عرفت باب مليلية المحتلة' اعتداءات شنيع متكررة في حق المغاربة من طرف الحرس الاسباني في النقطة الحدودية الوهمية,ولقد تسبب هدا الحدث في انشغال عميق لدى الراى العام الوطني وخاصة لدى ساكنة المناطق الحدودية الوهمية بالناظور وتطوان,تم التعبير عنه بتنظيم بعض ممثلي النسيج الجمعوي المحلي بالناظور خاصة بانتهاج عدة صيغ احتجاجية كان أهمها القيام بحصار دخول بعض المواد الغذائية كلا سماك والخضروات والفواكه ومواد البناء. ولقد كان لهده المبادرات وقعا ايجابيا على نفوس كافة المغاربة , لما شكلته من مؤازرة نفسية في وقت تستمر الجهات الرسمية في تجاهل شعور المواطنين حيال هده السلوكات المهينة. ويمكن اعتبار التحركات والمبادرات التي ما فتئ يقودها فاعلون جمعويون هنا وهنا ,وكلما تطلب الأمر دلك, نوع من أنواع الوعي الشعبي بقضايا كانت بالأمس حكرا على الجهات الرسمية ,كما يمكن ادرجها في سياق ما أصبح يصطلح عليه بالدبلوماسية الجمعوية التي ظهرت وتطورت خاصة بعد ظهور الحاجة الملحة للدفاع وصيانة الوحدة الترابية من طرف جميع مكونات المجتمع المغربي. لقد كان حريا بالمسؤولين, إبداء نية حسن التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة ,الايجابية ,ليس فقط باستغلالها من زاوية التصعيد الإعلامي والشعبي الدوليين الذي تحدته بواسطة الإعلام الالكتروني ,أصبح يربك الدوائر السياسية الاسبانية ,ولكن من حيت السعي إلى مقاربة جديدة, ليس غريبة على الدبلوماسية الاسبانية, تجعل من تكامل الأدوار مهما اختلفت بين جميع أنواع الفاعلين مبدا لبلوغ و تحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية. إن تعامل الحكومة المغربية بالأمس مع زيارة السيد وزير الداخلية الاسباني الفريدو بريز روبالكابا,موفد الحكومة الاسبانية, وبالنظر قصاصات الإخبار, لم يكن فقط, مخيبا لأمال جزء كبير من الرأي العام الوطني بل تعداه, كونه أضاف ,على ما يبدو , جرعة إضافية من اللامبالاة لحجم الانتظارات التي ما فتئ المغاربة يمنون النفس بحدوثها في يوم من الأيام من قبل بلدهم, على غرار الدول التي تقيم وزنا لاحترام ضمير و شعور مواطنيها. فبعيدا عن التعبيرات الدبلوماسية المعتادة “اللقاء كان مثمرا وايجابيا”عمق الروابط بين الرباط ومدريد”,لم نسجل إي تصريح بيان يشير إلى ما توصلت إليه المحادثات في شان السبل التي تم التوصل إليها لتخطي أزمة سوء معاملة الحرس المدني الاسباني للمغاربة الوافدين على مليلية المحتلة و الذي كانت سببا رئيسيا في برمجة هذا اللقاء فإذا كنا نتوفر على ما يكفي من الحس الوطني لاستجلاء وتفهم كافة الاعتبارات السياسية والاقتصادية المرتبطة بملفات ذات الصبغة الحيوية, واستحضارا للالتزامات بلدنا تجاه الجارة اسبانيا,فإننا نرى في خلو التصريحات الرسمية المغربية من أي إشارة تتعلق بتمسكه بصيانة حقوق وكرامة أبنائه,تقزيم وتشويه لإرادة شعب بكامله يريد فقط أن يحث جيرانه على التعامل معه بمثل ما يعاملهم هو ,أي باعتماد مبادئ ومقتضيات حسن الجوار والاحترام المتبادل. كما نرى , انه ثمة علاقة أساسية بين الرغبة في الحفاظ وتطوير العلاقات التاريخية مع الجارة اسبانيا وبين صيانة كرامة المواطنين المغاربة ,تتجلى في طبيعة المنطلقات الأساسية التي تبنى عليها العلاقات الثنائية بين البلدين.فإذا غابت مبادئ وقيم الاحترام المتبادل بما في ذاك الصيانة المتبادلة للكرامة في تحديد شكل وطبيعة ومستوى العلاقات , فإننا بصدد تقديم ورقة إضافية مجانية لتقوية الفكر الاستعماري الذي لا زال يشعشع في معتقدات بعض شرائح الاسبان. في الواقع ,لا عجب في الطريقة المحتشمة التي تعاملت بها الحكومة المغربية مع هذا الحدث الذي نشا جراء تعرض عدد من المغاربة الوفدين يوميا على مليلية السليبة للزرواطة الاسبانية,التي علق عليها احد الظرفاء أنها ارحم من الزرواطة من صنع محلي. بالنسبة للرأي العام المحلي ,لقد أصبحت مظاهر الزرواطة والاهانات المختلفة من طرف جميع أنواع القوات المغربية الزرقاء والكاكية والرمادية في حقهم جد مألوفة على مرأى من عناصر الحرس المدني الاسباني. إن هذه الشريحة من المواطنين المترددة على مليلية المحتلة , لا زالت ترضى على طلب لقمة عيش ولو بالذل جراء المضايقات التي تتلقاها من طرف هذه والقوات المرابطة بها وبشكل يكاد يكون منهجيا ,تستحق التقدير لكونها لا زالت تصر على القبول بقدر ضيق الحال و حتمية السعي للحصول على ضروريات الحياة لها ولأبنائها وذويها بعيدا عن كل انحرافات من شانها الضرر بسمعة بلدها. واقتداء بالمثل المغربي الشائع ” دير ما دار جارك …..” فان الحرس الاسباني تشكلت لديه مع مرور الزمن قناعة راسخة ,مفادها أن ضبط وتطويع هذه الشريحة بالأدوات المعتمدة داخل اسبانيا مع الرعايا الأسبان ,أصبحت عديمة الجدوى ما دامت بعض عناصر القوات المغربية المرابطة بباب مليلية المحتلة تقدم دروسا يومية بأحسن ما لديها من وسائل الإيضاح حول جدوى العصا في إجبار هذه الشريحة على الخضوع لرغبات عناصرها. سيكون من الإجحاف ,حصر استعمال الزرواطة في المغرب في هذه الشريحة فقط ,بحيث أضحت الحديقة المقابلة للباب الرئيسي للبرلمان مسرحا لمظاهر العنف الزرواطي في حق شريحة أصحاب الشواهد العليا والمعوقين الدين ضاقوا من الوعود الكاذبة بالتشغيل. هنا أتفهم حجم الحرج الذي سيضع المفاوضون المغاربة أنفسهم فيه ,جراء إثارة نقطة ساخنة واساسية في جدول الإعمال, تتعلق بالاعتداءات المتكررة للحرس المدني الاسباني على المغاربة في الحدود الوهمية بين بني أنصار مليلية المحتلة,إحساس من شانه يؤثر على معنويات المفاوضين المغاربة في الدفاع عن ملفات أخرى تحضي بالاهتمام المشترك مثل ملفات مكافحة المخدرات والهجرة السرية والتعاون الأمني. اعتقد أن أحسن وابلغ رسالة وجهتها لنا اسبانيا من خلال لقاء الاثنين الماضي, هي أن مطلب ا احترام كرامة وحقوق إنسان المواطن المغربي يجب أن ينبع من عقيدة سياسية راسخة وليس من مجرد مزاعم و شعارات بائدة.