القضاء الإداري ينصف ضحايا أصحاب العقارات الخاضعة لتصميم التنمية – مساحة – خضراء بجماعة اعزانا – بني بوغافر- /إقليمالناظور. تمهيد: لاشك أن دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة تشكل إحدى الدعاوى الإدارية التي تمكن القضاء الإداري من بسط رقابته على الأعمال الإدارية فهي من أهم الدعاوى الإدارية وأكثرها قيمة من الناحية النظرية والعملية إذ من جهة تمثل ضمانة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم وتعمل على توجيه القائمين على أعمال الإدارة العامة التزام حدود القانون وعدم الخروج عليه من جهة أخرى . وإذا كانت دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة قد عرفت تدريجيا في القضاء الفرنسي إذ عرفت الرقابة القضائية لمجلس الدولة على الأعمال الإدارية توسعا تدريجيا فان الأمر يختلف عما هو عليه بالمغرب إذ تم تنظيمها بمقتضى نص قانوني. ولم يتح للقضاء الإداري المغربي بسط رقابته على الأعمال الإدارية عبر دعوى الإلغاء إلا منذ سنة :1928 لكنها اقتصرت فقط على الموظفين في الإدارات الفرنسية وفيما يتعلق فقط بتطبيق نظامهم الأساسي أمام مجلس الدولة الفرنسي . إلا انه مع إحداث المجلس الأعلى توسع مجال رقابة القضاء المغربي عبر دعوى الإلغاء التي اختصت بها المحاكم المدنية والمجلس الأعلى إلى أن أعيد توزيع الاختصاص بمقتضى قانون إحداث المحاكم الإدارية رقم :90-41. كما إن إحداث المحاكم الإدارية وكذا محاكم الاستئناف الإدارية لا يمكن النظر إليه على انه حدث قانوني محض أو عبارة عن مؤسسة جديدة أضيفت إلى الجهاز القضائي الإداري فقط بل إن الأمر يجب إن ينظر إليه بعمق اكبر لارتباطه بالتحولات التي يعرفها المغرب والمجهودات التي يبذلها من اجل تكريس دعائم دولة الحق والقانون. إن دعوى الإلغاء يجب النظر إليها أيضا على أنها ضمانة لدولة الحق والقانون وذلك لأنها تهدف إلى المطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري بناء على خرق مبدأ المشروعية الإدارية وان القضاء الإداري عندما يصرح بعدم مشروعية قرار إداري لا ينصرف أثره إلى رافع الدعوى فقط بل يتجاوز ذلك ليشكل تكريسا لحماية الحقوق والحريات . وليكون العمل الإداري مشروعا ينبغي أن يكون خاضعا لأحكام القانون لان مبدأ المشروعية الإدارية يعني – سيادة حكم القانون- وهو في واقع الأمر تعريف مناسب تماما لمبدأ المشروعية إلا أن هذا المبدأ تعتريه بعض الاستثناءات التي تبررها المصلحة العامة والتي يتعين عدم تجاوز حدودها وإلا كان مصيرها الإلغاء بحكم القضاء لعدم مشروعيتها. وقائع وحيثيات ملف النازلة: بعد مرور ما يناهز أربعين سنة على صدور تصميم التنمية – مساحة خضراء- للجماعة القروية باعزانن بني بوغافر بالجريدة الرسمية عدد:3234 بتاريخ :23/10/1947 المصادق عليه بموجب قرار وزير الداخلية عدد:94/911 بتاريخ :30/09/1974 الذي ذهب ضحيته مجموعة من افراد سكان جماعة اعزانن الذين يملكون عقاراتهم الخاضعة لتصميم التنمية بجماعة اعزانن المشار إلى مراجعه أعلاه أصدرت المحكمة الإدارية بوجدة لأول مرة حكما في مواجهة: الجماعة القروية باعزانن في شخص: رئيسها بمقر جماعة اعزانن بني بوغافر والسيد: وزير الداخلية بمكاتبه بالرباط والسيد: عامل إقليمالناظور بمكاتبه بالناظور والسيد :الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط والسيد :المساعد القضائي للجماعات المحلية بمكاتبه بالرباط قضى بإلغاء القرار الإداري لجماعة اعزانن رقم :265 بتاريخ :31/12/2013 القاضي برفض منح الترخيص بالبناء للطاعن المدعو عبد الرحمان ليزاطي مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك والذي تقرر تأييده من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بموجب قرارها عدد:2311 بتاريخ :18/05/2015 وينتظر ضحايا آخرون أحكاما مشابهة بعدما استصدر الطاعن المذكور آنفا قرارا نهائيا باختصاص المحكمة الإدارية للنظر في وقائع هذا الملف – دعوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة -. كما أن المحكمة الإدارية بعد دراستها لكافة معطيات النازلة ومذكرات دفاع الطاعن تبين لها أن الطعن ضد القرار الإداري المذكور قد أسس حسب ما يستشف من الوقائع الواردة بالمقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدم به دفاع الطاعن الأستاذ: سالم حداد المحامي بهيئة الناظور على وسيلتين : ويستفاد من وثائق الملف بان الطرف الطاعن يتملك القطعة الأرضية موضوع الترخيص بالبناء ما يناهز عن :25 سنة وبحكم جوارها سوق ثلاثاء بني بوغافر جماعة اعزانن فانه مافتئ يطالب بين الفينة والأخرى الجماعة بالترخيص له بالبناء إلا أن موقفها كان للأسف الشديد سلبيا لعدة مرات آخرها موضوع الطلب الحالي الذي عللت فيه رفض الطلب بسبقية إحالة الملف على اللجنة التقنية التي لم توافق على الترخيص بالبناء بدعوى تواجد العقار موضوع الطلب داخل تصميم التنمية – مساحة خضراء – لجماعة اعزانن . وان المحكمة الإدارية بمناسبة رقابتها على المقرر المطعون فيه تبين لها بداية أن الجماعة لم تبين في قرارها الأسباب والعلل التي اعتمدتها اللجنة التقنية المكلفة بدراسة الطلب وتبنتها الجماعة وبذلك فان قرراها المطعون فيه يبقى مجرد من السبب الذي يبرر رفض الطلب بل أكثر من ذلك أنه إذا كان المقصود من رأي اللجنة التقنية ما هو مضمن بورقة المعلومات الخاصة بالعقار الصادرة عن الوكالة الحضرية لمدينة الناظور وهو أن جزء من العقار هو عبارة عن مساحة خضراء ويخترقه طريق عام فان هذا التخصيص منصوص عليه فقط في تصميم التنمية للجماعة القروية باعزانن الذي مر على سريانه ونشره بالجريدة الرسمية ما يناهز :40 سنة باعتبار انه قد تم نشره بالجريدة الرسمية عدد:3234 بتاريخ :23/10/1974 المصادق عليه بموجب قرار وزير الداخلية عدد:94/911 بتاريخ :30/09/1974 وبالتالي يستنتج من تلك التواريخ هو أن تصميم التنمية الذي تتمسك به الجماعة قد مر على سريانه المدة المحددة قانونا وهي عشر سنوات من تاريخ المصادقة عليه الأمر الذي أصبح غير نافذ ويمكن لأصحاب العقارات استعادة عقاراتهم واستعمالها فيما أعدت لها وذلك تطبيقا للفصل :28 من قانون التعمير ومن ثم فان استمرار الجماعة القروية باعزانن في التمسك بمقتضيات تصميم التنمية الذي انتهت آثاره يجعل قرراها الإداري برفض الترخيص بالبناء غير مشروع بل يبقى متسما بالشطط في استعمال السلطة لعيب مخالفة القانون وانعدام السبب هذا فضلا عن كونه قرار مؤثر في المركز القانوني للمعني بالأمر من خلال حرمانه من حق استغلال عقاره واستعماله في الأوجه المعترف بها قانونا – التصرف والاستغلال – لأزيد من : 25 سنة خلت من تاريخ شرائه للقطعة الأرضية موضوع تصميم التنمية. وتجدر الإشارة إلى أن عدد ضحايا تصميم التنمية – مساحة خضراء- للعقار المتواجد بجوار سوق ثلاثاء بني بوغافر جماعة اعزانن هو :10 أفراد من ساكنة المنطقة اغلبهم يتواجدون باستمرار ببلاد المهجر بالقطر الاروبي . وتأسيسا على ما سبق فان القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء القرار الإداري غير المشروع يكتسي قوة الشئ المقضي به بل له قوة مطلقة أي قوته تتعدى أطراف الخصومة ويحتج به كل من له مصلحة في ذلك وبذلك يكون أصحاب العقارات المشمولة بالتصميم المذكور قد تنفسوا الصعداء بعد أن قضت المحكمة بعدم مشروعية القرار الإداري الصادر عن المجلس الجماعي باعزانن القاضي برفض الترخيص بالبناء في العقار المذكور. بقلم ذ/ سالم حداد المحامي بهيئة الناظور.