يرقد مواطن من الريف بين الحياة والموت في غرفة العناية المركزة في مستشفى الحسيمة، منذ اليوم، الذي ووري فيه جثمان عماد العتابي الثرى، وما أعقبه من احتجاجات. قصة المواطن الذي يصارع الموت، فجرتها تدوينة لمحامي عائلة عماد العتابي، ومعتقلي حراك الريف عبد الصادق البوشتاوي، في صفحته في فايسبوك، والتي جاء فيها: "شخص آخر يسمى عبد الحفيظ الحداد، الساكن في حي سيدي منصور، متزوج، وأب لثلاثة أبناء، سائق سيارة أجرة، يوجد في غيبوبة تامة بقسم الإنعاش في مستشفى محمد الخامس في الحسيمة، نتيجة الاختناق بسبب استنشاقه للغازات المسيلة للدموع، ليلة الأربعاء 9/8/2017، إذ تدهورت صحته في اليوم الموالي، ونقل إلى المستشفى، ليلة الخميس 10/8/2017، ومنذ ذلك الوقت، وهو في غيبوبة تامة لم يستفق منها إلى حدود الآن، ويتنفس بالأجهزة الاصطناعية لاحول ولا قوة إلا بالله". المحامي عبد الصادق البوشتاوي، الذي أكد كل ما جاء في تدوينته بالعالم الأزرق "فايسبوك"، موضحا أن زوجة سائق سيارة الأجرة تتوفر على أسرار مثيرة في الموضوع. فتحدثت ربيعة زوجة المصاب بعفوية عما وقع لزوجها، فقالت: "يوم الجمعة، كان زوجي وهو سائق سيارة أجرة صغيرة، في عمله، ججلس في مقهى "ميرادور" في حي مرموشة ليحتسي فنجان قهوة في ساعة متأخرة من الليل، وكانت الشرطة حينها تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، فاستنشقه زوجي، لكنه لم يعد سوى في السادسة صباحا إلى المنزل. أخبرني بأنه يحس بحنجرته، وكأنها تذبح لشدة الوخز، الذي يشعر به بسبب استنشاقه الغاز". وتضيف "أردت منحه جرعة من المشروب الغازي، الذي يقولون إنه مضاد للغاز المسيل للدموع "كوكا كولا"، لكنه لم يستطع شربه، فقد كان منهارا، وحينها حملته إلى مستشفى محمد الخامس في الحسيمة، ثم عدنا بعدما منحونا بعض الأدوية، لكن الآلام عاودته خلال الليل، فذهبنا إلى المستشفى مرة أخرى، وبقينا ننتظر هناك وصول طبيب لساعتين، وبعدها عثروا لزوجي على سرير ووضعوه فيه". وأضافت ربيعة أنه "في تلك الأثناء، أخبرني زوجي بأن حالته سيئة، وبأنه يشعر، وكأنه سيموت، فناديت على الطبيب كي ينقله إلى غرفة الإنعاش، لكنه قال لي بأن زوجي يحتاج فقط إلى بعض الأدوية، وألححت على قدوم طبيب الإنعاش، الذي نصح بتخصيص بعض الأدوية له فقط، ولاحقا قال لي إن حالته مستقرة بعدما نقلوه إلى غرفة الإنعاش. إنهم يقولون لي بأنه أصيب بأزمة قلبية، ولا يقولون أي شيء آخر. إن حالته الآن سيئة حتى إنهم وضعوا لصاقا على عينيه كي تغمض لأنه أغمي عليه، وبقيت عيناه مفتوحتان". وبدت الرجفة على صوت الزوجة الريفية، وخالطت كلماتها حشرجات بكاء متقطع: "لدينا ثلاثة أطفال، أكبرهم عمره 17 سنة، وأصغرهم عمره 5 سنوات. وأنا أعمل كمنظفة بيوت كي أتسطيع إعالة أولادي الآن. إننا نعيش في بيت صغير عبارة عن غرفة واحدة في حي ميرادور".