لأنهم يعيشون على هامش الحياة ويودّون تناسي البؤس ويبحثون عن النشوة، لا يتردد أطفال وشباب ممن لاحظتهم أريفينو بمدينة الناظور عن استنشاق مزيلات الأصباغ “الدوليو”ومواد كثيرة قاتلة. وإذا كان تعاطي الخمور والإدمان على المخدرات بكل أصنافها وكذا تناول الحبوب المحظورة يتنامى، فإنّ قائمة أخرى من السموم تنذر باجتياح المدينة وابتلاع جيوش من البراعم والمراهقين،حيث أن الكثير من هؤلاء الأطفال لا يستطيعون الحصول على ثمن الحبوب المهلوسة والمؤثرات العقلية، يعوضونها بمواد أخرى فيستنشقون “السلسيون”، حتى أن بعضهم يجمعون الجوارب المتعفنة ويخدرون أنفسهم بروائحها القوية الكريهة! ويكرسون خيالهم وتفكيرهم لتطويع مختلف المواد الموجودة حولهم واستعمالها لذات الغرض الضار. إن القيام بجولة في شوارع المدينة، تكفي للاقتناع بأن الوضع جد مزر ولا أدل على ذلك من أن الأطفال والشباب لم يعد يهمهم شيئ في سبيل الحصول على قارورة خمر أو قطعة من المخدرات أو من بنزين الأسباغ، حيث يعمد هؤلاء الى تفريغ بعض السائل في كيس من الحليب أو كيس اخر أو في قطعة من القماش ويشرعون في الاستنشاق الرهيب علنا أمام الناس من دون خجل أو حياء من الخالق و الخلق أو خوفا من السلطات التي تهتم بمثل هذه الانتهاكات التي كثيرا ما تحدث شجارات عنيفة بين هؤلاء الشباب التائه في الضياع والشوارع. ان انتشار هذه الظواهر الخطيرة والافات الفتاكة الغريبة والدخيلة على مجتمعنا الناظوري والريفي هو إنذار برغبة مجتمع بائس في الانتحار البطيئ وغير المباشر، لأن هذه السموم الفتاكة تؤدي إلى نتائج كارثية على مستوى الصحة، فهي تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم والتهابات الجهاز التناسلي ، إضافة إلى كونها تتسبب في الاكتئاب النفسي الشديد والذي تصل مخاطره في الكثير من الأحيان إلى حدوث الموت المفاجئ. كما أن انتشار هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعنا وعن الدين الاسلامي، تعتبر نداأ عاجلا للسلطات المعنية من أجل التدخل السريع وتكثيف نشاطاتها من أجل التخفيف من انتشار الظاهرة دون أن نقول القضاء عليها،وإذا لم تهتم الدولة بمثل هذه القضايا تكون كلمة الشباب قد دخلت قاموس أسماء بلا مسميات لان الشباب المغربي يئن تحت وطأة الظروف الاجتماعية القاهرة بين الفقر والبطالة وأزمة السكن، وتأخر سن الزواج لن يكون الا مواطنا بائسا لم يبق بينه وبين الانتحار سوى خيوط أوهن من بيت العنكبوت، أو محترفا لأنواع السموم والآفات وبذلك تدهور أهم طاقة لأي مجتمع وهي الشباب.