سال مدادنا كثيرا وجفت الاقلام وبحت الحناجر وتاهت الكلمات..لطالما صدحنا وصرخنا وقلنا كفى فسادا وكفى فوضى واستهتارا بارواحنا وارواح ابنائنا، فهل يا تراه اصبح كل ذلك فائتا للاوان في الوقت الذي يموت فيه شبابنا في البحار هربا من الظلم، ومن بقي منهم هنا ينتضر دوره في صف المصابين بالسرطان. قلنا الكثير طيلة سنين خلت،حتى كادت اقلامنا تجف واعتزلنا الحروف، في محاولة بئيسة لجرد الواقع المرير بالناظور، عل مسؤولينا يستفيقون من سباتهم لينضروا الى حال هذا الاقليم الجريح كجرح محارب خاض اعتد المعارك ليعود جريحا..هو جرح التهميش الذي نزف طيلة عقود خلت..تهميش المركز الممنهج الذي قسمنا لنافعين وغير نافعين وصالحين وطالحين..ووأد احلامنا وغيم سماءنا. نادينا لحياة من ننادي علهم يستيقظون لانقاذ ابناء الناظور من قبضة الفساد ومستنقع الفوضى وجحيم البطالة التي حولت شباب الريف الى مشاريع من مهاجرين سريين يركبون قوارب الموت ويواجهون امواج البحار، منهم من ترك وراءه اما وحيدة كان هو معيلها، ومنهم من ترك اسرة بأكملها كان هو وحده السند والمعين لابناء لم يشبعوا بعد من حنان أبيهم ودعوه علهم يرونه مرة اخرى او قد لا يفعلون، ومنهم اصدقاء لنا توفرت لهم اساسيات الرزق والمادة لكن انعدمت لديهم شروط العيش الكريم من تعليم وبنية وصحة وكرامة تصان..وهربا من شبح السرطان الذي بات يأخذ منا احباءنا الواحد تلو الاخر حتى امتلأت المقابر: هنا فلان بن فلان مات ضحية للسرطان. أطلق أبناء قريتي الناظور نداء على التواصل الاجتماعي الافتراض لتشيد الدولة مركزا لعلاج مرضى السرطان المقدرين بالالاف بهذه المنطقة الضائعة التي تركت وحيدة لمجابهة غول المرض الخبيث الغدار، حتى اضحى الواحد منا ينتضر دوره كل يوم..لكن هل سمع النداء؟ فأنا مقتنع ان كل خطوة لابناء قريتي يراها المركزيون والحكام والمسؤولون مجرد صيحة اخرى فارغة ستذهب مجرى الرياح كما ذهبت مطالب شعب مغربي باكمله نادى بكل شيء جميل في وطن يرونه قبيحا بقبح منتخبيه..ألا يحق لنا ان نطلب حقنا في الحياة والوجود؟ لك الله صديقي الناظوري، لكن الله امهاتنا الناظوريات..لا المستعمر كان رحيما معكم أن قصفكم بالكيماويات المسرطنة والقنابل وكل انواع المدمرات المشروعة وغير المستباحة،ولا دولتكم كانت حنونة عليكم بعلاجكم من مخلفات المستعمر الخبيث وطلب التعويض بطريقة جدية وحازمة وموضوعية..لكم الله تركتم تصارعون قساوة الحياة في منطقة نهش جلدها الوحوش وتنكر لها الناكرون بعد ان اتوا على اخضرها ويابسها..ففر ابناؤها الى الشمال وهاجروا جماعة وتركوا وطنهم للناهبين يطلون علينا من نوافذ التلفزات واثير الاذاعات للتطبيل بالازدهار الكاذب وتلميع الصورة الوسخة المزيفة لبلد تشبع بالفقر والنهب.. فيا أيها الناظوريون؛ أين المفرُّ؟! السرطان من ورائكم والبحر أمامكم، فليس لكم والله! إلاَّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه المدينة أضْيَعُ من الأيتام في مآدب اللئام. أنا خالد الوليد: أطالب بمركز لعلاج مرضى السرطان بالناظور لانني لا اريد ان اكون الضحية القادمة للمرض الفتاك..ولا أريدني أفكر يوما أن أغادر بدوري الى لارجعة كما فعل الملايين قبلي فرارا من المرض وطلبا للاستقرار.