البرلماني ورئيس بلدية الناظور في حوار للمساء منشور الجمعة 30 شتنبر: يصعب إقناع المغاربة بأن الانتخابات ستكون شفافة إذا أشرفت عليها الداخلية مولاي إدريس المودن خلق طارق يحيى، رئيس بلدية الناظور والبرلماني عن المدينة، الحدث في الأسبوع الماضي حينما صرح أمام الطيب الشرقاوي وزير الداخلية بأن عامل إقليمالناظور العاقل بنتهامي يقطن في فيلا مملوكة لتاجر مخدرات، وبأن مسؤولين في المدينة لا يحترمون الملك حين يقدمون له مشاريع غير قانونية. طارق يحيى يعود في هذا الحوار مع «المساء» ليقول إن العامل المذكور كان سببا في توقيف مجموعة من المشاريع في المدينة بهدف كسر شوكة السياسيين لأغراض معروفة هي تشجيع حزب الأصالة والمعاصرة. - خلقت الحدث الأسبوع الماضي في اجتماع لجنة الداخلية حيث قلت إن عامل الناظور يقطن في فيلا يملكها تاجر مخدرات، ما هي خلفيات ما صرحت به؟ ما يهمني من كل ما حدث هو عمق الأشياء، لأن ما صرحت به لا مجال للتهرب منه، إما أنه حقيقي أو أنه غير ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كم حالة في المغرب من هذا القبيل لدى وزارة الداخلية؟ ومن يتحمل مسؤولية فتح تحقيق في هذه الأمور؟ وهذه ليست مهمتي لأن الداخلية تملك العديد من الأجهزة التي يمكنها أن تتحقق من كون العامل يقيم في فيلا مملوكة لتاجر مخدرات. - علام ارتكزت في اتهامك للعامل بأنه يقطن في فيلا مملوكة لتاجر مخدرات؟ لدي وثائق تثبت الأمر. هل تريدون نسخا من الأحكام الصادرة في حق مالك الفيلا في قضية مخدرات؟ أم تريدون محاضر الشرطة؟ ما أود التركيز عليه هنا هو أنني في اجتماع اللجنة لم أطرح المسألة بهذا الشكل، وقلت لوزير الداخلية: أنتم الآن ترغبون في طي صفحة الماضي وتنزيل مضامين الدستور الجديد، وتريدون القطع مع الفساد، ونحن نساندكم في الأمر كله، ولكنه كوزير يستقر في الرباط، والولاة والعمال هم من يزاول العمل الميداني، وهم من يتحمل مسؤولية مراقبة الانتخابات وقطع الطريق على المفسدين. هؤلاء العمال والولاة إن رغبوا في تحقيق هذا الهدف عليهم أولا أن يبدؤوا بأنفسهم، ويجب ألا تكون لهم أي علاقة بالمفسدين، لا من بعيد أو من قريب. وفي الحالة التي تحدثت عنها الآن نجد أن المعني بالأمر تم منعه من قبل وزارة الداخلية خلال انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين في شتنبر 2009، ولولا المنع لم يكن ممكنا لنا أن نعرف أبدا حقيقة تورطه في تجارة المخدرات. والحال أن قضيته تعود إلى سنة 1995، وقد فوجئنا حين تم منعه من الترشح، حتى أننا كنا مستعدين لمساندته، قبل أن يعترف بأن لديه ملفا متعلقا بالمخدرات. المنع يعود إلى سنة 2009، وفي 2010 فوجئنا بعامل الإقليم ينتقل إلى فيلا المعني بالأمر. والغريب أن مالكها كان يقيم بها رفقة أسرته ووالديه، وتركها ليقيم في شقة وسط المدينة، حتى أن أحد أبنائه اضطر إلى كراء شقة، وكل هذا حدث لفسح المجال أمام العامل من أجل الإقامة في الفيلا الفخمة. أنا لا يهمني أي شيء في هذه الحكاية، وأعتبر نفسي مواطنا عاديا مثل البقية، سمعت وزير الداخلية يقول إن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وبأننا سنقطع الطريق على المفسدين، لأفاجأ بأن عامل الناظور يقيم في فيلا يملكها شخص منعته وزارة الداخلية نفسها من الترشح لأن ملفه غير نظيف. لا يمكننا أن نناقش خلفيات ترك العامل لإقامته الأصلية، ربما لأنها في طور الإصلاح أو غيره، لكن السؤال الذي يطرح بإلحاح هو: لماذا تم اختيار هذه الإقامة بالذات؟ ثم ألم يكن ممكنا اختيار إقامة بديلة غير إقامة شخص ملفه متسخ؟ - لكن لماذا لم تفترض حسن النية لدى العامل في اختيار هذه الفيلا؟ يا سيدي، الأمر يتعلق بجهاز رسمي للدولة لديه جميع الوسائل لضبط الأشخاص وارتباطاتهم، ثم المعطيات التي منع على أساسها الشخص من الترشح في 2009 وتعود إلى أزيد من 14 سنة هي نفسها المعطيات التي لدينا سنة 2010 حين تم كراء إقامته. هل يكون من المعقول أن تتغير المعطيات في ظرف سنة؟ أقول لوزير الداخلية إنه إذا كان يريد أن تكون هناك مصداقية فيما تبقى من وقت إلى حين تنظيم الانتخابات، فإن هناك تناقضات خطيرة على أرض الواقع يجب الحسم فيها. - كانت هناك تصريحات رسمية مؤخرا تفيد بأنه لا توجد لائحة للممنوعين في الانتخابات المقبلة. ما هو ردك على هذه التصريحات؟ يصعب على الداخلية أن تصرح بوجود لائحة للممنوعين من الترشح، إذ يصعب منع أي شخص في غياب أي حكم قضائي في حقه، وخلال السبت الماضي اجتمعت الأحزاب مع وزير الداخلية لبحث مشروع «ميثاق الشرف»، ويظهر أن وزارة الداخلية تريد تحميل الأحزاب مسؤولية تقديم مرشحين نزهاء، مما يعني عدم منح التزكيات للفاسدين. أنا لا أقول إن وزارة الداخلية ليست لها رغبة في ضمان نزاهة الانتخابات، لكن الفساد لا يتعلق بطرف واحد، ووزارة الداخلية تعتقد أن رجالها كلهم بعيدون عن الشبهة، لكن عليها أن تبدأ بنفسها أولا وتنقي دواليبها، وحتى في جواب الوزير قال إن الأمر يتعلق ببشر فيهم السلبيات والإيجابيات. - وزير الداخلية لمح في قضية عامل الناظور إلى أن الأمر قد يتعلق بخطأ غير مقصود. ما هو تعليقك؟ ما قاله الوزير هو أن الطرف الآخر ليس حاضرا في الاجتماع، ومن الضروري الاستماع إلى وجهة نظره، لأن الأمر يتعلق بأسماء بعينها، واللجنة كلها كانت تنتظر جواب وزير الداخلية عما طرحته من إشكاليات عميقة، لكنه كان صريحا وقال إنه لا يمكنه أن يجيب في الحين طالما لا يتوفر على معطيات عقب التحقيق الذي تم فتحه. الوزير الحالي للأسف قادم من أسرة القضاء، وليس لديه مسار طويل في هذا المجال لأنه ما يزال جديدا على الداخلية، وأظن أنه في قناعته أن الوالي أو العامل المعين من طرف الملك هو شخص مقدس، ولا يمكن لأي أحد أن يشكك في نزاهته، وكل ما يقوله الوالي أو العامل صحيح بخلاف ما يقوله الطرف الآخر، سواء كان نائبا أو رئيسا أو صحافيا، وأنا أوضحت له بأمور مضبوطة بأن العامل إنسان مثل البقية وتجب مراقبته. وقلت لوزير الداخلية إنه من الضروري وضع آليات لمراقبة الولاة والعمال لأن بعضهم يتصرف وكأن لديه «بطاقة بيضاء» يفعل بها ما يشاء، ولدينا فيما يحدث بأكادير بين العمدة والوالي أفضل مثال. أريد التأكيد على أن ما طرحته أمام وزير الداخلية كان هدفه الأساسي كشف المستور عما يحدث في الناظور، ولم يكن هدفي شخصيا لأنني لا أنوي الترشح في الانتخابات المقبلة. - ولماذا ترفض الترشح؟ ليست هناك ضمانات كافية، والقوانين التي تم وضعها لا تمنح الضمانات التي تجعل من الانتخابات محطة متميزة. - هناك من يطرح تخوفك من الخسارة في الانتخابات، خاصة أن هناك تساؤلات كثيرة حول أدائك في المجلس البلدي. ليس لدي ما أخشاه، لأني ترشحت مرات عديدة وخسرت في أكثر من محطة، أين يكمن المشكل؟ أريد التأكيد على أن وزارة الداخلية بتاريخها في تنظيم الانتخابات وكل ما كان يحدث من تزوير وتلاعبات، كان أجدر بها في هذه المرحلة أن توكل مهمة الإشراف على الانتخابات للوزارة الأولى أو لجهة مستقلة تماما عنها وعن الولاة والعمال. لأن الشعب المغربي لم يعد يثق في الجهة التي دأبت على تنظيم الانتخابات، ولدينا تجارب سيئة في هذا الصدد فدائما تخرج بنتائج لا ترضي أي طرف، سواء الأحزاب أو المواطنين. وإذا أردنا أن نعطي ضمانات أكبر مقارنة بالسنوات السابقة في عهد الدستور الجديد، فما الذي يمنع من إنشاء هيئة تشرف وتراقب الانتخابات؟ يصعب اليوم إقناع أي مغربي بأن الانتخابات المقبلة ستكون شفافة إذا استمر إشراف وزارة الداخلية عليها، وما زلت أتذكر في انتخابات سنة 2003 كيف تم احتجازنا يومين في بوزنيقة حتى تم اختيار رئيس للمجلس، رغم أننا حصلنا على الأغلبية. - قلت أيضا في البرلمان أمام وزير الداخلية إن هناك مسؤولين لا يحترمون الملك. نعم، هذا ما سبق أن أشرت إليه من خلال قولي إن بعض العمال صاروا يتحركون وكأنهم يحملون «بطاقة بيضاء»، وهم من ينظم ويشرف على الزيارات الملكية للأقاليم، وفي هذا الباب لا أحد يجادلهم أو يراقبهم، وخلال هذه الزيارات تتم برمجة عدد من المشاريع لا يعلم بها أي مسؤول في المنطقة، وكثير من المشاريع تقدم دون أن تتوفر على ملفات متكاملة، وقد يحدث أن يقدم مشروع دون دراسات أو قطعة أرضية ودون توفير التمويلات اللازمة، والذي يحدث أن الوالي أو العامل يريد أن يظهر أمام الملك بمظهر المسؤول النشيط، مما يمكنه من الترقي في المناصب، وهذا أمر محمود على العموم، لكنه يجب أن يتم في احترام تام للقوانين. المشروع الذي أثرته أمام وزير الداخلية هو المشروع الثاني الذي قدم إلى الملك دون أن يكون له أساس قانوني بالنسبة إلى القطعة الأرضية التي ستحتضنه، وهذا شبيه بما حدث سنة 2009، حين دشن الملك مسجدا بالعروي لم ينجز إلى الآن لأن القطعة الأرضية في ملك الخواص، والأمر أمام القضاء لفض النزاعات. هل سيكون لزاما في مثل هذه الحالات أن يذهب الملك لمراقبة حقيقة المشاريع التي تقدم إليه؟ هذا غير منطقي وغير مقبول لأن الملك يثق في الرجال الذين عينهم. وبالعودة إلى المشروع الذي أثرته أمام وزير الداخلية، فالطامة الكبرى أنه يستحيل إنجاز هذا المشروع لأن القطعة الأرضية المقترحة توجد في ساحة عمومية، يمنع فيها البناء بشكل كلي، ونحن استغربنا للشجاعة التي يملكها مسؤول ليقدم مشروعا أمام الملك في مكان لا يمكن أن يبنى فيه لأن الأمر مرتبط بمخطط التهيئة وأمور أخرى. وأنا قلت للوزير: كيف يقبل أن يقدم للملك مشاريع لا أساس قانونيا لها، هو الذي يقول في جميع خطاباته إنه ضامن لترسيخ دولة الحق والقانون؟ وهل من مصلحة البلاد أن نقدم مشاريع للملك تخرق القانون؟ هذا أمر خطير لأن الرسالة التي نعطيها في ممارسات من هذا القبيل هي أن هناك أناسا فوق القانون وبأن القانون ليس فوق الجميع. - سعيد الرحموني، رئيس المجلس الإقليمي للناظور، الذي تتهمه بالاتجار في المخدرات يقول إنك جاسوس ومهرب أموال وتتخابر مع إسبانيا. ما هو ردك؟ سيأتي وقت تُوضَّح فيه الأمور، وهذا شخص في خدمة آخرين لأن العامل لا يمكنه أن يجيب عما طرحته أمام وزير الداخلية، وما صرح به الرحموني محاولة لتحويل مسار النقاش نحو أمور جانبية. أنا مستعد لتوضيح أي تساؤلات يمكن أن يطرحها أي شخص، وأنتظر بفارغ الصبر أن يتم رفع دعوى قضائية ضدي، كما تمت إشاعته، لأنها الوسيلة المناسبة لتوضيح الأمور وليقدم كل شخص ما لديه من وثائق تثبت ما يصرح به. المشكل الأساسي في منطقة الريف والشمال عموما هي آفة المخدرات، وارتباطات بعض رجال السياسة بها، وهذا الشخص لديه سابقة في هذا المجال ويمكنه أن يقول ما يشاء في حقي، وهذا لن يشفع له في إبعاد الشبهة عنه. عليه أولا أن يقدم ما يبرر أنه لم يعد يتاجر في المخدرات ويقدم ما يثبت أنه كان مظلوما في الملف كما يصرح، أما إن كان يملك أي معطيات تدينني، فما عليه إلا أن يقدمها، وهناك أجهزة أمنية مهمتها البحث في ارتباطاتي وعلاقاتي وحقيقة تهريبي للأموال خارج البلد. أنا لدي أملاك في مليلية ولدي استثمارات فيها، وما يجب أن يفهمه الكثيرون هو أن مليلية أرضنا وما تزال لدينا أراض شاسعة ورثناها عن أجدادنا هناك. الأمور متشابكة ومن يتحدث بهذا الشكل غير المنطقي ويشكك في ارتباطنا بجذورنا يعطي مبررات للقول بأن مليلية إسبانية وليست مغربية (…) أنا لم أُثر اسم سعيد الرحموني في اجتماع لجنة الداخلية، ووسائل الإعلام هي التي كشفت اسمه، والأمر بالنسبة إلي عميق ولا يتعلق بصراع شخصي مع أي كان، والمشكل الأساسي يتعلق بآليات مراقبة الولاة والعمال، وهذا هو صلب الموضوع، وقد قلت لوزير الداخلية إنه طالما لا نعتبر الولاة والعمال مثل سائر موظفي الدولة ويخضعون للمراقبة والمحاسبة سيكون صعبا أن نقنع المغاربة بأن هناك تغييرا يحدث. - وما هي طبيعة علاقتك بعامل الناظور؟ هذا العامل كان سببا في توقيف مجموعة من المشاريع في المدينة بهدف كسر شوكة السياسيين لأغراض معروفة هي خدمة أجندة حزب الأصالة والمعاصرة. وخلال الاجتماع الذي جمعنا الأسبوع الماضي قلت لوزير الداخلية: أريد أن أعرف هل يوجد وزير داخلية غيركم؟ ومن يتحكم في الآخر؟ هل العامل يتحكم في الوزير أم العكس؟ وتساءلت: هل يأتمر عامل الناظور بأوامر شخص آخر غير وزير الداخلية الحالية؟ العامل الحالي لديه علاقة متشابكة مع قيادي في الأصالة والمعاصرة، واقصد هنا إلياس العماري، لأنهما يتحدران من الدوار نفسه، وعامل الناظور لديه علاقة أيضا مع علال السكروحي، العامل المكلف بالجماعات المحلية، لأنه المكلف بالتوقيع على عدد من الملفات، من بينها ملف مشروع بقيمة 15 مليار سنتيم يهدف إلى إعادة تهييء مجموعة من الأحياء الهشة، وهو مشروع وقعته أنا ووزير الداخلية أمام جلالة الملك في صيف سنة 2009، وتمويل المشروع تتحمله الولاية والبلدية والعمران، وما يزال إلى الآن حبيس رفوف وزارة الداخلية، رغم التحقيق الذي فتحه وزير الداخلية وأشرف عليه سعد حصار كاتب الدولة في الداخلية، الذي أوفد لجنة إلى الناظور للبحث في تفاصيله، لكن دون نتيجة. - وما هي طبيعة علاقتك بإلياس العمري؟ ليست لدي أي علاقة به، وإلياس العماري قام بمجهود كبير في الناظور لكي يضمن مكانا لحزب الأصالة والمعاصرة في هذه المنطقة، لكن من حسن الحظ أنه فشل في هذه المهمة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الحسيمة والريف بشكل عام، ولا يمكن للعماري أو عشرة من أمثاله أن يسيطروا على منطقة لها أناسها، رغم محاولات بعض رجال السلطة الذين يحابون مسؤولي «البام»، لكنهم يجدون صعوبة في إقناع الريفيين باتباعهم. الأصالة والمعاصرة لم ينجح في الناظور ولا في الحسيمة مثلما نجح في مناطق مغربية أخرى، لأن لمنطقة الريف خصوصيتها. وبعبارة أوضح، أقول لإلياس العماري: «الريف بزاف عليك»، والطموح والهدف الذي يسعى إليه أكبر منه بكثير، ورغم أن العامل يسانده ورغم التحاق رئيس المجلس الإقليمي بحزبه على غرار مجموعة من الأشخاص، فإن العملية لم تنجح لسبب بسيط هو أن المنطقة تستعصي عليهم، سواء تدخل العامل أم لا، ويستحيل أن يأتي شخص كيفما كان ليحتكر كل شيء. إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع