أصدرت محكمة هولندية أحكام قاسية بحق عدد من الشبان ادينوا بمحاولة احراق احد المساجد في مدينة هارلم، في اطار سلسلة اعتداءات وقعت عقب قيام الشاب الهولندي من اصل مغربي محمد بويري بقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ في امستردام في مطلع نوفمبر 2004، عقب عرض فيلم للمخرج يحمل اسم ” الخضوع ” وتضمن مشاهد لسيدات عاريات مكتوب على اجسادهن آيات قرآنية. وأعقب هذا الحكم العديد من ردود الأفعال ، التي تباينت بين مؤيد ومعترض عليها ، حيث أعربت وسائل الإعلام الهولندية عن ” استغراب البعض لهذه الأحكام القاسية التي تصدر لأول مرة في هولندا في قضية كهذه، وعبر البعض الآخر عن ارتياحه لتغيير قد تكون الملكة بياتركس هي التي أطلقت شرارته من خلال خطابها الخاص بأعياد المسيح، بدون أن تدري”. وكانت الملكة قد شددت في خطابها السنوي على ضرورة استعادة تقاليد التسامح الهولندية، وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على فئات كاملة من المجتمع . وأصدرت محكمة هارلم مؤخرا، أحكاما بالسجن تتراوح ما بين ثمانية أشهر وعشرة أشهر سجنا و120 ساعة أشغال ضد فتيان أدينوا بممارسات عنصرية. سيقضى المحكومون نصف المدة فقط في السجن، إذا التزموا بسلوك لائق خلال سنتين، وإلا فسيعودون إلى الزنزانة لقضاء ما تبقى من العقوبة. وصدر الحكم بحق ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم ما بين 18 سنة و19 سنة، وهم من حوكموا بخمسة اشهر سجنا نافذة ومثلها سراحا مشروطا وأشغال لمدة 120 ساعة، وفي حق شاب يبلغ 16 سنة، حوكم بأربعة اشهر سجنا نافذة ومثلها سراحا مشروطا وبأشغال لمدة 120 ساعة، وذلك بعد إدانتهم بالاعتداء على مسجد في مدينة هارلم، الواقعة على بعد 20 كم غرب العاصمة أمستردام. وتقول اذاعة هولندا العالمية في تقرير لها حول هذا الصدد انه في الصيف الماضي، وبالتحديد بعد منتصف ليلة صيفية هادئة من ليالي يوليو، ألقى هؤلاء الشباب بقنابل المولوتوف على المسجد، فشبت النيران بالأشجار المجاورة. لم يمس المسجد أي سوء لأن القنابل تفجرت فوق المساحة الخضراء القريية، وبعضها سقط في بحيرة بالجوار ولم يصل منها شيء للمسجد. وبذلك فلم تلحق بالمسجد أية أضرار مادية، إلا أن الضرر النفسي والاجتماعي كان كبيرا، لاسيما أنها لم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها المساجد للاعتداء في هولندا، فمثل هذه الاعتداءات تكررت مرارا، خصوصا بعد مقتل المخرج السينمائي تيو فان خوخ في 2004 على يد المسلم محمد بويري. ويأتي هذا الحكم ليؤشر تحولاً في التعامل مع الممارسات العنصرية، حيث يبدو أن هولندا بدأت تتخذ مسارا أكثر تشدداً في محاربة العنصرية والتمييز العنصري، وفي إرساء أسس التسامح من جديد وفي هارلم نفسها، كان قد سبق هذا الاعتداء بوقت وجيز، اعتداءان آخران تجليا في كتابة شعارات معادية للإسلام على جدران مسجدين آخرين، ورسوما للصليب المعقوف وكسر الزجاج. وسرعان ما ألقت الشرطة القبض على خمسة متهمين بعد هذا الاعتداء الأخير، بفضل شهادة الشهود. أربعة من المشتبه بهم وهم هؤلاء الذين حكموا اعترفوا أثناء التحقيق في القضية أن الدواعي التي دفعتهم للإقبال على ما فعلوه دواع عنصرية. قالوا ان المساجد كثرت بهولندا، وان المسجد الذي اعتدوا عليه، احتل ملعب كرة السلة الذي كانوا يلعبون فيه. وكانت النيابة العامة قد طالبت بحكم في حق الثلاثة البالغين بسنة ونصف السنة سجنا نافذة وفي البالغ 16 سنة بثمانية اشهر نصفها بالسراح المشروط مع شغل لمدة 150 ساعة. ويأتي ذلك بعد أن وجه المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الارهاب جوسترا تايبيه تحذيرا لزعيم اليمين المتطرف في البلاد خيرت ويلدر، بانه ربما يواجه احتمالية ضرورة الاختفاء عن الانظار لفترة من الوقت او مغادرة البلاد في اعقاب عرض الفيلم المستفز الذي يتناول القرآن الكريم الذي ينوي عرضه قريبا.