بعد عدة إصدارات في الإبداع والترجمة، نشر الكاتب والمترجم إسماعيل العثماني (من مواليد بني أنصار والأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط)، قبل أسبوعين مجموعة قصصية في 110 صفحة اختار لها عنوان ”نُبْلى”، مع تعمّده أن يشير تحت صورة الغلاف، الذي صمّمه بنفسه، على أنها “قصص بصيرة”. وربما يروم الكاتب من خلال هاته التسمية أن يقول، بنوع من التواضع الساخر، لكل قارئ عليم: “إن ما أكتبه هنا ليس بتاتا مجموعة قصص على ذلك النحو الذي ارتسمت في ذهنك بعض سماته وخصائصه، وإنما الذي أكتبه يخضع لمنطق آخر يحكمه القصد والموقف والبصيرة…”. وهذا اللون من الخيارات في التصنيف سبق للكاتب تجريبه في روايته “غُوروغو”، الصادرة سنة 2007، بحيث وضع تحت العنوان، بين قوسين، عبارة (مروية من بني أنصار). تتكون “نُبْلى” من اثنتين وخمسين قصة ذات عناوين متعددة، فيها الواضح والغريب، والمعقد والمركب، لكنها جميعها مشدودة في مضمونها إلى قوس الكاتب برمح الموقف. والقارئ لهذه المجموعة القصصية البصيرة سيكتشف فعلا أن ما يهم إسماعيل العثماني هو أن يصيب سهم قصته قلب المرمى. وفيما يلي هذه النموذج من نصوص “نبلى”. إنها قصة بصيرة بعنوان “قاف”: كان القطار عبارة عن حزام من العربات المتآكلة الغاصة بالبشر. توَقف في مكان خال يشبه سطح القمر. فجأة، خرج ولدٌ من العدم وراح يطوف بدلوه مُردّداً: “البيض، البيض”. وبعد نصف ساعة، أقلع القطار تاركاً وراءه القشور.