طالبت هيئة مدنية مغربية مستقلة الاثنين الحكومتين المغربية والاسبانية بالكشف عن مصير عشرات الآلاف من المغاربة الذين فقدوا أثناء الحرب الأهلية الاسبانية في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي و كان منهم الآلاف من الريفيين الذين تم تجنيدهم في ما يعرف في التاريخ الريفي بطابور لالا يما حيث كان المجندون إجباريا يستغيثون بامهاتهم و ذلك بهدف تخطي العقبات التي تؤثر على حاضر ومستقبل العلاقات المغربية الاسبانية وقال عبدالسلام بوطيب رئيس “مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل” ا( و هو أصلا من منطقة فرخانة بالناظور و يعمل حاليا أستاذا بمكناس) و الذي يبحث في الذاكرة المشتركة للمغاربة وفي أبعادها الحقوقية والسياسية وعلاقتها بمحيط المغرب السياسي والجغرافي “نحن لا نريد العودة الى الماضي ولكن القضايا الراهنة المتعلقة بهذا الماضي والتي تؤثر على العلاقات المشتركة بين البلدين.” وتأسس المركز في يونيو حزيران الماضي. ومن بين ما يهدف اليه البحث في “الذاكرة المشتركة في أبعادها الحقوقية والسياسية والتنموية وتبني خطة لمعالجة القضايا المرتبطة بالذاكرة المشتركة مستلهمة منهجية العدالة الانتقالية كما بلورتها المنظمات الدولية.” وقال مسؤولو المركز أنهم يعملون على “بلورة منهجية على تخطي أثر هذا الماضي الذي يربك الحاضر ويرهن المستقبل مع جواره.” ويقول الحقوقيون والمؤرخون المغاربة أن نحو 136 ألف مغربي شاركوا في الحرب الاهلية الاسبانية في الفترة من 1936 الى 1939 ابان فترة حكم الجنرال فرانكو التي اتسمت بالديكتاتورية. وكان المركز قد وجه رسائل الى كل من الوزير الاول المغربي (رئيس الوزراء) ورئيس الحكومة الاسبانية والقاضي بالمحكمة الوطنية الاسبانية بالثازار كراثون والجمعيات الحقوقية الاسبانية خاصة جمعيات الذاكرة التاريخية من أجل الكشف عن مصير عشرات الالاف من المغاربة المفقودين خلال هذه الحرب من بينهم”10 الاف طفل على الاقل لم تتجاوز أعمارهم 12 عاما.” وكان القضاء الاسباني قد لبى دعوة عدد من الجمعيات الحقوقية الاسبانية بفتح ملفات ماضي انتهاكات حقوق الانسان خلال فترة الحرب الاهلية. وقال المركز في رسالة وجهها الى الوزير الاول المغربي عباس الفاسي ” المغرب والمغاربة معنيون أكثر من غيرهم بهذا المسار التصالحي باسبانيا فالالاف من المغاربة في شمال المغرب وجنوبه وجدوا أنفسهم في حرب دامت ثلاث سنوات كاملة انتهت بانتصار حركة التمرد العسكري التي قادها الجنرال فرانكو ضد النظام الشرعي في اسبانيا انطلاقا من التراب المغربي الواقع حينذاك تحت نفوذ اسبانيا.” واضافت الرسالة “لقد سقط آلاف المغاربة على أرض المعركة ..وجرح الآلاف بينما اعتبر كثيرون في عداد المفقودين.” وقال مسؤولو المركز الذي يضم حقوقيون ومثقفون ومهتمون بالشأن التاريخي للمغرب انهم يسعون الى بلورة منهجية حقوقية لمعالجة “ماضي انتهاكات حقوق الانسان المشتركة بين البلدين. “مؤكدين على أن المركز ” ليس جمعية للضحايا.” ويذكر أن العلاقات بين المغرب واسبانيا اللذين لا يفصلهما الا مضيق جبل طارق شهدت على مر التاريخ حالة من المد والجزر بدءا من دخول العرب الى الاندلس وما تلا ذلك من محاولات الاسبان طرد العرب وسيطرة اسبانيا بعد ذلك على جيبي مليلية في العام 1479 وسبتة في العام 1580 ومرورا بالفترة الاستعمارية مع بداية القرن العشرين حيث سيطرت اسبانيا على شمال المغرب وجنوبه. وقال المركز انه يحاول أيضا “المساهمة في قراءة جدية وعميقة لمرحلة التواجد الاسباني في المغرب وبلورة منهجية حقوقية لمعالجة مختلف الملفات والقضايا العالقة التي تعيق بناء علاقة مغربية اسبانية سليمة.” كما يحاول تصحيح “الصورة السلبية التي ترسخت لدى الاسبان عن المغاربة من خلال مشاركتهم في هذه الحرب.”