شهدت مدينة الدريوش كماهومعلوم في 3 يوليوز الحالي حدثا بارزا، يتجلى في استقالة 10 أعضاء من المعارضة بمجلسها، الذين مارسوا حقهم، واستفادوا من مقتضيات الفقرة الأولى من المادة : 60 من القانون 14 113 المنظم للجماعات، التي تسمح لنواب رئيس المجلس الجماعي، ولباقي الأعضاء التخلي عن مهامهم، بتقديم الإستقالة لرئيس المجلس، الذي يخبر بدوره عامل العمالة، أو الإقليم، أو من ينوب عنه، ويسري أثر هذه الإستقالة بعد انصرام أجل 15 يوما، ابتداء من تاريخ توصل رئيس المجلس بالإستقالة . يبدو من خلال وثائق الإستقالات الفردية التي نشرت في بعض المنابر الإعلامية بالريف، بأن الأعضاء المشار إليهم، أقدموا على هذه الخطوة لأسباب مبررة منها، نهج المكتب المسيرلسياسة الزبونية والمحسوبية، و إقصائهم ، وتهميشهم في الأمور المتعلقة بتسيير شؤون الجماعة وسكانها، والتماطل في تنفيذ مشروع التأهيل الحضري، وعدم تنفيذ مقررات المجلس، وسوء تدبير وصرف ميزانية الجماعة، وعدم تعيين مديرالمصالح، وغياب رئيس المجلس المتكرر، وقيام نائبه الأول بمهامه، وانسحابه وعدم ترافعه عن هموم ومشاكل المواطنين…، وتدهور قطاع النظافة، والبنية التحتية، وانتشار بعض الظواهر، كاحتلال الملك العمومي، والكلاب الضالة، والحمير والبغال وسط الساكنة بحي الفرح… . إن حدث استقالة أعضاء المعارضة بمجلس الدريوش، غير مفاجئ، وكان متوقعا، وجاء بعد ” البلوكاج المزمن”، وعدم توافقهم مع الأقلية المسيرة، التي صدت في وجههم كل الأبواب، وحرمتهم من المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية، وتسيير شؤون مدينة الدريوش وسكانها، مما أدى بهم الى الإحباط واليأس والقنوط، وفقدان الأمل ، الذي توج بإعلان استسلامهم للواقع الذي لم يكتب له أن يتغير. أكيد، إن هذا ليس بحل، ولا يمكن له أن ينقذ مدينتهم وسكانها من العبث والتيه، بل سيدخلهم في مأزق اخر، ويعمق من تدهورهم الإقتصادي والإجتماعي، ويمكن اعتباره بمثابة خطأ إستراتيجي، وهدية مجانية للأقلية المسيرة وأنصارها، فلن يؤدي الى حل المجلس الجماعي، ولا الى عزل، أو إقالة رئيسه، لأن القانون واضح في هذه المسألة، وخاصة المواد : 21 و59 و64 و70 و72 و73، و74 و75 من القانون 14 113 المنظم للجماعات، والمادة : 153 من القانون 11 59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية. يقال أو يعزل رئيس المجلس الجماعي، إذا انقطع بدون مبرر عن مزاولة مهامه ( المادة : 21 )، وإذا رغب في التخلي عن منصبه، وقدم إستقالته ( المادة : 59 )، إذا ارتكب أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ( المادة : 64)، أو بعد انصرام أجل ثلاث سنوات من مدة إنتخابه ( الرئيس)، بمطالبة من طرف ثلثي الأعضاء المزاولين مهامهم، أوبمقررموجه الى عامل العمالة، أو الإقليم من قبل ثلاثة أرباع المزاولين مهامهم بالمجلس (المادة : 70 ). يحل المجلس الجماعي إذا كانت مصالح الجماعة مهددة ،لأسباب تمس بحسن سير مجلسها ( المادة : 72 )، وإذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوط به، بمقتضى أحكام القانون التنظيمي والقوانين الجاري بها العمل مثل، رفض التداول واتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية، أو بتدبيرالمرافق العمومية التابعة للجماعة، أو إذا وقع اختلال في سير مجلس الجماعة ( المادة : 73 ). يتضح من خلال المادة : 74، بأن استقالة نصف عدد أعضاء المجلس لجماعة معينة، لا يعني حله ( حل المجلس) بشكل تلقائي كما يظن الكثير من الناس، وإنما سيؤدي فقط الى انقطاعه عن العمل، وسيتم تشكيل لجنة خاصة، بناء على قرار السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل 15 يوما من تاريخ انقطاع المكتب عن مزاولة مهامه، تتكون من خمسة أعضاء، من بينهم مدير المصالح، ويتولى رئاستها عامل العمالة، أو الإقليم، أو من ينوب عنه، الذي يمارس بهذه الصفة الصلاحيات المخولة لرئيس الجماعة، ويمكن له أن يفوض بقرار بعض صلاحياته الى عضو، أو أكثر، من أعضاء اللجنة التي تنحصر مهامها في تصريف الأمور الجارية، وفق إمكانيات الموارد المالية المتوفرة في السنة الجارية، مع الحرص على إجرا إنتخابات تكميلية، في ظرف ثلاثة أشهر من انقطاع المجلس عن مزاولة مهامه في الجماعات ذات نمط الإقتراع الفردي، لتعويض الأعضاء المستقيلين، شريطة أن لا يصادف الحل، أو الإنقطاع الستة أشهرالأخيرة من مدة انتداب مجالس الجماعات، والا فستستمر اللجنة الخاصة في مهمتها الى حين التجديد العام لمجالس الجماعات . وبناء على ما ذكر، بمكن القول بأن السيناريو المحتمل بمدينة الدريوش بعد استقالة المعارضة من مجلسها هو، أن تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بتعيين لجنة خاصة مكونة من خمسة أعضاء يرأسها عامل الإقليم، الذي سيمارس الصلاحيات المخولة لرئيس جماعتها، والقيام بتصريف الأمور الجارية، وفق امكانياتها المالية لهذه السنة، وسيتم اللجوء الى إجراء إنتخابات تكميلية في ظرف ثلاثة أشهر، بدل عزل، أو إقالة الرئيس، أو حل المكتب المسير، أو المجلس، لتعويض الأعضاء العشر المستقيلين، وفق ماتنص عليه المادة : 75 من قانون 13 114، والفقرة السادسة من المادة : 153 من قانون 11 59 ، المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية التي جاء فيها : ” إذا فقدت جماعة ينتخب أعضاؤها عن طريق الإقتراع الفردي ،لأي سبب اخرغير الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة ( الغاء نتائج الإنتخاب) الثلث على الأقل من عدد أعضائه، وجب إجراء إنتخابات تكميلية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ اخر شغور.”، و بدون شك بعد ذلك سيستأنف الرئيس الحالي عمله مع عناصر مكتبه بشكل عادي، إذا حصل على الأغلبية، أو سيتكرر نفس المشهد السابق إذا فازت المعارضة في الإقتراع، واستعادت جميع مقاعدها. إن الإستقالة المذكورة ستكرس أمر الواقع، وتحقق المزيد من الخسائر، وتزيد من نفور المواطنين الشباب خاصة من العمل السياسي، وتؤدي الى غضب أنصار أعضاء المعارضة الذين وضعوا فيهم الثقة، و صوتوا عليهم من أجل النظرفي انشغالاتهم، ومشاكلهم، وقضاياهم اليومية… ، لكن لايجب إغفال أنهم رموا الكرة في مرمى المكتب المسير، وحملوه مسؤولية ماجرى، وما سيحدث، وتبرأوا منه أمام الملأ، بنهجه لسياسة الزبونية والمحسوبية، ومن تدهور الأوضاع بعاصمة إقليم الدريوش الناتجة عن سوء التدبير، وبالتالي يمكن اعتبار قرارهم هذا بمثابة خطة لالتقاط الأنفاس، والتهيؤ للدخول في سباق إنتخابي مبكرالذي ظهر جليا بين عناصر بعض الأحزاب السياسية المغربية. أخيرا، يمكن القول بأن الفشل بعد التجربة أفضل بكثير من الفشل من دونها، ومحاربة كل أشكال الفساد، والإستخفاف بكرامة المواطن وحقوقه…، لا يمنع جميع القوى المعارضة بمدينة الدريوش من الوقوق مرة أخرى على رجليها، والإستمرار في نشاطها بشكل عادي و قانوني،لأن من العفن تنبثق الحياة كما يقال، وعليها أن توحد صفوفها، وتفكر في وضع خطط إستراتيجية واضحة، لتحقيق التغيير، والأهداف المنشودة، وذلك بالإقتراب من الشباب، وتأطيرهم، و حثهم على الإنخراط في العمل السياسيي …، لتظفر في الإستحقاقات المقبلة بمقاعد مريحة، تخول لها رئاسة مجلس مدينة الدريوش. عبدالمالك مروان