أبرقت الإدارة العامّة للأمن الوطني بأمر “إعفاء” للدكتور محمّد جلماد لذي شغل مهمّة رئيس للمنطقة الإقليمية لأمن النّاظور طيلة ال7 أشهر ونصف الماضية، إذ توصّل جلماد يوم أوّل أمس الخميس بتعليمات قاضية بالتحاقه بالمصالح المركزية في الوقت الذي تمّ التنصيص ضمن نفس البرقية على تولّي عبد الرحمان بورمضان، العميد المركزي لأمن نفس المنطقة، مهمّة رئاسة الشرطة إلى غاية ورود إشعار رسميّ آخر.. وقد جاء “ميسَاجْ” إدارة اضريس بشكل مفاجئ للغاية ضمن صيغة وتوقيت لم يمكّن أيّا من متلقّيه من فكّ طلاسمه، خصوصا وأنّ إبراقة قد جاء في غمرة الاستعدادات الشاملة التي يواكبها الأمنيون محوريا من أجل التمهيد لزيارة قريبة تحمل ملك البلاد إلى مدينة النّاظور أواخر شهر ماي الجاري. كما يأتي قرار الإدارة العامّة بإعفاء محمّد جلماد متزامنا مع نشاط دؤوب لفرق أمنية مركزية منشغلة بشنّ حملة اعتقالات في صفوف عدد من الأضنّاء المُُحتمل تورّطهم في ملفّات التهريب الدولي للمخدّرات انطلاقا من سواحل مدينة النّاظور، وكذا في أعقاب “عملية كبرى” تكفّل بتدبيرها رجال الشرطة، دون وجود تنسيق مع باقي تقسيمات الأجهزة الأمنية، وأفضت إلى وضع اليد على ما يقارب ال7 أطنان ونصف من مخدّر الشيرا المُعدّ للتهريب صوب الضفّة الشمالية من البحر الأبيض المتوسّط، حيث استعان رجال محمّد جلماد بالتكتّم الشديد من أجل مصادرة الكمّية المذكورة بإحدى أحياء النّاظور وحجز وفير لمعدّات ميكانيكية ولوجيستيكية مستعملة في إطار نفس النشاط الدولي التهريبي المحظور. ويُرجّح بقوّة أن يكون قرار إلحاق رئيس المنطقة الإقليمية لأمن النّاظور بالإدارة العامّة للأمن الوطني مستندا إلى رصد الإدارة العامّة للأمن الوطني ل “خطأ مهني” ذي صلة بتغييب التنسيق بين عدد من الأجهزة الأمنية الشريكة للشرطة، أبرزها تقسيمة “ديستي” المنطقة، كما قد يكون مقترنا بما رُوّج له ضمن أزيد من موعد بالنّاظور بوجود “جفاء” سائد بين كبار ضبّاط الأمن والاستخبارات بالمنطقة.. خاصّة وأنّ بوادر هذه “الأزمة” قد خرجت للعلن بعد وقوف عدد من الأمنيين، والمتابعين لتدبير الشأن الأمني بالمنطقة، لمقال موقّع باسم مستعار منشور على صفحتين لإحدى الجرائد الوطنية بداية العام الجاري، وهو المقال الذي استفرد بالحديث عن “انفلات أمني” وهمي و”خمول” مُدّعى في حق كبير شرطيي النّاظور، ما جعل المُعفى من مهامّه محمّد جلماد يعتبره، ضمن “دردشاته”، بأنّه تحامل إعلامي مدفوع من قبّل “من يهمّهم الأمر” لعرقلة استراتيجيته الأمنية الصارمة وجعله “الحلقة الأضعف” التي يسهل استهدافها و”المشجب” المستقبل لمعاطف الخطايا الأمنية المعقّدة. برقية الإدارة العامّة للأمن الوطني أعادت محمّد جلماد إلى أروقة المصالح المركزية للشرطة بعد أشهر من مغادرتها، إذ سبق لجلماد الذي رأس التقسيمة الولائية للاستعلامات العامّة بمكناس وأن رضخ لإجراء تأديبي طاله لتسعة أشهر ك “عقاب” على تقصير متسبب في عرقلة سير الموكب الملكي بسلا، حيث سبق لإدارة الشرقي اضريس وأن أنهت مهام محمّد جلماد من على رأس المنطقة الإقليمية لأمن سلا ببرقية مرسلة قُبيل منتصف الليل قبل أزيد من سنة، أرفقت بإنذار لكبير شرطة المرور بالمنطقة الأمنية ذاتها، إذ أفيد في إبّانه بأنّ موكب الملك محمّد السادس قد وجد نفسه وسط اختناق مروريّ بعد انتهاء عاهل البلاد من تدشين أشغال تثليث محاور الطريق السيار الرابط بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية، ما أثّر بشكل كبير على سلاسة وصوله لمقر إقامته بعدوة سلا.. وهو ما كان جلماد قد اعتبره، أثناء التحقيق معه، تقصيرا ناتجا عن أمنيي الرباط الذين لم يُشعروا نظراءهم في سلا بقدوم الموكب الملكي