إقترنت ظاهرة الزلزال لدى ساكنة الريف، وبشكل حِسي منذ زلزال الحسيمة 2004 بصور الدمار والخراب والقتلى والمعطوبين، وهي الصور التي إستوطنت في الذاكرة الجماعية للمنطقة، وعادت بقوة إلى الأذهان بُعيد فجر 25 يناير المنصرم، بعد أن حل الزلزال مُجدّداً ضيفاً على الريف لكن هذه المرة بأقل الخسائر، بفضل مياه المتوسط التي إحتضنت بؤرته وخفّفت من قوته، لتُجَنّب المنطقة كارثة جديدة. الزلزال الأخير ترك آثاره على جدارن العديد من المنازل حيث وشَمَها بشقوق عشوائية، كما ترك آثره على أبناء المنطقة سواء الذين تضرّرو جسدياً أو نفسيا، أو من تحملوا برودة طقس ليالي يناير بعد أن فضّلو المبيت لأيام عدة بعيداً على المنازل التي بَدَت لهم كغول موحش قد يبتلعهم في أي لحظة في ظل تواتر الهزات بقوات متفاوتة . هكذا ترك زلزال 25 يناير آثاره السلبية بأقل الأضرار على المنطقة .. لكن كما يُقال "رُبَّ ضارة نافعة".. فقد أبى هذا الزلزال الطبيعي إلا أن يَتْرك بصمته الإجابية على بعض مناحي حياة أهل الريف، وهي البصمة التي لم تَنتبه لها سوى فئة قليلة من ساكنة المنطقة وهم الفلاحون ومستعملي الآبار. فحسب ما أفاد به عدد من الفلاحين ومستعملي الآبار في مختلف ربوع بالريف، خاصة المناطق القريبة إلى الشريط الساحلي الحسيمة-الناظور، حيث كان مركز الزلزال، فإنهم لاحظوا إنتعاش ملموس على الفرشة المائية بالمنطقة بعد الزلزال الأخير لدرجة ظهور عيون لم يخرج منها الماء لعقود، كما عادة الحياة إلى آبار كانت قد نضبت، وإزداد منسوب المياه في أخرى رغم شُح التساقطات المطرية. وفي سياق الموضوع أكد الدكتور علي شرود أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم بالراشدية، في تصريح إعلامي أن هناك علاقة وثيقة بين الهزات الأرضية التي عرفها الريف وإنتعاش الفرشة المائية بالمنطقة مشيرا إلى أن حركية الأرض تخلق فجوات تجعل الفرشة المائية تجد طريقها إلى السطح. وأضاف شرود أن منطقة الريف تتوفر على مياه جوفية، وان أي إهتزاز أو حركية جيو دينامية خارجية للأرض تحرك الفوالق وتمكن المياه السائلة من تتبع الفوالق والحفر والثغرات. وتحدث الأستاذ الجامعي عن وجود صخورا مائعة متمثلة في الصخور الطينية والكوارتز غير مُمرِّرة للماء، حيث تحبس المياه الجوفية وتمنعها من التسرب إلى أعلى أو إلى الأعماق، مُضيفاً ان الفوالق النشيطة بمنطقة الريف تُمَكّن من تحرير هذه المياه الحبيسة بين الصخور المائعة.