E-mail : [email protected] لقد صدق النبي الكريم حيث قال :”بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء”،حيث أصبحت الأمة الإسلامية لا يربطها بالإسلام إلا لقبها ، فقد غابت راية الإسلام عن أرض الإسلام، وحكمتها نظم وأوضاع علمانية لا دينية، وأصبحت الدعوة إلى أن يكون الإسلام بكتابه الكريم، وسنة رسوله الأمين أساس الحكم، جريمة وخيانة في أكثر دول العالم (الإسلامي) تُحاكم عليها قوانين تلك البلاد بالإعدام بتهمة تغيير شكل النظام !!. يقول الله سبحانه وتعالى : (( وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فأرهبوني وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون )) (النحل :51،52)،ويقول عز وجل : (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )) (المائدة :50)، ولما كان بيان الحق وإبلاغه للخلق هو أمانة في عنق كل من علم شيئاً من حقيقة هذا الدين، فقد كتبت هذا المقال بيانا لحقيقة الإسلام الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، وإقامة الحياة كلها بمقتضى المنهاج الرباني،وفضحا للعلمانية بكشف المخبوء من حقيقتها،ودعوة للنجاة في الدنيا والآخرة بقبول شرع الله، ونبذ كل شريعة يقوم عليها علمانيون يقفون في طريق الإسلام والتوحيد الخالص كأرباب زائفين؟! إن كلمة علمانية ترجمة خاطئة لكلمة(Secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ ” العلم ” ومشتقاته على الإطلاق،فالعلم في الفرنسية معناه .( Science ) يقول معجم أكسفورد شرحاً لكلمة ( Secular) : “1- دنيوي ، أو مادي ، ليس دينيا ولا روحيا ً : مثل التربية اللادينية ، الفن أو الموسيقى اللادينية ، السلطة اللادينية ، الحكومة المناقضة للكنيسة . 2- الرأي الذي يقول أنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية ” ويقول المستشرق ” أر برى ” في كتابة ” الدين في الشرق الأوسط ” عن الكلمة نفسها : ” إن المادية العلمية والإنسانية والمذهب الطبيعي والوضعية كلها أشكال اللادينية ، واللادينية صفة مميزة لأوربا وأمريكا ، ومع أن مظاهرها موجودة في الشرق الأوسط فإنها لم تتخذ أي صيغة فلسفية أو أدبية محددة ، والنموذج الرئيسي لها هو فصل الدين على الدولة في الجمهورية التركية ” وإذن فالعلمانية دولة لا تقوم على الدين، بل هي دولة لا دينية، تعزل الدين عن التأثير في الدنيا، وتعمل على قيادة الدنيا في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية وغيرها بعيداً عن أوامر الدين ونواهيه. ولا شك أن المفهوم الغربي العلماني للدين، على أنه علاقة خاصة بين العبد والرب، محلها القلب، ولا علاقة لها بواقع الحياة.. جاء من مفهوم كنسي محرف، شعاره “أد ما لقيصر لقصير، ما لله لله”، ومن واقع عانته النصرانية خلال قرونها الثلاثة الأولى، حين كانت مضطهدة مطاردة من قِبل الإمبراطورية الرومانية الوثنية، فلم تتمكن من تطبيق شريعتها، واكتفت بالعقيدة والشعائر التعبدية اضطراراً واعتبرت ذلك هو الدين وإن كانت لم تتجه إلى استكمال الدين حين صار للبابوية سلطان قاهر على الأباطرة والملوك، فظل دينها محرفاً لا يمثل الدين السماوي المنزل. فلما جاءت العلمانية في العصر الحديث وجدت الطريق ممهداً، ولم تجد كبير العناء في فصل الدين عن الدولة، وتثبيت الدين على صورته الهزيلة التي آل إليها في الغرب..أما موقف الإسلام في هذا الصدد فلا يحتمل التأويل ، إنه يعلمنا أولاً أن عبادة الله الدائمة والمتمثلة في أعمال الحياة الإنسانية المتعددة جميعها هي معنى الحياة نفسها ويعلمنا ثانياً أن بلوغ المقصد يظل مستحيلاً ما دمنا نقسم حياتنا قسمين اثنين : حياتنا الروحية وحياتنا المادية ، يجب أن تقترن هاتان الحياتان في وعينا وفى أعمالنا لتكون كلاً واحداً متسقاً، إن فكرتنا عن وحدانية الله يجب أن تتجلى في سعيها للتوفيق والتوحيد بين المظاهر المختلفة في حياتنا. وهنا اطرح سؤالا انطلاقا من مبادئ العلمانية…فإذا كانت الدنيا منفصلة عن الآخرة والحياة الروحية منفصلة عن الحياة المادية، فهل لكل منهما اله منفصل ومستقل عن الآخر أم انه اله واحد؟ نحن كمسلمين نرفض العلمانية لأسباب كثيرة و عديدة اذكر منها بعض الأمور، حيث أن العلمانية تحل ما حرم الله بكونها تبيح الزنا برضا الطرفين، و”المتشدد” منها يشترط موافقة الزوج أو الزوجة..ما لم يقدم احد الزوجين شكوى بالخيانة الزوجية.. والكثير منها يبيح اللواط للبالغين.. وكلها يبيح الخمر والخنزير !!.. كما تبيح التعامل بالربا في المعاملات البنكية و تقدم به القروض، بل ويدخل فيه الناس كرها….والأكثر من ذلك فالعلمانية في مجملها كفر بما انزل الله بحيث أنها تستبدل القانون السماوي بقانون وضعي من صنع البشر و الله تعالى يقول : {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} [المائدة:50]، يقول ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: ينكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلا ما سواه من الآراء والأهواء التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجاهلات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.. فكان من نتاج العلمانية أن ظهر علينا أناس يدعون إلى الإفطار في رمضان علنا زعما أننا في دولة الحريات، كما ظهر آخرون يدعون إلى إنشاء جمعيات للشواذ جنسيا من لواط و سحاق …..،فعلينا كمسلمين أن نحاول صد هؤلاء ودحض أفكارهم وعلمانيتهم فهذه مسؤوليتنا جميعا و مسؤولية كل من شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، على اختلاف في الدرجات، باختلاف القدرات والمواقع والظروف، وليعلم أن الإسلام بحاجة لجهده وإن قل.. فلا يستسلم ولا يستكين ولا ينعزل داخل كيانه الفردي.. وخير ما أختم به، كلام الله تعالى إذ يقول: : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} [النساء: 59].