إن من يقوم بزيارة لحي الرويسي ليتجول بين أزقتها و دروبها، يتساءل مع نفسه هل تتوفر مدينة أزغنغان على مؤسسات تسير شؤونه لأن كل الأشياء توحي بأن لا وجود لها وإلا فما عملها ؟ هذا التساؤل و الاستغراب سيتبدد عندما صرح لنا أحد المواطنين أن رئيس البلدية شبه غائب و شؤون البلدية يسيرها بالبورطابل. و يضيف مواطن آخر أن حالة المدينة تعاني من الفوضى والعشوائية، والجهات المسؤولة تتعامل داخل البلدية بنوع من المحسوبية. فللحصول على رخصة يجب أن تكون تحت أمر وطاعة الرئيس أو من ينوب عنه من حاشيته... وتصفيات الحسابات الانتخابية لها دورها الفاعل في التعامل مع قضايا الناس، ويعاني منها أكثر المنتمون للتيار المعارض للهيئة السياسية التي تسير الجماعة حيث يطالهم التضييق وعدم قضاء مصالحهم... فكل شيء تطبعه الفوضى لأغراض انتخابية دنيئة تحط من كرامة الساكنة و تجعلها تعيش في وهم من الوعود الكاذبة التي مسحت الوجه الجميل لهذه المدينة حيث البعض يتمتع بالرخص بصفة غير قانونية والبعض الآخر يحرم منها بحجة المذكرات و القانون، أما الرئيس فهو دائم الغياب في مشاغله و مشاريعه الخاصة، مما يعطل مصالح السكان ناهيك عن عدد من موظفي البلدية لا يلتحقون بمقر عملهم ومنهم من أعفاه الرئيس من ذلك نظرا لوقوفه إلى جانبه أثناء الانتخابات ومنهم من يدخل في نطاق الموظفين الأشباح... عند و صولك إلى حي الرويسي يشد انتباهك السوق الأسبوعي الذي يشهد فوضى و سوء تدبير، ويدر هذا السوق على البلدية مداخيل مهمة في السنة، يقول أحد تجار السوق: « بإمكان هذا السوق أن يعطي دخلا اكبر لهذه الجماعة و ينمي مدخولها السنوي لو كانت هناك إرادة حقيقية لدى المسؤولين بالبلدية و توفر لديهم روح المصلحة العامة و التخطيط المحكم و النظرة الاستشرافية لمستقبل السوق و التنظيم الجيد و المراقبة المستمرة الصارمة حيث كان من الممكن أن تكون النتائج جد مرضية، فالسوق يكتظ بالمتسوقين و الباعة و تفرش طرقه و ممراته و لا تجد في بعض الأحيان مسلكا للتبضع مع صعوبة المرور وفوضى عارمة داخل السوق، مجازر في الهواء لا تتوفر على ابسط الشروط الضرورية للصحة و عرضة للكلاب الضالة التي تنتشر بشكل مستمر في الأيام الأخرى، البنيات التحتية غير موجودة، حفر متناثرة هنا وهناك...». و لكن ما يشد الانتباه فعلا هي الأزبال المتراكمة قرب الطاولات الخشبية التي تباع عليها اللحوم. لا أريد أن أعطي وصفا لهذه المزبلة حتى لا أعكر صفو القارئ الكريم. ناهيك عن تطاير الغبار داخل السوق و البرك المائية التي تطفو على السطح عند كل تساقط مطري. و تجدر الإشارة أن سكان الحي قد قاموا بوقفة احتجاجية و اعتصموا بعين المكان لشد انتباه المسؤولين لتلك الوضعية التي تشكل خطرا بيئيا و صحيا على سكان المنطقة... كما أنها مرتع للكلاب الضالة التي تهاجم المارة... كما سبق لموقع أريفينو تغطية هذا الحدث و التنبيه لخطورة هذا الوضع في مقال آخر. بالقرب من السوق الأسبوعي يوجد سوق مغطى و الذي عرف تلاعبات في توزيع الدكاكين داخله حيث تم حرمان عائلات كثيرة من دكاكين لهم الحق فيها، في حين استفاد منها آخرون بشكل فاضح و بتدخل سماسرة الانتخابات... أما المجزرة فهي عبارة عن بناية عتيقة تتوسط السوق و تعتبر نقطة سوداء بالنسبة لموقعها... أما سوق السمك فإنه لا يرتقي إلى تطلعات تجار السمك رغم الميزانية الضخمة التي خصصت لبنائه و تجهيزه. عند تخلصك مباشرة من المشاهد المقززة لهذا السوق و للولوج داخل حي الرويسي تكون مجبرا على عبور وادي الحيمر «إغزار أزكاغ»، أول شيئ يثير انتباهك هو تغير لون الماء الذي أصبح أسودا قاتما و الروائح الكريهة التي تنبعث منه ناهيك عن الأزبال التي تنشر روائحها وتسرب قاذوراتها إلى الوادي بالإضافة إلى اشتعال النيران بها مما يجعل دخانها يتحول إلى سحب تغطي أجواء المنطقة وفي نفس الوقت تخنق أنفاس المارة و السكان المجاورين. و تجدر الإشارة أن جمعية الحي قد قامت بحملة نظافة و تنقية الوادي و التي تعتبر غير كافية أمام جمود و تجاهل و عدم مشاركة البلدية. إن مياه الوادي الحار المتسربة من بعض القنوات فتصب مباشرة في الوادي... يترتب عنه عواقب وخيمة على صحة السكان، وقد أخبرت بعين المكان أن التلوث تسبب في ظهور العديد من الأمراض التنفسية و الجلدية و الحساسية وسط سكان الحي، ومع ذلك فالجهات الصحية بالبلدية لم تول هذه الظاهرة أية أهمية... الكثيرون يتساءلون عن دور هذه المصلحة و هم على علم بالممارسات المشبوهة لأحد المسؤولين بها. إن مشكلة تلوث وادي الحيمر الناتج عن تسربات مياه الوادي الحار إضافة إلى النفايات والأزبال التي تقذف بداخلة و ترمى بجانبه، تقتضي التدخل العاجل لإنقاذ السكان والنبات والحيوان... و تجدر الإشارة أن جمعية الحي في شخص رئيسها و نائبه قاموا بزيارة للمصلحة المختصة في البلدية قصد التعجيل بإصلاح تسربات مياه الوادي الحار في الوادي و لكن المسؤولين بالبلدية أظهروا عجزهم عن إصلاح هده القنوات في المدى القريب مبررين عجزهم بانعدام الإمكانيات المادية و أنهم في انتظار الضوء الأخضر من الرئيس لتخصيص ميزانية لهذا الغرض تقدر ب10 ملايين سنتيم. و عند اجتيازك للوادي و اقتحامك لحي الرويسي تلاحظ أن جميع الطرق ليست معبدة لذا لابد أن تمشي ببطء إذا كنت سائقا لسيارتك لأن الطريق لا تساعد على ذلك حيث تتخللها الحفر والأحجار بينما الغبار يتطاير بكثافة. و مما يثير الانتباه فعلا هو انعدام المساحات الخضراء لتكون متنفسا لسكان الحي. أما شبكة الواد الحار فقد أصبحت مهترئة و قنواتها ضيقة مما يؤدي إلى اختناقها أثناء التساقطات المطرية مما يؤدي إلى تسرب المياه العفنة تحت أسس المنازل و خروجها من المجاري لذلك فالساكنة تعيش في هذا المجال أوضاعا مزرية تنعكس سلبا على صحتهم من جراء الروائح الكريهة والاختناقات المتتالية. قال لنا أحد السكان: « إن هشاشة و سوء مجاري الصرف الصحي دليل على الغش و الفوضى الذي طال الأشغال و عدم تحمل المسؤولية من طرف البلدية في مراقبتها الشيء الذي أنهك الشبكة وبقيت حالة الوادي الحار على حالها دون تدخل بل زادت عن ذلك، فكيف يمكن أن تتصور أن المياه العديمة أثناء تساقط الأمطار عوض أن تأخذ مسارها الطبيعي فهي تعود إلى المنازل عبر الأنابيب، وتصور معي الرائحة الكريهة التي تغطي المنزل و تخلفه من ضيق في التنفس و أضرار صحية...». خلال جولتك بالحي تمر بالقرب من الإعدادية الثانوية ابن سينا و مجموعة مدارس العمال و فرعيتها فكان لا بد من الحديث عن هذه المؤسسات الحيوية بالحي حيث تحدث لنا رجل تعليم فقال: « التعليم بالمنطقة بصفة عامة لا تختلف اختلالاته و مشاكله عن باقي جهات المغرب، فالدخول المدرسي لهذه السنة تميز بالارتجال و التخبط نظرا لعدة عوامل منها تزامنه مع شهر رمضان وتأخر الحركة الانتقالية الإقليمية وانعكاس ذلك على العملية التعليمية التربوية و على التلميذ والأستاذ، وسوء توزيع الموارد البشرية حيث هناك تمركز بمكان و خصاص بمكان آخر خصوصا في البوادي والقرى و هذا ليس وليد اليوم بل هو تراكم منذ سنوات. أما فيما يخص المؤسسات التعليمية بالحي فهي تعاني من مشكل عدة أهمها عامل الاكتظاظ داخل الأقسام و قلة التجهيزات و تحول مداخل المؤسسات إلى برك مائية كبيرة عند كل تساقطات مطرية إضافة إلى انعدام الأمن بالقرب من المؤسسات و معاكسة الفتيات من طرف غرباء و ما يترتب عن هذا من مشاداة و شجار و صل في بعض الأحيان باستخدام الأسلحة البيضاء ناهيك عن ترويج المخدرات بالقرب من المؤسسات...» و من بين الأخطار التي تظل محدقة بأرواح سكان حي ابن سينا و ممتلكاتهم نجد خطر الفيضان الذي أودى بحياة طفل العام الماضي. إن الوضع خطير جدا بالنسبة للسكان المجاورين للوادي، و صور فيضانات العام الماضي ما زالت معلقة بأذهان السكان كبارا وصغارا، خصوصا أن الوادي أصبح مكانا للتخلص من النفايات والخردوات الكبيرة الحجم، التي من شانها أن تسد مجاريه، بما يطرح إمكانية تحول مساره ومجراه إلى سكنات الحي، مثلما جرى من قبل. وإذا استثنينا تواجد البيوت الفوضوية على ضفاف الوادي على الرغم من كونه الخطر الأكبر المحدق بهم، فإننا نجد أن مياه الأمطار، تشكل سيولا حقيقية تنساب إلى الحي من الأعلى لتصب وتنساب فيه، وهو المكان المفتقر إلى المجاري والبالوعات الكبيرة. وهو الموقع ذاته الذي تغيب فيه المسالك المهيأة، بل والواضحة المعالم أصلا. إن سماسرة الانتخابات سعت ولازالت بكل الوسائل لتدمير كل مخطط قد يساهم في تقدم بلدية أزغنغان و تنمية أحياء هذه البلدية التي ستظل تعاني من هذه السلوكات والإجراءات ما لم تشمر الساكنة على سواعدها لأجل تغيير واقعهم المعيشي المر و جعل الرجل المناسب في المكان المناسب. أزغنغان مدينة زاخرة بالثروات التي حباها بها الخالق و خزان متدفق بالطاقات الحية الواعدة، تتوفر على عقار أرضي كبير غير أنها ابتليت بمجلس بلدي مشلول طيع في يد أصحاب النفوذ المالي الذين يتحكمون في رقاب عباد الله إلى جانب بعض الموظفين في مختلف الإدارات ممن يفتقدون للحس الوطني و الضمير المهني همهم النفخ في أرصدتهم البنكية على حساب المستضعفين من أبناء هذه المدينة... إن سكان أزغنغان بصفة عامة و حي الرويسي بصفة خاصة يتطلعون إلى بزوغ فجر جديد خلال الانتخابات الجماعية المقبلة يحمل معه رياح التغيير و التطور والمشاريع المساهمة في التنمية البشرية و النزاهة والاستقامة و الشفافية و اقتلاع جذور الفساد الإداري و التلاعبات المالية و الاستغلال البشع للإنسان بهذه المنطقة. وضع مأسوي بالفعل يعيشه حي الرويسي... وما نقلته مجرد نقطة من بحر... غير أن كشف واقعها يعد إدانة صريحة لسنين عديدة تعاقب فيها على تسيير شؤون بلدية أزغنغان جهات كان بينها وبين المواطنة بون شاسع شساعة هذا الكون.