الحوار الاجتماعي.."الكونفدرالية" تحتج على قانون الإضراب وتطالب بزيادة جديدة في الأجور والمعاشات    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    وزير الداخلية يحسم الجدل بخصوص موعد الانتخابات الجماعية والتقسيم الانتخابي    "مناظرة وُلدت ميتة"… انتقادات موجهة لولاية جهة الشمال من غياب التواصل حول مناظرة التشجيع الرياضي بطنجة    العدل يكرس تعاون السعودية والمغرب    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    الأردن يعلن حظر "الإخوان المسلمين"    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    البابا فرنسيس يسجى في رداء أحمر    الاتحاد الأوروبي يغرم "آبل" و"ميتا" ب700 مليون أورو    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    أوراش: الأزمة المالية الخانقة توقف بطولة كرة السلة بكيفية قسرية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    اعتداء دموي على مدير وأستاذ بثانوية باكزناية يُعيد الجدل حول أمن المؤسسات التعليمية.. والقضية تصل للبرلمان    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    فعاليات مؤتمر الاتحاد العام للفلاحين بجهة طنجة    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    طائرة تنقل سيدة إيفوارية في حالة حرجة من الداخلة إلى مراكش    التجارة الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تجاوزت 60 مليار يورو خلال 2024    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وكالة التنمية الفلاحية تستعرض فرص الاستثمار الفلاحي خلال ندوة دولية بمعرض مكناس    صندوق النقد الدولي: رسوم ترامب قد تؤثر على الاقتصاد العالمي    كيوسك الأربعاء | توقع إنتاج 44 مليون قنطار من الحبوب    التقدم والاشتراكية: سبب الخوف من مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق سيظل سؤالاً شعبيًّا يُطاردُ الحكومة ورئيسها    الجهوية والإمكانيات المتاحة لتنمية الجهات: نموذج 'جهة العيون الساقية الحمراء' موضوع ندوة دولية بالعيون    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    "سفينة النفاق": من بجاية إلى أشدود... حين تسقط شعارات "الممانعة" في بحر المصالح    الصين تطلق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-20" في 24 أبريل الجاري    منظمة الصحة العالمية تستعد لخفض برامجها وتسريح موظفين عقب وقف التمويل الأمريكي    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    خبراء يدعون إلى تعزيز الابتكار والحكامة لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    من احتلال الأرصفة إلى غزو الشوارع.. فوضى الملك العمومي تتوسع بطنجة    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يحقق فوزا عريضا على نظيره الناميبي (8-1)    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    بنيس: الرواية أبرزت هوية الفلسطيني.. بلقزيز: المشروع الصهيوني همجي    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بن عبد الكريم الخطابي: المؤمن المجاهد العبقري
نشر في أريفينو يوم 04 - 02 - 2013

تحل بنا في سادس فبراير الجاري الذكرى الخمسينية لرحيل بطل الريف المجاهد الكبير محمد بن عبد الكريم الخطابي، هذا الرجل الذي قاوم باستماتة غير معهودة قوى الاستكبار العالمي في عشرينيات القرن الماضي، فألحق هزيمة نكراء بالجيش الإسباني في موقعة أنوال الخالدة، ليصبح ” دهار ابران ” ( جبل ابران بنواحي تمسمان بإقليم الناظور ) ملحمة تاريخية يرويها الرواد لأبنائهم وأحفادهم، يستحضرون فيها بطولات الريفيين وإيباءهم واسترخاصهم لأرواحهم في سبيل حريتهم التي حاولت اسبانيا وفرنسا – ” المتحضرتين ” -عبثا سلبهم إياها والإستلاء على أرضهم وممتلكاتهم.
هؤلاء الرجال، إيمانا منهم بخالقهم وتمسكهم بأرضهم وغيرتهم على أهلهم وأرحامهم استطاعوا أن يقهروا الجيوش الإسبانية في معركة أنوال، ويلحقوا بهم خسائر فادحة في العدة والعدد، واستطاعوا بكل عزة وشموخ أن يخلصوا مدينتي سلوان والناظور من قبضة الاسبان و يحصروا تواجدهم في مدينة مليلية السليبة إلى اليوم، كما ألحقوا عدة هزائم بالجيوش الفرنسية كان أبرزها انتصارهم في موقعة “ورغة” حيث كانوا على وشك استرجاع تازة وفاس من قبضة فرنسا الغاشمة .
غير أن تحالف قوى الاستعمار الغربي بقيادة اسبانيا وفرنسا ومساعدة ألمانيا الفاشية، ومن أجل إجهاض المقاومة الريفية الباسلة عمدت إلى قذف الريفيين العزل بالغازات الكيماوية السامة ( لقد تسببت هذه الغازات في انتشار أمراض وأوبئة جلدية خطيرة، واستفحال داء السرطان القاتل، حيث لا زال سكان الريف يعانون من آثار هذه الغازات إلى اليوم )، مما عجل بالمجاهدين الريفيين بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى الاستسلام حقنا للدماء.
إننا ونحن نستحضر شخصية هذا الرجل العظيم الذي شهد لسموه وبطولته وشموخه جميع المغاربة بمختلف مكوناته الثقافية والسياسية والاجتماعية، لابد لنا أن نقف على الجوانب الأخرى لهذه الشخصية.
لقد طغت الدراسات التي ناقشت شخصية المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي في جانبها العسكري والحربي والسياسي، وصدرت دراسات وأبحاث لا يستهان بها في هذا الصدد، دون النظر إلى تكوينه الفقهي وفكره المستمد من دراسته في جامع القرويين، ومن التكوين المعرفي لمختلف المشارب العلمية أثناء ممارسة وظائفه التعليمية والصحافية والقضائية.
فالرجل بدأ حياته طالبا للعلم، وتخرج من القرويين، ومارس التربية والتعليم قبل أن يعين قاضيا بمدينة مليلية السليبة، واستطاع أن يكسب حظوة اسبانية ومكانة متميزة لما عرف عنه من رجاحة العقل وسداد الرأي والحكمة في الحل والعقد.
غير أنه ترك كل ذلك، ورضخ لعمقه الديني وتربيته الإسلامية وأعلنها جهادا على الظلم والاستكبار، وانطلق بالإيمان، وبالإيمان وحده، كما كان يردد – رحمه الله – وسط أصحابه وأتباعه، يحثهم على مجابهة الاستعمار والسعي إلى تحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وحتى بعد نفيه إلى جزيرة لاغينيون واستقراره بعد ذلك في مصر لم يثنه عن الاهتمام بوطنه وأبناء وطنه، فأسس بمعية بعض الوطنيين المغاربيين “لجنة تحرير المغرب العربي” ووضع لها ميثاقا ينص بنده الأول “المغرب العربي بالإسلام كان، وبالإسلام عاش، وعلى الإسلام يسير في حياته المقبلة”.
وكتب في رسالة إلى أبناء المغرب العربي: ” بلغني أن البعض منهم (من الموظفين العاملين في الإدارات التابعة للاستعمار) لا يُراعي في إخوانه الأهالي إلاًّ ولا ذِمَّةً (...) ولا شك أنهم إن لم يتُوبوا ويثوبوا إلى الاستقامة والنزاهة والعمل لرفع شأن الوطن بإقامة العدل في الأمة فسيجازَوْن عاجلا أو آجلا، إنْ خيراً فخيْرٌ، وإن شرّاً فشرٌّ. والله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ ﴿يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلاَّ وأنتم مسلمون﴾ ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبْلكم وإيَّاكم أن اتقوا الله﴾.
قال: « والله أسألُ أن يوفقنا جميعا لما فيه سعادةُ الدارين ورفاهية الوطن وتحريره نهائيا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. » أخوكم عبد الكريم الخطابي 05-01-1948..
هذا الذي كان الإيمانُ بالله وباليوم الآخر عقيدَتَه، وكان القرآن شاهِدَه. وكانت سعادةُ الدارين مطلبَهُ لنفسه وللمسلمين، كان مذهبُه في علاج آلام الماضِي وانحرافات الماضي واضحا. كانت له رُؤيَةٌ مستقبليَّة في كيفية طَيِّ صفحاتٍ لا تَسُرُّ. كانت في ذهنه وقلبه مترادفات قرآنية: الإيمان، والإيمان وحده = اتقوا الله حق تقاته = لا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون = سعادة الدارين، وكانت التوبةُ والدعوة إلى التوبةِ أصلا من أصولِ عمَلٍ مستأنفٍ يصِلُ حاضرا بمستقبل، ومستقبلا بماضٍ، كان ماضي جهادِه إيمان، وتقوى، واستشهاد في سبيل الله، وعدل، وصلاة، وزكاة.
وبفضل إيمانه القوي بالله استطاع أن يحقق هذه البطولات التي بصم بها تاريخ المقاومة المغربية، وتحدث عنها مختلف الثوار على اختلاف مشاربهم من اشتراكيين وليبراليين و”إسلاميين”، فالكل يتخذه قدوة لمدرسته وتياره وفكره، أما هو فقد اختار الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته منهاجا لانتفاضته ونبراسا لجهاده ومثالا لصبره وجلده.
وأخيرا، سيبقى المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي معلمة نضالية خالدة، وصرحا منقوشا في ذاكرة التاريخ باعتباره قائدا ربانيا شهما ، وبطلا وطنيا متميزا، جمع بالإيمان القبائل الريفية وقاوم بهم غطرسة الاستعمار الغربي الغاشم، فأعطى أروع الأمثلة في مجال النضال والتحرر من أجل حرية وكرامة الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.