وإنما المشكلة في القدرة على حسم الخلاف وتحقيق الوحدة بإتباع أي أسلوب من الأساليب، وهذا ما ذهب إليه مسجد التقوى بفرانكفورت التابع للجمعية المغربية للثقافة والإرشاد في مؤتمره السنوي سنة 1999م الذي جمع أئمة المساجد وممثلو الجمعيات بألمانيا بحضور بعض علماء المسلمين، وتداولوا في القواعد التي يجب إتباعها لتحديد أوائل الشهور القمرية الشرعية وعلى الأخص إثبات هلال كل من شهر رمضان وشوال. نظرا لتعذر رؤية الهلال في البلاد الغربية في كثير من أيام السنة وإمكانية الاستفادة من الحسابات الفلكية العلمية المتقدمة الصادرة عن هيئات موثوقية والتي لا يتطرق إليها الشك، ورغبة في الوصول إلى قرار يتفق مع وحدة كلمة المسلمين والمحافظة على أشهر العبادة في الدخول والخروج منها، فقد اتفق المجتمعون على ما يلي: أولا: الأصل في تحديد بداية الشهور القمرية الشرعية هو الرؤية البصرية الصحيحة سواء تمت بالعين المجردة أم بالاستعانة بالراصدات الفلكية (التلسكوب)، وعلى اللجان المتخصصة أن تتحرى رؤية الهلال ما وجدت إلى ذلك سبيلا ويعلموا بها إذا ثبتت لديهم ثبوتا شرعيا صحيحا، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته). ثانيا: إذا تعذرت رؤية الهلال لسبب من الأسباب، وثبتت الرؤية الصحيحة شرعيا في أي بلد إسلامي، ووصل خبرها بطريق موثوق بها شرعا، فيمكن الأخذ بهذه الرؤية بشرط أن يؤكد الحساب الفلكي إمكانية رؤية الهلال في هذه البلاد لو لا الموانع الطبيعية. ثالثا: يتم التنسيق مع اللجنة الألمانية الإسلامية العلمية للأهلة للمشاركة في لقاءاتها والاعتماد على حساباتها للتقدير في دخول أشهر العبادة والخروج منها. ويعود للجنة المشتركة الإعلان عن دخول الشهر والخروج منه وعلى الجميع الالتزام بالقرار الصادر عنها. وهذا كان سببا والحمد لله لتوحيد المسلمين في صيامهم وأعيادهم، إن لم يكن في ألمانيا كلها ولكن عند معظم الجمعيات الدينية.