شهدت الإنتخابات التشريعية في المغرب لعام 2007 م أضعف مشاركة في التاريخ بحيث لم تتجاوز نسبة المشاركين 37في المائة من الناخبين المسجلين برغم المجهودات التي تبذلها الأحزاب السياسية المختلفة لتشجيع الناس وبخاصة الشباب في الإنخرلط في العمل السياسي ، إلا أن السؤال الذي يطرح لماذا نفور الشباب من المشهد السياسي خصوصا وأنهم يشكل فئة مهة في المجتمع المغربي بتجاوز عددهم ل 11 مليون أي بنسبة 36 في المائة من السكان . إن عزوف الشباب عن العمل السياسي مرتبط بمجموعة من الأسباب سنحاول مناقشتها في هذه الزاوية وسنعمل بفضل آراءكم على المحاولة في التخفيف من هذه الظاهرة التي أصبحت السمة المميزة للمشهد السياسي المغربي . عزوف مرتبط بالمشهد التاريخي المغربي : إذا عدنا إلى الوراء وبالضبط إلى سنوات السبعينات التي يصطلح عليها بسنوات الرصاص نلمس أن الشباب المغربي كان يقبل كثيرا على العمل السياسي خصوصا وان اليسار كان في أوجه لكن ماميز هذه المرحلة أيضا هو القمع المتجسد من خلال الإختطاف، فالعديد من الشباب كان ضحية نضالهم داخل الأحزاب التي تخلت عنهم للأسف بعد ذلك ، فالعديد من الشباب أعقلوا وسجنوا نتيجة نضالهم في الأحزاب وهذا ماجعل هؤلاء الشباب عبرة لغيرهم من الشباب الذين صاروا يرون أن لانفع يرجى من أي إنتماء حزبي . تدخل الإدارة في الشؤون الإنتخابية : ويتجلى هذا المشهد جليا في العشرين سنة الأخيرة وبالضبط مرحلة الثمانينات والتسعينات حيث تراكمت مجموعة من مظاهر الفساد والإفساد من خلال فبركة المعارضة إلى التمثيلية المزيفة ........... كما أن المشهد السياسي في التسعينات عرف نوعا من التحرك النضالي على مستوى الجامعات المغربية ومن نتائجه شهداء وضحايا قمع الإنتفاضة الطلابية هذا القمع الذي إنعكست آثاره على الأسر المغرية التي قاطعت السياسة وأعتبرت السياسة قنبلة موقوتة تتفجر في كل من يتشدق بمبادئها . عزوف الشباب عن المشهد السياسي مرتبط أيضا بشيخوخة الأحزاب : الأحزاب السياسية المغربية على مختلف ألوانها غائبة على الساحة ، ولا تستيقظ من سباتها إلا عندما تقترب الإنتخابات وكأن الشباب مجرد صوت انتخابي لاأكثر ولا أقل، حيث تراجع بريقها رغم النداءات التي أطلقها المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة نذكر منها الخطاب التارخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية يوم 10 أكتوبر 2008 م ومما جاء فيه “.....كلا إننا مافتئنا نؤكد ضرورة تقوية العمل السياسي القائم على المشاركة الجادة للأحزاب الجادة في حسن تدبير الشأن العام على أساس نتائج الإقتراع وهو مايتطلب توسيع الإنخراط الملتزم لكافة الفئات الإجتماعية ، وفي طليعتها الشباب ، ليسهم بطاقاته وطموحاته البناءة ، ليس فقط للإختيار الواعي لممثليه ، بل أيضا في مسؤولية تحمل الشأن العام المحلي ، بإعتباره الأساس المتين للحكامة الجيدة ، ولهذه الغاية نوجه الحكومة لإتخاذ التدابير اللازمة ، قصد تخفيض السن القانوني للترشيح الإنتخابي للجماعات المحلية من 23 سنة إلى 21 سنة....” . سبب آخر دافع أساسي للعزوف يتمثل في كون معظم الشبيبات الحزبية المغربية على رأسها قيادات غير شابة تفرض على الشباب بطريقة التعيين أو الترشيح المركزي، وتساق بتبريرات الخبرة والتجربة وهو مايعكس الواقع فهذه التبريرات مجرد تمويهات للحفاظ على المنصب وإستمرار هيمنتها الحزبية ومن هؤلاء القيادات الشبابية الحزبية من دخل في العقد الخامس وهو مازال واقف على رأس شبيبة حزبية مفارقة عجيبة . كما أن الإنشقاقات والإنقسامات في الأحزاب وحالات التفريخ التي تعرفها الساحة السياسية على حب التملك والسلطة وتأسيس الأحزاب للدفاع على المصالح الشخصية للحصول على منصب بالجماعة إلى منصب برلماني وحكومي ووزاري وديبلوماسي ولو بأي طريقة ( الرشوة .إعتماد السماسرة .......... ساهم أيضا في عزوف الشباب لأنهم لاحظوا أن هؤلاء يجرون على مصالحهم الشخصية فقط . سبب آخر يتمثل في تعامل الأحزاب مع الشباب بمنطق الوصاية والتوجيه في الوقت الذي يرغب فيه الشباب في تفجير طاقاته وإبراز مواهبه وتحقيق الذات . الأسباب الإقتصادية والإجتماعية : ويثمثل أساسا في غياب البنيات التحتية الأساسية التي من شأنها أن تدمج الشباب في محيطه السوسيو إقتصادي والذي ينعكس على العطاء السياسي ، إضافة إلى مشكل البطالة والفقر اللذان يدفعان الشباب إلى تجميد كل ماهو سياسي والتفكير في الهجرة غير الشرعية وممارسة أعمال التهريب .................... وأمام الفراغ الذي يعيشه الشباب تتربص به التنظيمات المتطرفة التي تعمل على تعبئته بالأفكار المتطرفة وتحويله إلى قنبلة قابلة للإنفجار في أي لحظة وخير مثال أحداث الدارالبيضاء التي سخر فيها شباب في مقتبل العمر . كما أن الشباب أصبح يفضل الجمعيات على الأحزاب نظرا لكون هذا الأخيرة تتيح الفرصة للتعبير عن الذات والكشف عن الطموحات وإبراز المواهب وتفجير الطاقات ..... مقترحات للتخفيف من العزوف السياسي : * تطبيق مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بشتى الوسائل ( الصحافة – المراقبة الإدارية – الزجر والعقوبات ........... لكل من يتلاعب بمصالح الناس أو يتاجر في معاناتهم ............ ) *حرمان سماسرة الإنتخابات من المشاركة . * إختيار الأكفاء من المرشحين إدا كنا نريد الجودة * إعطاء الفرصة للشباب للترشح والقيادة الشبابية كما هو منصوص عليه في الدستور وقانون الإنتخابات . * عمل الأحزاب على طول السنة وليس في فترة الإنتخابات فقط * قيام الأحزاب بدورها الأساسي في التأطير والتكوين ........ * تجسيد الديموقراطية الداخلية داخل الأحزاب من خلال تداول السلطة فيها خصوصا وان المشكل لا يتعلق بإصلاح القوانين بل مرتبط أساسا بتحسين الأداء السياسي للحكومة والأحزاب السياسية وإعطاء الشباب الفرصة في إثباث جدارتهم في ترسيخ الديموقراطية وتجسيد هذه الديموقراطية مازال ينتظر فترة سياسية أخرى ....... وتلك مسألة اخرى . في الأخير ندعو جميع الشباب إلى الإنخراط في العمل السياسي عن طريق الترشح والتصويت والمساهمة في صنع القرار . بقلم الناشط الجمعوي مصطفى الوردي