ماذا عساي أقول عنها ، حاولت أن ألملم أفكاري ، و أرتبها على حسب السياق ، ولكن تزاحمت لكثرتها ، و كلها تريد أن أبدأ بها . من أين أبدأ و من أين أنتهي ؟ ماذا سأخبركم عنها ؟ هل هي إمرأة أم ملاك ؟ هي هي نتاج هذا العالم أم نتاج عالم أخر لم نصل له بعد . تصوروا معي ، فتاة شابة من عائلة ثرية ، لا ينقصها لا مال و لا جاه ، تتزوج من شاب من نفس عائلتها ,, ابن العم ,, بعد قصة حب و عشق ، حب فطري عفوي ، إنطلق أواسط الأربعينيات من القرن الماضي ، وانتهى بزواج و أولاد ، لا لا ليست هذه هي النهاية عفوا أخطأت النهاية . شابة آمنت بالثورة على حساب الثروة ، آمنت بالإستقلال عوض الإستغلال ، كافحت لطرد المستعمر ، و قدمت المأوى و المأكل و المشرب لقادة جيش التحرير الجزائري ، دعّمت المقاومة المغاربية و في الأخير تترك وحيدة ، لا لا ليس أخيرا ، ما هذا الهراء الذي أقوله ؟ ولكن ألم أقل لكم منذ البداية أن أفكاري تتزاحم و يصعب ترتيبها . دعونا نبدأ من البداية مجددا الحاجة فاضمة ميمون الحموتي ، زوجة الجندي الإفريقي الخضير الحموتي ، إمرأة بألف رجل ، و سيرتها يجب أن تدّرس في أكبر الجامعات الوطنية ، فهي الزوجة المناضلة المكافحة المجاهدة في سبيل تحرير الوطن ، سواء في المغرب أو الجزائر ، قاومت مع زوجها الإستعمار ، و ساهمت بكل ما تملك ، في سبيل القضية الوطنية ، و بعد أن لاحت تباشير الإنتصار ، و العودة الى أحضان الزوج الذي رهن حياته في سبيل دعم الثورة المغربية و الجزائرية ، تفاجأت أن الزوج إختفى ، إختفى أو شئ أخر لست أدري ولكن ما تدريه حقا أن زوجها خرج و لم يعد ، يقال خرج الى الرباط و منها الى الجزائر للوساطة بعد حرب الرمال ولم يعد و مازالت فاضمة ميمون تنتظر عودته أو على الأقل توضيح مصيره أين هو كيف اختفى لماذا اختفى كلها أسئلة تدور في خلدها و تحاول أن تجد لها جوابا دون جدوى . بعد إختفاء الزوج المعيل ، و بعد استقلال المغرب و الجزائر ، لم ينتهي كفاح هذه المرأة المناضلة ، لم تنتهي المقاومة ، بل بدأت حياة جديدة ، مقاومة جديدة في سبيل تربية الأبناء الذين كانوا صغارا لا يعرفون عن أبيهم إلا ما ترويه لهم في لياليهم الباردة . و تبعثرت مرة أخرى أفكاري ، ووجدت أن كل ما يمكن أن يقال في حق هذه المرأة فهو قليل و لن يوفيها حقها ، أأستمر في الكتابة ، أخشى ما أخشاه أن لا أحيط بجميع مكنونات و نضال السيدة فاضمة ميمون الحموتي . السيدة فاضمة ميمون الحموتي و هي على فراش المرض ، تقول ,, لو عاد بي الزمان الى الوراء لفعلت نفس الشئ لضحيت بكل ما أملك في سبيل الوطن و زادت وقالت بلغتها الريفية الرقيقة الإحساس ,, في سبيل الوطن يهون فقدان الزوج ، و يهون فقدان الولد ، ولو عاد الزمان ، لقدمت أبنائي فداء للوطن ,, . نسأل من الله عز و جل أن يشفي أم المجاهدين و سليل الأكرمين فاضمة ميمون الحموتي من مرضها و أن يعافيها من كل داء أمين يا رب العالمين .