يبدو أن التطور الاقتصادي الذي بدأ يشهده المغرب خلال العقدين الأخيرين، ونجاعة تشديد الرقابة على التهريب القادم من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين أصبح يضايق من يريدون تأبيد احتلال المدينتين واستمرار اقتصادهما بفضل التهريب الذي ضرب الاقتصاد المغربي لسنين طويلة. وهكذا لم تعد المطالبة بمعالجة هذا الموضوع محليا على صعيد المدينتين المحتلتين ولكنها انتقلت إلى الصعيد المركزي وبالضبط الى البرلمان الإسباني، فقد طالب النائب البرلماني لليسار الموَحَّد (IUC) غاسبار لماثاريس» وخوان هيريرا عن حزب الخضر الكطلاني من رئيس الحكومة خوسي لويس رودريغيث ثباثيرو بفتح مفاوضات مع المغرب تمنح بمقتضاها ليصبح لمدينة سبتةالمحتلة وضْعاً تفضيليا على المستويين التجاري والجمركي يضمن انسياب البضائع والسلع دون قيود... وتصدر سبتة الى المغرب عبر التهريب حوالي 500 مليون يورو، حسب المستشار الاقتصادي «ايميلو كادييرا»، غير أن السلطات المغربية تقدر هذا الرقم بحوالي 700 مليون يورو، وأبدى النائب البرلماني الإسباني تخوفه من الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي يقضى بإلغاء الحواجز الجمركية سنة 2012، وهو ماسيهدد اقتصاد مدينة سبتةالمحتلة حسب رأي النائب البرلماني اليساري. وكانت سلطات الاحتلال بالمدينتين السليبتين قد طالبت أخيرا بإلغاء تأشيرة دخول المغاربة إليهما وذلك بهدف الحفاظ على الحياة التجارية بالثغرين المحتلين والتي تعيش أساسا من التهريب ومن جيوب المغاربة الذين يقصدونها من أجل التبضع. وفي نفس الجلسة البرلمانية وكورقة ضغط ضد المغرب قدم نفس النائبان مذكرة مشروع قانون تطالب من الحكومة الاسبانية التدخل من أجل أن تصبح لقوات المنورسو المرابطة في الصحراء من أجل مراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو منذ سنة 1991 صلاحيات مراقبة وضع حقوق الإنسان بالصحراء. ويظهر من خلال هذا الطرح ودون أدنى شك كيف أن جهات إسبانية تحاول من خلال مناوءة المغرب في وحدته الترابية من أجل الابتزاز السياسي. ومن هنا نعرف الأسباب التي كانت أخيرا وراء تسريب مشروع تقرير اللجنة التي أعدتها لجنة أروبية لمعاينة أوضاع حقوق الانسان في الصحراء إلى الصحافة لاستغلاله ضد االمغرب ونعرف أيضا النواب الذين سربوه والغرض من التسريب . وكان هذا الموضوع قد أثار ردود فعل غاضبة حيث احتج المغرب على لسان رئيس مجلس النواب السيد مصطفى المنصوري مما حذا برئيس اللجنة النائب كارلوس ايتورغايس (من الحزب الشعبي) إلى التعبير عن أسفه عن تسريب نص لم يعدل بعد، ووصف من سربوه بأنهم ليسوا اخلاقيين وهو نفس الرأي الذي أبداه نائبا رئيس لجنة الاعلام الأروبي السيد آلان هوتشسون الذي وصف التسريب بالفضيحة. ويبدو من خلال هذه المناورة الأخيرة التي لجأ إليها البرلماني اليساري مدى الابتزاز السياسي الذي تحاول أطراف معادية لمصالح المغرب الاقتصادية والسياسية استعمالها بأساليب بعيدة كل البعد عن الأخلاق السياسية.