الشرطة تنهي نشاط مهربين للذهب    المغرب والمجر: شراكة استراتيجية لمواجهة تحديات المياه في ظل تغير المناخ    المغرب ومدغشقر ملتزمان ببناء شراكة مربحة للطرفين    فرنسا التي أيدت مذكرة اعتقال بوتين قبل سنة.. تمنح نتنياهو "الحصانة" للإفلات من العقاب    نهضة بركان يستهل مشواره في كأس الكونفدرالية بالفوز على لوندا سول الأنغولي        دور الدبلوماسية في الدفاع عن قضية الصحراء محور ملتقى روابط الرحامنة في نسخته الثالثة    سماء استراتيجية فوق المغرب: تدريبات عسكرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة لتعزيز القدرة على الردع    اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة التربية الوطنية والتعليم الأولي تعقد اجتماعها    الدار البيضاء تحتضن قمة عالمية للتصنيع والخدمات اللوجستية المتقدمة    وفد من القوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة على متن حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس هاري ترومان « في عرض ساحل الحسيمة    في كلمة له خلال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات ناصر بوريطة : تحت قيادة جلالة الملك، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تؤكد تضامن الشعب المغربي مع فلسطين، وتندد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل    ضبط أشخاص يبيعون حيوانات من فصيلة النمس وأفاعي في الناظور ومراكش        إسرائيل تستأنف قرار الجنائية الدولية    منتخب التايكوندو يشارك في بطولة العالم للبومسي    إسرائيل تقيد حركة السكان جنوب لبنان    تفاصيل متابعة الرئيس السابق للرجاء    وزير الخارجية الهنغاري: مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس لإيجاد حل لقضية الصحراء    رودريغو أرياس: منح المغرب صفة شريك متقدم لدى منتدى "فوبريل" منعطف هام في علاقاتنا ومسار تعاوننا    بعد اعتقال نجله.. شكيب لعلج ينسحب من جولة ترويجية للاستثمار باليابان وكوريا الجنوبية    ‬فن "الجداريات" في المغرب يشق طريقه بثبات من التهميش إلى الاحتفاء    الرجاء ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري الأبطال    إحباط محاولة تهريب أزيد من 19 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    سكينة بويبلا: إبداع باللونين الأبيض والأسود يروي قصة الفن المغربي بلمسة مدهشة    محمد عدلي يُحيي حفلا غنائيا في الدار البيضاء    الفقيه بن صالح: ورشات احترافية مختلفة بمهرجان النون الدولي الخامس للمسرح    خواطر سدراوي.. "عندما يعجز التقليد عن مجاراة الإبداع: مقارنة بين السينما والحياة الواقعية"    المغرب يدين دعم الحركات الانفصالية    18 هيئة نقابية وسياسية وحقوقية تعلن تأسيس "جبهة للدفاع عن حق الإضراب"    درك الحسيمة يضبط شحنة ضخمة من الحشيش بضواحي كتامة    250 مليون دولار من البنك الدولي للمغرب لإدارة النفايات الصلبة        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    كريمة أولحوس وفريد مالكي: تعاون فني عابر للحدود يحيي التراث الفلسطيني    احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا        فريق دونالد ترامب يوقّع اتفاقا مع البيت الأبيض لمباشرة عملية انتقال السلطة    المغرب واليابان يوقعان مذكرة تعاون في مجال تعزيز الاستثمار    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف    تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    حوار مع جني : لقاء !    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمن المغتصب في بلاد الأسياد والعبيد
نشر في أريفينو يوم 11 - 01 - 2011

إن الذين يتحدثون اليوم عن الأمن، لا يهمهم أمن المواطنين المستضعفين، لأن الحديث عن خطط أمنية لمواجهة الجريمة، ينحصر فقط في شيء واحد، و هو الحفاظ على مكتسباتهم و حماية ما راكموه من ثروات عن طريق وضع اليد على أموال الشعب، أي حقوق الفقراء المادية و المعنوية، أو عن طريق تقديم الحماية و الخدمات للصوص الدولة الذين يختبؤون وراء النفود و وراء نفاقهم الواضح تجاه بلدنا الحبيب المغرب، الدي يستخدمونه في قضاء مصالحهم الخاصة. و لكم أن تتصوروا كيف أن شرطي، يخرج يسب و يشتم مواطنين و ينعتهم بأقبح الأوصاف أمام المارة، و هو يصيح فيهم كالمعتوه ، في تصرف فاضح يروم إخضاع مواطنين ليس للطاعة و الانضباط، كما هو متعارف عليهما، و لكن لمظاهر العبودية و الاستبداد. و كم من مواطن تعرض للعقاب، مع أنه معروف عند الجميع مواطن من أمثال الحسنة
إن وقوفه الساعات الطوال في الشارع العام لتنظيم حركة المرور و مطاردة المشبوهين و المجرمين من عمل رجال الأمن وليس العكس. ربما اختلط الأمر على ذلك الشرطي فاعتقد بأن الحيون والمواطن سواء. و إذا كان المثل يقول ، قومني و حمكني ، فإن لدينا في هذه البلاد أشخاص يريدون فقط أن يحكموا وحتى ولو باالفوضى لا بالأمن كما يمنحه الدستور لكل موطن حق وواجب.
إذا كانت الوسائل الأمنية على صعيد الموارد البشرية و المالية و التجهيزية و التكوينية كافية في ستينات و سبعينات القرن الماضي، فاليوم أضحت غير ذلك بفعل النمو الديمغراقي الحضري و ظهور مشاكل أمنية ناتجة عن البطالة و استفحال المعضلات الاجتماعية. و قد تراكم العجز بفعل عدم تطورعددي و نوعي لمواكبة تطور المشاكل و اتساعها التي يعرفها المجتمع المغربي. لقد ظلت وسائل الأمن الوطني ضعيفة مقارنة للمتطلبات، الشيء الذي جعل الحل لا يكمن فقط في رفع عدد رجال الأمن و إنما كذلك في البحث في نوعية الحل المعتمد
النقد الذاتي و محاولة العثور على حلول للمشاكل التي تعترض عمل رجل الأمن، مع فتح الباب للمواطنين لكي يواجهوا بأنفسهم الحقيقة. هذه الحقيقة التي ستجعلهم يكتشفون بأنهم مسؤولون عن التجاوزات التي يرتكبها رجال الأمن في بعض الأحيان، لأنهم يساهمون في إفسادهم عن طريق الرشوة التي يعتبرونها وسيلة تمكن من ربح قضية جارية أمام المحاكم، إخفاء فضيحة أو جريمة، تحقيق هدف معين، أو فقط التحايل على القانون و التهرب من أداء الواجبات التي يقرها .
إدا سعينا إلى أن تكون الصراحة هي الدواء الذي يجب أن نأخذه من أجل تحقيق الشفاء، الذي سيكون له الأثر الإيجابي على وضعية بلادنا و على روحنا الجماعية المريضة أصلا بسبب الخوف و الحقد و الكذب و النفاق و الشك.
إنه بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نتقدم و نسير إلى الأمام، و لكن غالبية الناس لا يخجلون من استعمال كل الوسائل، مهما كان نوعها، للارتقاء في المجتمع ليصبحوا محترمين، في الوقت الذي ليسوا فيه سوى فاسدين و حقيرين، يبحثون فقط على الربح و الحياة السهلة، ما يجعل منهم مجرد بهائم، لا يمكن أن تحس بآلام المستضعفين الذين يعانون من الفقر و يتخبطون في البؤس. هؤلاء المستضعفين الذين ليسوا فقراء حقا، لأنهم يعيشون في بلادهم التي تتوفر على العديد من الثروات، التي يتم استغلالها، كما نعلم جميعا، من طرف مصاصي الدماء و فراعنة هذا العصر.
و هكذا، فإن أي شرطي منحدر من وسط فقير، يمكنه و لأول مرة، بمناسبة أداء عمله، في حراسة علبة ليلية أو فيلا في ملك من يسمونهم علية القوم، أن يجد نفسه وجها لوجه مع الحقيقة، التي تفيده بأن مراهقا يبذر ما يساوي أجرة الشرطي الشهرية في ليلة واحدة. الشرطي الذي يسهر على أمن و ممتلكات الناس، الجملة السحرية، التي يعلمونها لهم منذ أول يوم من فترة التدريب الأساسي، في حين أن الأمن الذي يقصدونه هو حماية الممتلكات و الأشخاص الأنانيين الذين لم يعد لهم أية صلة بالواقع الكوني. هذا يجعل من الشرطي طبعا، مجرد كلب حراسة، في خدمة أفراد طبقة اجتماعية يتوفرون على دبلومات في جميع فروع الجريمة، التي تبتدأ بالاتجار في المخدرات، النصب و الاحتيال و تحويل و اختلاس الأموال العمومية، ثم انتهاء بالقوادة و الاتجار في البشر.
عندما تفجرت قضية الشواذ بمدينة القصر الكبير، قام المسؤول الأمني المحلي بإعطاء تصريحات لجريدة المساء قرأت المقال باأمى أعيني، مفادها أن الأمن بالنسبة إليه يتمثل في أن يعود مواطن إلى بيته في منتصف الليل دون أية مشاكل، أو أن يتوجه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، دون أن يعترض سبيله مجرم. هذا مفهوم مضحك للأمن، لأن المجرمين يفضلون اقتراف أعمالهم الإجرامية في واضحة النهار، مفضلين الأماكن المزدحمة، أو التي تتوفر على ممرات تمكن من الفرار. أما خلال الليل، فإن السكارى و بائعات الهوى، وحدهم يمكن أن يشكلوا أهدافا للمنحرفين. و لو صدقنا هذا المفهوم الأمني البليد، فمن سيوفر أمن أموال الشعب، و أمن أخلاقه و أمن معتقده و أمن الأطفال، رجال و نساء الغد، و أمن المجتمع بصفة عامة؟. لنعتبر أن مواطنا عاد إلى بيته سالما دون أن يعترض سبيله أي مجرم، لكن ماذا سيكون عليه الأمر، لو أنه في الصباح وجد نفسه أمام ضابط شرطة من أجل قضية ما، وطلب منه هذا الأخير مبلغا ماليا إذا أراد أن تمر الأمور بشكل جيد عندما تصبح أمام أنظار القضاء. أي أمن سيحس به هذا المواطن الذي يتعرض للابتزاز؟. و عند عودته إلى بيته، سيصفر عليه شرطي المرور، ليخبره بأنه لم يحترم إشارة الضوء الأحمر، أو لم يضع حزام الأمن، الشيء الذي ليس صحيحا، ثم يخيره بين سحب رخصة السياقة أو أداء نصف الذعيرة فقط. ألا يشبه هذا الوضع نفس ما يقوم به مجرم، يخير ضحيته بين إفراغ جيوبه أو الحصول على توقيع يطبعه على خده ليلازمه مدى الحياة؟. ماذا بإمكاننا أن نقوله؟. هناك مسؤولون لديهم تصوراتهم و آرائهم الخاصة، فيما يتعلق بأمن المواطنين، حتى لا نتحدث عن أمن الوطن، لأن هذا يشكل موضوعا آخر.
و مهما يكن من أمر، إن التعاطي لمسألة الأمن بالمغرب لا ينبغي أن يسير في اتجاه تقوية المؤسسة بغاية إعادة إنتاج ممارسات السنوات الرصاصية التي عرفها المغرب و إنما في اتجاه محوها و بناء جسور الثقة و التعاون لتجسيد عبارة “الأمن الوطني و الشرطة في خدمة الشعب”. و هذا يتطلب شروطا، لاسيما و أن إجرام اليوم ليس هو إجرام الأمس. كما أنه لابد أن يعامل رجال الأمن بالمستوى الذي يرقى إلى روح المسؤولية التي يتحملونها و الأخطار التي يواجهونها. و على الأقل تمكينهم من أسباب مواجهة أعباء الحياة الضرورية ليتفرغوا للقيام بمهامهم و هم مطمئنين
إن ثقتنا في الله كبيرة، لأنه هو وحده سيكافؤنا تبعا لما نستحقه و تبعا لنوايانا. فالذين يبحثون عن السلطة و الجاه و المال، الذي يأخذونه من حق الفقراء و البسطاء، ليكدسوه معتقدين أنه سيحميهم من مفاجآت الحياة، سنتركهم يفعلون ما يشاؤون لأنهم لا يستحون، كما سندعهم يتخبطون في أمراضهم النفسية و العقلية، لأنهم لا يعلمون.
الله وحده يعلم كم نحب بلادنا ومليكونا، و كم كان بودنا أن نرى المجتمع الذي نعيش فيه صالحا يسير بخطى ثابتة إلى الأمام كما قالها و ردده صاحب الجلالة محمد السادس، مستخدما عقول شبان و شابات المغرب، و ليس مؤخراتهم كما يريد من يسمون أنفسهم حداثيين و متنورين، و ما هم في الحقيقة سوى مخربين تنخر أنفسهم العقد و الأمراض.
لا يمكننا أن نذهب أبعد من هذا، لأننا لا نتوفر على ما تتوفر عليه الشركات الإعلامية التي تسخر أبواقها للتأثير في توجهات و أفكار الناس، لإرغامهم على الركوع للمتألهين الجدد أسياد الأسواق و منظرو دين الاستهلاك الجديد. هذا الاستهلاك الذي لا يعتبر فقط وراء العديد من المشاكل، و لكن أيضا وراء ارتكاب الكثير من الجرائم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.