تعيش الجالية المغربية بهولندا هذه الأيام أحلك أيامها بسبب حملة الاعتداءات التي تستهدف أخيرا المسلمين عامة والمغاربة على وجه الخصوص. وقال مصدر ديبلوماسي مغربي، في تصريح هاتفي خاص بالتجديد، إن «الهولنديين أعلنوا الحرب ضد المسلمين في بلادهم دونما تفريق بينهم»، نتيجة حادث مقتل المخرج السينمائي الهولندي تيو فان جوغ، المعادي للمسلمين، على يد شخص قيل إنه من أصول مغربية. ووصف المصدر الديبلوماسي، الذي يعمل بالقنصلية المغربية العامة بالعاصمة الهولندية أمستردام، الوضع الذي تعيشه الجالية المغربية في هولندا بالمأساوي جدا، حيث تعالت الاحتجاجات المعادية لها في شتى الطرقات، مثلما تعددت أشكال الانتقام بين اعتداءات جماعية، في شكل إحراق المساجد أو المدارس التي يؤمها المسلمون، وبين اعتداءات فردية بالضرب واعتراض المارة من المغاربة أو غيرهم من المسلمين. وقال المصدر إن جهات حكومية هولندية طالبت القنصلية المغربية العامة بإصدار بيان اعتذار واستنكار، بيد أن القنصلية لم تستجب للطلب لحد الساعة، ذلك أن «الطرف الآخر (الضحية) أساء بدوره كثيرا للمسلمين، ومن شأن البيان الاستنكاري أن يؤجج مشاعر المغاربة والمسلمين عامة بهولندا»، على حد قول المصدر الذي أوجز ما تعيشه القنصلية المغربية في أمستردام بتشبيهها ب"المستجير بالرمضاء من النار". وزاد المصدر الديبلوماسي موضحا أن هناك عددا من الجمعيات والمنظمات المدنية الهولندية والمغربية تحاول تطويق المسألة، لكن دون جدوى، ف"مشاعر الهولنديين ما زالت متأججة جدا". ووفق ما نقلته وسائل إعلام دولية عن وكالة آ إن بي الهولندية، فإن مساجد في مدن روتردام وبريدا وهويزن تعرضت لأضرار. وحاول مجهولون إشعال حرائق في بعضها. وقالت مصادر أمنية، بحسب الوكالة، إنها اعتقلت شخصًا، يبلغ من العمر 24 عامًا، لمحاولته إحراق مسجد في روتردام، وقيامه بوضع صور خنازير في محراب المسجد، فيما اعتقلت ثلاثة مشتبه فيهم كانوا يستعدون لإشعال النار في مسجد النصر في هوينزن بغرب البلاد. وفي بريدا بجنوب البلاد أشعل مجهولون النار في أحد المساجد، قبل أن يتمكن مسلمون يسكنون قريبا من إخماد الحريق، فيما اعتدى مجهولون في مدينة أخرى هولندية على مراكز وجمعيات مغربية وإسلامية وعربية أخرى مستخدمين مواد الطلاء في تشويه هذه المساجد والمراكز. ويعود هذا الغليان الهولندي، بحسب وصف المصدر الديبلوماسي، إلى أن المخرج تيو فان جوغ، الذي نسبت تهمة مقتله إلى مواطن من أصل مغربي، كانت له «مكانة بارزة جدا في المجتمع الهولندي، خاصة وهو حفيد الرسام العالمي فان جوغ»، مضيفا، في هذا الصدد، أن البعض من الهولنديين، وإن كان يقر بإساءة المخرج البالغة للإسلام وصورة المسلمين في هولندا، إلا أن ذلك «لا يبرر بأي حال اللجوء إلى قتله». وكان المخرج القتيل، المعروف بعدائه للإسلام، قد أثار بشكل قوي استفزاز المسلمين في هولندا، عقب إنتاجه، أياما قبل مقتله، فيلمًا تلفزيونيًا قصيرًا أسماه الخضوع يدور حول ما يزعم أنه اضطهاد للنساء في المجتمع المسلم. ويصور الفيلم القصير، وفق ما نقلته بعض وسائل الإعلام، مشاهد لنساء محجبات يصلين داخل مسجد وهن يرتدين ألبسة شفافة تبدي كامل أجسادهن، مكتوب على أفخادهن وبطونهن وخاصراتهن وظهورهن آيات من سورة النساء، وعند سجودهن يقلن الله خنزير (تعالى الله علوا كبيرا). ووجهت السلطات الهولندية لشاب من أصل مغربي، يحمل الجنسية الهولندية، اتهامات بقتل تيو فان جوغ، وبالانتماء لجماعة «ذات نوايا إرهابية»، قبل أن تعلن بعدها الحكومة الهولندية عزمها شن حملة واسعة على من تسميهم المتطرفين الإسلاميين. يونس البضيوي