الشعور باللاأمن صار كابوسا يؤرق معظم المغاربة. حيثما كانوا فهم متوجسون وقلقون من أن أملاكهم وأموالهم وسلامتهم البدنية وحتى أعراضهم ليست في مأمن من عوادي هذا الزمن الأغبر. آخر مثال على ذلك ما تعرض له شيخ في الستين من عمره ليلة عيد الفطر، بمحطة القطار سلا تابريكت. الواقعة وكما رواها ل»الصباح» أحد المستخدمين بالفريق الأمني العامل بالمحطة جرت أطوارها حوالي الساعة الحادية عشرة من تلك الليلة. كان الشيخ في انتظار القطار الذي سيقله إلى مدينة الناظور للاحتفال بعيد الفطر مع أقارب له. وبينما هو ينتظر على رصيف المحطة المذكورة انبثق من الظلام، الذي يطوق معظم جنبات هذه المحطة بالليل، مجموعة لصوص، قال الشيخ لاحقا إن عددهم كان بين ثلاثة وخمسة أفراد، عمدوا إلى محاصرته وتهديده بالسلاح. حاصروه وخاطبه أحدهم بنبرة حادة أفقدته تركيزه ورباطة جأشه ولم يكن أمامه سوى تمكنيهم مما طلبوه. وطلبهم لم يخرج عن الاستيلاء على الحقيبة التي كانت بحوزته. حقيبة كبيرة الحجم ومملوءة عن آخرها تغري كل لص أو قاطع طريق. استحوذ اللصوص على الحقيبة واختفوا في العتمة التي برزوا بوجوههم القبيحة منها، حاملين معهم حقيبة كبيرة وثقيلة الوزن. غير أن اللصوص الذين توهموا أنهم أنجزوا خبطة كبرى في تلك الليلة لابد وأنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، إذ أن الأحلام الكبيرة التي راودتهم واللعاب الكثير الذي سال منهم لما رأوا تلك الحقيبة تبخر وأصيبوا بخيبة أمل أكبر، عندما وجدوا أن الحقيبة التي انتزعوها تحت التهديد بالسلاح الأبيض من الشيخ الستيني كانت مليئة بالملابس وقطع الغيار، وبعض الهدايا البسيطة التي كان الرجل ينوي تقديمها لأهله، وهو يزورهم بمدينة الناظور في هذا العيد. ومن بين ما ضمت تلك الحقيبة المنتفخة أيضا مجموعة وثائق وملفات تخص الرجل أما المال أو أي شيء ذا قيمة فإنهم لم يجدوا له أثرا داخل الحقيبة الكبيرة الحجم. اللصوص ومن شدة خيبة أملهم استوعبوا أن الرجل أفقر منهم وأنه أحوج منهم إلى دريهمات قليلة كانوا يطمعون في تحصيلها منه. ومن الصدف أنهم عثروا على رقم هاتف في واحدة من الوثائق التي وجدوها في الحقيبة، فركبوا الرقم، ولم يكن على الطرف الآخر سوى الشيخ الذي سلبوه الحقيبة. خلال اتصالهم به، وفقا للرواية التي نقلها مصدر الصباح عن الشيخ الذي تم الاستماع إليه من طرف رئيس الأمن بالمحطة، فإن اللصوص أخبروه بأنه بإمكانه أن يأتيهم بمكان غير بعيد عن محطة سلا تابريكت ليسترجع حقيبته وأغراضه. توجس الشيخ خيفة واعتقد أن الأمر يتعلق بفخ ينصبه له اللصوص لنيل ما لم يجدوه في الحقيبة، فلم يجب نداءهم وانتظر قطار منتصف الليل الذي كان سيقله إلى الناظور… فيما ستنضاف شكايته إلى غيرها من الشكايات التي ستسجل ضد مجهول بسبب غياب الأمن في حرم مرفق عمومي من حجم محطة للقطار…