بقلم ذ. محمادي راسي- بني أنصار بني أنصار أصابها النعاس والعناس فاليأس ثم الخبس… القلب اعتراه الغناظ، والعين أصابها القذى، والعقل يشقى بنعيمه، لما يراه من غرائب وعجائب، وإن كان هناك عجائب الدنيا السبع أو أكثر… أما تعاجيبنا فهي من نوع آخر: مفارقات دون مقاربات، تناقضات دون توافقات، سلبيات بزت الإيجابيات، بسبب الأمزجة المتقلبة المتعصبة، وغياب بعد النظر وقلة الوعي، وعدم تظافر الجهود وتوحيد الآراء، لأجل إنقاذ مدينة بني أنصار من منعدمي الضمير المهني والحس الوطني والانتماء المدني، وبواسطة سلوكهم الهجين المرفوض عرفا وقانونا وشرعا وسنة… يريدون فرضه على الساكنة وأمام أعين الأسر البريئة من خمر ومخدرات ودعارة واستفزازات، وهذه الأفعال في نظرهم هي التقدم والحرية والحضارة، ويريدون قتل من عارضهم في ممارساتهم الدنيئة ويرونها حقا ومكسبا…!!! أرى البعض ما زال يطلب يدها وقد عنست وشاخت من ناهبي خيراتها، وتركوها جسما بلا روح، ومرضت في أطرافها كأنها أصابها الروماتيزم، وأما أحشاؤها فتخرج منها روائح العطن والثعط، ولم يقوموا بعلاجها ورعايتها والعناية بها، والبعض لا يريد خطبتها خوفا من غضب بني الغبراء والمهمشين، نعم يوجلون لأنهم انساقوا مع المتطفلين والطفيليين والمطففين والمتكففين والفضوليين الذين يعيشون عالة على ساكنة بني أنصار في عملهم وغير عملهم، وفي المكاتب والشوارع والمقاهي والأسواق إنهم كما تقول العامة [يطفطفون على المناصب]، فلم يقدموا شيئا لبني أنصار يذكر، فغرضهم النهب وجمع الثروة وشرب الخمرة والجعة، يعيشون كالجعفيل والدبق والقمل والبرغوث على ما هو حي، يستهلكون ولا ينتجون، طفيليون في المأكل والملبس والمسكن والمشرب وما يركبونه من سيارات، لأنهم وجدوا السكان في غفلة دائمة ونوم عميق، ويستغلون النفوذ الذي يكسبون من ورائه الثراء الفاحش، لا يمكن لبني أنصار أن ترتقي إذا بقيت هذه العقليات المتعفنة الجشعة الحقودة، لا بد من الانكشاط والتصريح بما لديها، إن مثل هذا السلوك ليس بمبدإ الحياة، والمنزل لا يرتفع ولا يعلو إذا كان المنزل أساسه غش، والمجتمع لا يخطو خطوات نحو الأمام، إذا ساد فيه الظلم والجشع والطمع، وإن نفس المظلوم لا تفتر ولا تلين حتى تثأر، فإن هدأت فهي وميض نار من خلل الرماد، لا تلبث أن تهيجها الرياح فتأتي على الأخضر واليابس، فاحذروا غضب المظلومين والفقراء واليتامى، هؤلاء المتطفلون لا يعملون، يتغيبون ويتخلفون عن عملهم ومكاتبهم، يركضون لجمع المال عن طريق ضرب موعد، بعد الترصد والتربص لقنص الضحية الغافلة الواجلة البريئة المستغلة، من طرف هؤلاء الذين يتوعدون بإنزال الوعيد والقمع والانتقام والقتل أحيانا، إذا لم تقم بعملية دفع الهدية أو إذا فضحت سلوكاتهم الفظيعة الشنيعة، روى مسلم قوله صلعم: والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه. وقال أيضا اليد العليا خير من اليد السفلى. هؤلاء المتطفلون يلعبون ويمثلون يخالون أنفسهم حكاما يتحكمون في عامة الناس، وهم النخبة ومن انتقاءات كفائية، وهم المختارون ويظنون جميع الساكنة حشارة وخشارة وحثالة، فدورهم الخمرة والفساد والتجوال والتحرش، واستفزاز الجيران وتسريح نسائهم ليخلو لهم الجو، وأحيانا يريدون قتل من ثار في وجههم على سلوكهم المشين في الشارع وحتى في عقر داره، يظنون أنهم في عهد السيبة والاستبداد، إنكم لا تصلحون لهذه البلدة بني أنصار عليكم أن ترحلوا أو تنتقلوا قبل أن تصيبكم وبيصة بني الغبراء، وإن بالي لا يهدأ حتى يفضح هؤلاء المتهورين الذين يضحكون على ساكنة بني أنصار، مع أنهم يخبشون و يعيشون من خيراتها ويطلبون ويسعون كالشحاحذة ليل نهار… ثم يرفعون رؤوسهم كالسنابل الفارغة، ويتبجحون بأموال اليتامى والأرامل في المقاهي والمطاعم والحانات والمواخير… لقد بلغ السيل الزبى…!!! حالة بني أنصار حالة الجمود والاستهلاك بدلا من الابتكار والاكتشاف والاختراع، وهذه الحالة هي من نتاج التخلف والضعف والوجل والفقر الثقافي والاحتجاجي، وعدم محاربة الاختلاس والجشع، ثم غياب الضمير المهني، وانعدام الوعي بما يحيط بهذه المدينة البريئة التي يستنزف خيراتها الأنذال والأقذاذ منذ ردح من الدهر يرجع إلى القرن الماضي، أظن أن في عهد الربيع العربي ومع الدستور الجديد، ستتغير بعض العقليات وستعمل على الهروب من هذه المدينة، وستشد الرحال إما عن طريق الحركة الانتقالية أو التأديبة، بعد أن كانت تحب العمل في هذه المدينة الوديعة، لأنها كانت تعتبرها البقرة الحلوب، أما اليوم فقد نضب الحليب، وحتى البعض من الذين يريدون تمثيلها سينسحبون، لأن شباب المدينة اليوم ليس بشباب الأمس فهم طرا مسلحون بالعلم والوعي الثقافي والسياسي ولهم إلمام بمحيطهم وشأنهم، وبالاحتجاج سيشهرون الورقة الحمراء في وجه كل من لم يحترم نفسه، ولم يحترم الساكنة، ولم يقم بعمله المكلف به على ما يرام، وسيفضحون المتغيبين الفاسدين المتلاعبين بمصالح الساكنة والمدينة والوطن، والذين لا يهمهم إلا جمع الدريهمات والقيام بالفساد بأنواعه، وغرضهم الاستهزاء بالساكنة، وشعارهم بعدي الطوفان. إنهم سلبيون وانهزاميون في سلوكهم ولا شخصية لهم، لأنهم يطمعون ويتطفلون وسيبقون أذلاء إلى يوم يبعثون، لأن آكل الحرام سيبقى ذليلا قلقا وجما وجلا وخشا، لأنه يأكل أموال الفقراء الأبرياء، فكأنه يأكل النار وما بالك بنار الآخرة…!!؟ لقد آن الأوان لجميع الجمعيات التابعة لبني أنصار وإن اختلفت أهدافها، لأن الاختلاف نعمة يؤدي إلى الائتلاف والتوافق والحوار، والأخير يجب أن يكون بالطريقة الهادئة الهادفة تصب في مصلحة الساكنة وتلك من شيم المثقفين الملتزمين الواعين، دون قلق وعصبية ونرجسية، بجل، آن الأوان لتفعيل أهدافها النبيلة لتسير بني أنصار إلى الأمام، لأنها تحب أبناءها المثقفين الغيورين، دون تقاعس ولا وقت للعب والمراوغة، لإنقاذ بني أنصار من المتلاعبين منذ أمد بعيد ولا رادع لهم، لأنها أصابها النعاس والعناس فاليأس ثم الخبس، ولست متفقا مع محمد الماغوط في آخر قولته: [لكي تكون شاعرا عظيما يجب أن تكون صادقا، ولكي تكون صادقا يجب أن تكون حرا، ولكي تكون حرا يجب أن تعيش، ولكي تعيش يجب أن تخرس]، فإذا خرس الإنسان، ولم يجهر بالحق، ويحارب الظلم والفساد، فهو ميت أو شيطان أخرس، وهذا الخرس هو الذي أفضى بنا إلى الذل والتقاعس ، والخرص أدى بنا إلى ازدياد الخراصين حتى أصبحنا خارصين لأننا نؤمن بخرصهم، وأصبحت عجلتنا معطبة، وأرجلنا غير قادرة على الحركة، وأيدينا لا تستطيع أن تتناول اليراع لتكتب، وعقولنا عاجزة عن الابتكار، وألسنتنا عقدة، وضمائرنا ميتة، فكأننا صم عمي بكم لا نشعر ولا نحس. No related posts. شارك هذا الموضوع مع أصدقائك Tweet