البوليساريو... الذراع العسكرية لإيران في شمال إفريقيا برعاية جزائرية    نهضة بركان يدك شباك النادي القسنطيني الجزائري برباعية نظيفة    الأمن يتفاعل بسرعة مع أحداث عنف في القصر الكبير ويوقف ثلاثة مشتبه فيهم    المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة وجدة تشهد تأسيس أول نادٍ سينمائي    ترامب يعيد هيكلة الخارجية الأمريكية    "نداء القنيطرة" يدعو لإصلاح الإعلام    خمس لاعبين مغاربة ضمن التشكيلة المثالية لكأس إفريقيا للفتيان    مغاربة داعمون للقضية الفلسطينية يحتجون أمام ميناء "طنجة المتوسط"    تفاصيل حريق المسبح البلدي بالناظور    الدرك يطيح بأحد كبار مروجي الخمور باقليم الدريوش    ابن تمسمان الأستاذ سعيد بنتاجر، يقارب الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي في معرض الكتاب بالرباط    أفاية: قراءات اختزالية تستهدف "النقد المزدوج" عند عبد الكبير الخطيبي    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وفاة طفلين في حضانة غير مرخصة بالدار البيضاء    الربيع الأمازيغي يُوحّد الشعارات ويُقسّم الساحات.. احتجاجات بالرباط ومراكش تندد بتهميش اللغة والهوية    الامارات تحتضن مهرجانا يحتفي بالقفطان المغربي "عبر الزمن" بحضور مصممين دوليين    لقاء إقليمي بالحسيمة يسلط الضوء على آفاق الاستثمار في إطار قانون المالية 2025    برلماني يسائل وزير الفلاحة حول توتر العلاقة بين أعضاء من الغرفة الفلاحية والمديرية الإقليمية بطنجة    مستشار ترامب: الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء لا لبس فيه    المغرب يتصدر صادرات الفواكه والخضروات عالميًا: ريادة زراعية تنبع من الابتكار والاستدامة    مقاولون يقاضون "التيكتوكر" جيراندو بالمغرب وكندا بتهم التشهير والابتزاز    السعدي: الحكومة ملتزمة بتعزيز البنية التحتية التكوينية المخصصة للصناعة التقليدية    القوات المسلحة تُكوّن ضباطًا قطريين    "موازين" يواصل جذب نجوم العالم    رشق بالحجارة داخل مدرسة .. مدير ثانوية في العناية المركزة بعد هجوم مباغت بطنجة    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في فعاليات معرض "جيتكس إفريقيا"    القفطان يجمع السعدي وأزولاي بالصويرة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحتفي بالمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة إثر تتويجه باللقب القاري    الفنان الريفي عبد السلام أمجوظ يتألق في مسرحية سكرات    عبد العزيز حنون يدعم البحث في اللسانيات الأمازيغية بأطروحة حول التمني بأمازيغية الريف    تفاصيل اجتماع نقابات الصحة مع مدير الوكالة المغربية للدم ومشتقاته    بعد القرار الأمريكي المفاجئ .. هل يخسر المغرب بوابته إلى السوق العالمية؟    "الكاف" يختار المغربي عبد الله وزان أفضل لاعب في البطولة القارية للناشئين    الأرصاد الجوية تتوقع نزول زخات مطرية متفرقة اليوم الأحد    بنكيران: الأمة بكل حكامها تمر من مرحلة العار الكبير ولا يمكن السكوت على استقبال سفن السلاح    الآلاف يتظاهرون ضد ترامب في الولايات المتحدة: لا يوجد مَلك في أمريكا.. لنُقاوِم الطغيان    الاتحاد الوطني للشغل يدعو إلى تعبئة شاملة في فاتح ماي    " هناك بريق أمل".. رواية جديدة للدكتورة نزهة بنسليمان    ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية    الكوكب يسعى لتحصين صدارته أمام الدشيرة والمنافسة تشتعل على بطاقة الصعود الثانية    الأساتذة المبرزون يحتجون الخميس المقبل    لقاء يناقش دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة    دراسة تدعو إلى اعتماد استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن السيبراني في المغرب    مقتل 56 شخصا في وسط نيجيريا    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    "الجزيرة" حين يتحويل الإعلام إلى سلاح جيوسياسي لإختراق سيادة الدول    دورة برشلونة لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل للمباراة النهائية    برشلونة يضع المدافع المغربي إدريس أيت الشيخ تحت المجهر … !    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خصائص الكتابة النسائية بالمغرب من خلال جنس القصة القصيرة جدا
نشر في أريفينو يوم 02 - 12 - 2012


(” قطرات الندى” لأمنة برواضي نموذجا)
د.جميل حمداوي
توطئة:
تعد أمنة برواضي من أهم مبدعات جنس القصة القصيرة جدا بالمغرب، إلى جانب كل من: زهرة الرميج، وفاطمة بوزيان، وسمية البوغافرية، وسناء بلحور، وزليخا موساوي الأخضري، وصالحة سعد، ونعيمة القضيوي الإدريسي، ومليكة بويطة، وبديعة بنمراح، ووفاء الحمري، والسعدية باحدة، وحياة بلغربي “بلقيس”، وكريمة دلياس، وأمينة الإدريسي، ومليكة الغازولي، ومينة ناجي،… دون أن ننسى في مجال النقد الكاتبتين المتميزتين: الدكتورة سعاد مسكين والدكتورة سلمى براهمة، اللتين ساهمتا بشكل أو بآخر في إغناء الخطاب النقدي المتعلق بفن القصة القصيرة جدا ، إن تنظيرا، وإن تطبيقا.
هذا، وقد أصدرت أمنة برواضي مجموعتها القصصية الأولى تحت عنوان: (قطرات الندى) ، و تنطلق فيها من رؤية شمولية، تجمع بين ما هو واقعي، ورومانسي، ورقمي ، وإن كانت الرؤية المأساوية هي التي تتحكم في معظم تيمات هذه المجموعة السردية؛ بسبب تشظي الساردة ذهنيا ووجدانيا ووجوديا وسرياليا، من خلال ثورتها الصاخبة على الواقع، والبكاء على أطلال الذكريات والأيام المنصرمة، وذلك تذويتا وانفعالا وتعبيرا.إذاً، ماهي الدلالات التي تنبني عليها هذه المجموعة القصصية القصيرة جدا؟ وماهي سماتها الفنية والشكلية والجمالية؟ هذا ما سوف نراه في موضوعنا هذا.
D تطور السرد النسائي في مجال القصة القصيرة جدا:
إذا كانت القصة القصيرة جدا عند المبدعين الذكور قد انطلقت بالمغرب مبكرا في منتصف التسعينيات من القرن العشرين مع الحسين زروق في مجموعته: (الخيل والليل)1، فإن القصة النسائية القصيرة جدا لم تنطلق إلا في أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، وذلك مع فاطمة بوزيان في مجموعتها:( مريندا) التي صدرت عن اتحاد كتاب المغرب سنة 2008م2، وزهرة الرميج في مجموعتها: (عندما يومض البرق) في السنة ذاتها3. وإذا كانت مجموعة فاطمة بوزيان تحمل تعيينا جنسيا يتمثل في: (قصص)، فإن مجموعة زهرة الرميج تتضمن تعيينا جنسيا مخالفا:(قصص قصيرة جدا). وبعد هاتين المجموعتين، صدرت أعمال أخرى في جنس القصة القصيرة جدا، كمجموعة السعدية باحدة المعنونة ب: (وقع امتداه.. ورحل) سنة 2009م4، وكانت بدورها تحمل اسم ( قصص قصيرة جدا). وظهرت أيضا مجموعة (رعشات) لسناء بلحور سنة 2011م5، ومجموعة (رقص المرايا) لنعيمة القضيوي الإدريسي سنة 2012م6، ومجموعة (الربيع حلم شتوي) لصالحة سعد سنة 2012م7، و(أقواس) لسمية البوغافرية سنة 2012م8…
هذا، وتتميز هذه المجموعات القصصية بكونها متخصصة في جنس القصة القصيرة جدا. بيد أن هناك أعمالا تتداخل فيها القصة القصيرة جدا مع القصة القصيرة، كما يبدو ذلك واضحا عند زليخا موساوي الأخضري في مجموعتها: ( نشاز آخر…للبياض)9، ومليكة بويطة في مجموعتها (الحلم والحقيقة)10، وبديعة بنمراح في مجموعتها: (حلم لايرى النور)11، ووفاء الحمري في مجموعتها:(بالأحمر الفاني: امرأة من زمن الحرب)12، و(حتى يزول الصداع) لمجموعة من المبدعين والمبدعات13 … ويلاحظ أن ثمة مجموعة مشتركة واحدة لجامعة المبدعين المغاربة. ومن جهة أخرى، هناك ثمان مجموعات قصصية مستقلة في جنس القصة القصيرة جدا، وأربع مجموعات مختلطة، تجمع بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. وبالتالي، يكون عدد المجموعات النسائية في مجال القصة القصيرة جدا هو ثلاث عشرة (13) أضمومة، ويشكل تقريبا ربع ما أنتجه المبدعون المغاربة الذكور في مجال القصة القصيرة جدا.
D ببليوغرافية المجموعات:
حينما نريد وضع ببليوغرافية شاملة للكتابة النسائية في مجال القصة القصيرة جدا بالمغرب ، فعلينا أولا ، وقبل كل شيء، التمييز بين ثلاثة أنماط من المجموعات القصصية : المجموعات المستقلة التي تندرج ضمن جنس القصة القصيرة جدا ، والمجموعات المختلطة التي تجمع بين جنسين متداخلين، وهما: القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. وهناك أيضا المجموعات المشتركة التي يشترك فيها كثير من المبدعين والمبدعات في جنس أدبي واحد أو أكثر.
ä المجموعات المستقلة:
u-( ميريندا): فاطمة بوزيان،قصص. تندرج هذه المجموعة القصصية ضمن جنس القصة القصيرة جدا . وقد صدرت الأضمومة في طبعتها الأولى سنة 2008م عن منشورات اتحاد كتاب المغرب، وبالضبط عن مطبعة البيضاوي وناداكوم ديزاين. وتتضمن هذه الأضمومة ستا وأربعين( 46 ) وحدة قصصية جدا ، وذلك على امتداد أربع وستين (64) صفحة من الحجم المتوسط، وتخلو المجموعة من أي تقديم استهلالي.
v-( عندما يومض البرق): الزهرة رميج، قصص قصيرة جدا. صدرت هذه المجموعة القصصية القصيرة جدا في طبعتها الأولى سنة 2008م، في أربع وتسعين(94) صفحة من الحجم المتوسط ، وذلك عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء. وتضم المجموعة إحدى وثمانين(81 ) وحدة قصصية قصيرة جدا، وتخلو المجموعة من أي تقديم استهلالي.
w- ( وقع امتداده… ورحل): السعدية باحدة، قصص قصيرة جدا. تضم هذه المجموعة القصصية اثنتي وثلاثين(32 ) قصة قصيرة جدا ، في سبع وسبعين ( 77 ) صفحة من الحجم المتوسط. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية ، في طبعتها الأولى، سنة 2009م، وذلك عن دار القرويين بالدار البيضاء، ضمن منشورات الصالون الأدبي، وقد قدم لها الكاتب المتميز مصطفى لغتيري.
x- ( رعشات): سناء بلحور، قصص قصيرة جدا. تضم هذه المجموعة القصصية سبعا وخمسين(57 ) قصة قصيرة جدا، في ثمان وستين ( 68) صفحة من الحجم المتوسط. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2012م ، وذلك عن التنوخي للطبع والنشر والتوزيع بالرباط ، وقد قدم لها الكاتب والناقد حميد ركاطة.
y- ( أقواس): سمية البوغافرية، قصص قصيرة جدا. تضم هذه المجموعة القصصية سبعا وثمانين(87 ) قصة قصيرة جدا، في ثلاث ومائة ( 103 ) صفحة من الحجم المتوسط. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2012م، وذلك عن مطبعة التكوين للنشر والتوزيع بدمشق (سورية) ، وتخلو المجموعة من أي تقديم استهلالي.
z- (الربيع حلم سنوي): صالحة سعد، قصص. تضم هذه المجموعة القصصية إحدى وأربعين(41 ) قصة قصيرة جدا، في إحدى وسبعين ( 71) صفحة من الحجم المتوسط. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2012م ، وذلك عن التنوخي للطبع والنشر والتوزيع بالرباط ، وتخلو المجموعة من أي تقديم استهلالي.
{- ( رقص المرايا): نعيمة القضيوي الإدريسي، قصص قصيرة جدا. تضم هذه المجموعة القصصية ثماني وأربعين (48) قصة قصيرة جدا، في اثنتين وستين ( 62 ) صفحة من الحجم المتوسط. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2012م، عن مطبعة سليكي أخوين بطنجة، وقد قدم لها الكاتب والناقد حميد ركاطة.
|- ( قطرات الندى): أمنة برواضي، قصص قصيرة جدا. تضم هذه المجموعة القصصية خمسين (50) قصة قصيرة جدا. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2012م ، وذلك في حجم متوسط، وقد قدم لها الكاتب والناقد الدكتور جميل حمداوي.
ä المجموعات المختلطة:
u- ( الحلم والحقيقة): مليكة بويطة، قصص. صدرت الأضمومة ، في طبعتها الأولى، سنة 2007م ، وذلك عن مطبعة IMBH بآسفي. وتضم المجموعة عشرة (10) نصوص قصصية ، تتأرجح بين جنس القصة القصيرة وجنس القصة القصيرة جدا. وتقع المجموعة أيضا في ثمان وأربعين( 48) صفحة من الحجم المتوسط. وقد قدم هذه المجموعة الدكتور محمد عيناق في صفحتين لا غير.
v- ( حلم لايرى النور): بديعة بنمراح. قصص. صدرت هذه المجموعة، في طبعتها الأولى، سنة 2008م ، وتجمع بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. وقد أعيدت طبعتها سنة 2011م بمطبعة أنفوبرانت بفاس. وتضم المجموعة عشر (10) قصص قصيرة، وثلاث(3) قصص قصيرة جدا، وتحوي تسعا وخمسين (59) صفحة من الحجم المتوسط. وقد قدم الدكتور جمال بوطيب هذه المجموعة في ثلاث صفحات ليس إلا.
w- ( بالأحمر الفاني: امرأة من زمن الحرب): وفاء الحمري. من الحكي المخضب. تجمع المجموعة بين جنسين أدبيين: القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، سنة 2009م، وذلك عن مطبعة إديسيون بالدار البيضاء. وتضم هذه المجموعة أربعا وأربعين ( 44 ) لقطة قصصية من نوع القصة القصيرة جدا، و تسع (9) قصص قصيرة. وتقع المجموعة في تسع وسبعين (79 ) صفحة من الحجم المتوسط، والكتاب من تقديم الأستاذ الناقد محمد معتصم.
x- (نشاز آخر…للبياض): زليخا موساوي الأخضري، أضمومة قصصية. تجمع المجموعة بين جنسين أدبيين: القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. وقد صدرت هذه المجموعة القصصية، في طبعتها الأولى، عن مطبعة دار التوحيدي بالرباط سنة 2012م . وتضم هذه المجموعة خمس ( 05 ) قصص قصيرة جدا، و ثلاثا وعشرين (23) قصصا قصيرة. وتقع المجموعة في ثمانين (80 ) صفحة من الحجم المتوسط. ويخلو الكتاب من أي تقديم استهلالي.
ä المجموعات المشتركة:
u ( حتى يزول الصداع): جامعة المبدعين المغاربة، مجموعة قصصية مشتركة، تضم مبدعين ومبدعات على حد سواء. ومن بين هذه المبدعات نذكر: حياة بلغربي ” بلقيس”، وأمينة الإدريسي، ومليكة الغازولي، ومينة ناجي، وكريمة دالياس. وتضم هذه المجموعة ، التي صدرت عن أنفوبرانت بفاس سنة 2011م، ستا وعشرين ومائة (126 ) صفحة من الحجم المتوسط ، وإحدى وثلاثين(31) قصة قصيرة وقصة قصيرة جدا. ويعني هذا أن هذه المجموعة مختلطة على مستوى التجنيس، ومشتركة بين الذكور والإناث.
D البنية الدلالية في (قطرات الندى):
تبتدىء أمنة برواضي مسارها الفني والإبداعي بكتابة رواية سمتها:(أبواب موصدة)14، وقد كانت الكاتبة فيها تتأرجح بين الرومانسية والواقعية، لتنتقل – بعد ذلك- إلى تجريب جنس أدبي جديد في الساحة الثقافية العربية، ألا وهو جنس القصة القصيرة جدا، وقد كتبت مجموعتها الجديدة (قطرات الندى) في خمسين قصيصة مختلفة من حيث المواضيع والتيمات والفئات الدلالية. ومن ثم، فقد اتسمت قصيصاتها بالشاعرية المتدفقة بالجروح والأنات والآهات، كما يتجلى ذلك واضحا في القصيصة الأولى: (كيف تعلمت؟). واستعانت أيضا بشعرية الأحلام، كما يبدو ذلك جليا في قصتيها: ( الأحلام)، و(أنانية عمياء). كما انساقت الكاتبة وراء الرؤية الواقعية، ويتضح ذلك بينا في مجموعة من قصصها، مثل: (الاقتصاد)، و(البالوعات)، و(السائق)، و(الشيء الغريب)، و(القهر)، و(سلوك مهذب)، و(معروف) … ومن جهة أخرى، فقد وظفت الرؤية الرقمية في قصتيها: (أمام الحاسوب- تأمل). واستخدمت كذلك قصصا يمكن إدراجها دلاليا ضمن شعرية التذكر ، كما في قصصها: (الأيام) ، و(أوراق)، و(رحيل)، و(لكل صورة ذكرى)…
هذا، وقد شغلت الكاتبة مجموعة من المتخيلات الموضوعاتية ، كمتخيل الحزن والمأساة، كما يتبين ذلك واضحا في قصصها: (النياشين)، و(الهدف)، و(أمام الحاسوب)، و(انتقام)، و(انهيار)، و(توتر)، و(حسرة)، و(خريف)، و(دموع ساخنة)، و(غضب)، و(مطر)، و(نكران الجميل)… ومتخيل الحرية كما في قصتها: (ثمن الحرية)، ومتخيل الحياة كما في قصتيها: (درب الحياة)، و(شرارة غضب)، ومتخيل الوحدة والغربة والمنفى ، كما يبدو ذلك بينا في قصصها، ولاسيما: (فرصة)، و(لامفر)، ومتخيل الأمل كما في قصتيها : (كبرياء)، و(كبش فداء)… ومتخيل التذويت كما في قصصها: (هستيرية، ومشاعر متدفقة، وما أفسده الدهر، ومرآتي)، ومتخيل الموت كما في قصصها:( المستشفى، ومن أجل شبر أرض، وموعد…)، ومتخيل المكان كما في قصتها:(وطني).
ويعني هذا أن المجموعة متنوعة من حيث التيمات والمحتويات، كما أن الكاتبة متجذرة في واقعها التزاما وملاحظة ورصدا وتقويما. ومن ناحية أخرى، يتبين لنا من خلال قصص المجموعة بأن الكاتبة لم تتخلص بعد من ثنائية الواقعية والرومانسية ، وإن كانت قد أثرتها في هذه الأضمومة برؤية جديدة، وهي الرؤية الرقمية التي تحمل في طياتها نوعا من العبثية السوداوية، والضياع الوجودي، والاغتراب الذاتي والمكاني.
D البنية الفنية والجمالية:
توظف الكاتبة في مجموعتها القصصية القصيرة جدا مجموعة من الملامح الشكلية والأسلوبية التي تتميز بها القصة القصيرة جدا بصفة عامة، كالتكثيف، وتوظيف التراكيب الفعلية، وسرعة الإيقاع، والإكثار من الأفعال الحركية، وتنويع المقدمات والخواتم، واستعمال السرد، وتشغيل الصور السردية، والتأرجح بين التعيين والتضمين…
هذا، ومن أهم ملامح هذه المجموعة قصر الحجم، كما يتضح ذلك في قصتها: (دموع ساخنة):” يشد بلطف على يديها الجافتين المثلجتين.
ينكب عليهما ليقبلهما.
تسرع قطرات الدموع الساخنة لتبللهما.
بين سكرات الموت تفتح عينيها وقد تلألأت بداخلهما دمعة فراق.”
و تعبق قصصها أيضا بملمح الرمزية كما في قصتها: (بالخط العريض):
” كانت الرغبة في الانتقال ملحة ، ليجد مكانا دافئا بين عائلته.
تلقفته مخالب ثعلب ماكر تصيده بسهولة…
انشرح صدر الضحية أمام الوعود الكاذبة…
وتوسم الخير أخيرا في الآتي من الأيام.
في غفلة منه ومكر محكم سلبه الثعلب كل ما ادخره.
أو بالأحرى كل ما تبقى له…
بينما كان ينتظر الانتقال المزعوم، صدمه عنوان بالخط العريض
القبض على الثعلب الماكر…”
وتظهر هذه الخاصية الرمزية أيضا في قصتها: (الأقنعة نفسها) :
” بالديار مرت العاصفة.
أسقطت كل الأقنعة…
بدت الصور مشوهة مخيفة…
فسلت الخناجر من نصالها.
وانقض الكل على الصور المشوهة يحطمها.
في غفلة من الكل، تسللت أياد خفية، ولبست الأقنعة نفسها.”
وينضاف إلى ذلك، أن قصصها تتسم بملمح السخرية، كما يتجلى ذلك في قصة: (المباراة والساعة). وتحضر هذه السخرية أيضا في قصتها:(نشرة الأخبار): ” غارات على مدينة حلب…
أزمة انقطاع الماء عن القدس المحتلة…
زيادة في أسعار المحروقات…
حوادث مهولة في جهات مختلفة نتيجة للسرعة المفرطة…
حرارة مرتفعة تنجم عنها حرائق غابوية.
لم تتمكن الجهات المعنية بعد من إخمادها.
إضراب عام لعمال النظافة.
الروائح الكريهة تملأ الأنفاس من نشرة الأخبار…
وفي الختام تطل علينا المذيعة الجميلة،
بابتسامة عريضة، مودعة لنا على أمل أن توصل لنا باقي
الروائح في الغد…..”
ولا ننسى كذلك ملمح الحوارية في قصة:(المولود الجديد)، وملمح الحذف كما في قصتها: (إهمال):
“تتسلل من بينهم لتجلس مع وحدتها في الشرفة.
بعيدا عن كل من بالبيت.
تطول المدة لم يلحق بها أحد.
ربما لم يلتفت أحد لغيابها.
جلست تتأمل …
ما يجري تحت الشرفة.
مرة تتلهى بطفل يقذف حجرا برجله.
ومرة بأحد المارة يزعج الناس بصوته المرتفع في الهاتف .
ومرة بقهقهات شباب غير مبالين بما يجري حولهم .
ومرة……
ومرة…..
مر الوقت، وانتبهت لتتأمل حالة الإهمال التي لحقت بها…”
علاوة على ذلك، تتميز قصصها بملمح الإيحاء والتعريض والتلويح الكنائي، كما يبدو ذلك واضحا في قصتها: (شراكة):” أخبرها بعد صمت طال:
أنه يود خطبتها.
ابتسمت في داخلها.
لأنها وجدت من تحقق معه كل طموحاتها…
أضاف:
بعدها مباشرة نقترض لنشتري منزلا يضمنا.
أعجبتها فكرة البيت، لكن نون الجمع أيقظتها من شرودها.
أضاف:
وإن شئت استضفنا أسرتي، ريثما أتدبر لهم منزلا…
فأجابت وهي تستعد لمغادرة المقهى:
سأفكر في المشروع…”
ومن جهة أخرى، تختار الكاتبة أوصافها بدقة، وتنتقيها انسجاما وتناسبا مع قصر قصصها القصيرة جدا، كما يظهر ذلك بينا في هذه القصة:” يتكئ بجسمه النحيل على حافة السرير…
و عيناه عالقتان بقارورة – السيروم- …
وكأنه يعد قطراتها وهي تنزل متثاقلة
يحاول النهوض ينهار…
يحاول مرة أخرى
ها هو يسير في اتجاه المغسل
بيده اليمنى يحمل كيس- السيروم –
وبالأخرى يستند إلى الحائط … أخيرا يصل…
قبل أن يفتح الصنبور
يسقط على الأرض…
ينظر إليه شريكه في الغرفة
ويغمض عينيه…. في غيبوبة…”
ويعني هذا أن مجموعة أمنة برواضي حبلى بالخصائص الفنية والجمالية المتنوعة. وعلى الرغم من ذلك، فهي أضمومة كلاسيكية في بنائها تجنيسا وتأسيسا وتركيبا.
خلاصة تركيبية:
وخلاصة القول: لقد أغنت المبدعة أمنة برواضي مشهد القصة القصيرة جدا بالمغرب، وذلك بمجموعتها السردية الأولى: (قطرات الندى)، تخييلا وتحبيكا وتخطيبا. ومن ناحية أخرى، فقد ساهمت في إثراء ببليوغرافيا الكتابة النسائية المتعلقة بهذا الجنس الأدبي الجديد. ويتسم عملها الإبداعي هذا بمجموعة من الخصائص الدلالية والفنية التي تميز الكتابة النسائية المغربية في مجال القصة القصيرة جدا ، مثل: التذويت، والانطواء على الذات، والاسترسال في المشاعر ، والانسياق وراء التأمل والتذكر ونشدان الأمل، والخوف من سطوة الزمان، والحذر من قسوة الأيام الجارفة بلذة الشباب، والحديث عن الزواج وبناء الأسرة، والاهتمام بالتربية، والثورة على الواقع الكائن وتناقضاته الجدلية، وإدانة الإدمان على الفضاءات الرقمية، والتلذذ بالرومانسية، والتأرجح بين الحياة والموت، والتغني بالغربة والوحدة والمنفى، والانطلاق من الرؤية المأساوية الحزينة.
أما من الناحية الفنية والجمالية، فقد وظفت الكاتبة السخرية، والحجم القصصي القصير جدا، والجمل الفعلية، والمزاوجة بين التعيين والتضمين، وتشغيل الانزياح، وتوظيف الإيحاء، والترميز، والتلويح، والتعريض…
وأخيرا، فلا غرو إذا قلنا: إن أمنة برواضي قادرة في المستقبل على العطاء والتجريب والتأصيل في جنس القصة القصيرة جدا، وقادرة أيضا على التجديد والتطوير والتميز في هذا الفن بلاشك ، وذلك على مستوى الأشكال والمضامين والرؤى.
1 – الحسين زروق: الخيل والليل، لقطات قصصية، مطبعة النور الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1996م، 76 صفحة من الحجم القصير.
2 – فاطمة بوزيان: ميريندا، قصص، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م.
3 – الزهرة رميج: عندما يومض البرق، قصص قصيرة جدا، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م، 94 صفحة من الحجم المتوسط.
4 – السعدية باحدة: وقع امتداه..ورحل، قصص قصيرة جدا، دار القرويين، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2009م.
5 – سناء بلحور: رعشات،قصص قصيرة جدا، التنوخي للطبع والنشر والتوزيع، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م.
6 – نعيمة القضيوي الإدريسي: رقص المرايا، قصص قصيرة جدا، سليكي أخوين، طنجة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
7 – صالحة سعد: الربيع حلم شتوي،قصص، التنوخي للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
8 – سمية البوغافرية: أقواس، قصص قصيرة جدا، التكوين للنشر والتوزيع، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2012م.
9 – زليخا موساوي الأخضري: نشاز آخر…للبياض، أضمومة قصصية، منشورات دار التوحيدي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م.
10 – مليكة بويطة: الحلم والحقيقة، قصص، مطبعة IMBH ، آسفي ، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م.
11 – بديعة بنمراح: حلم لايرى النور، قصص، مطبعة أنفوبرانت،فاس، المغرب، الطبعة الثانية 2011م، والطبعة الأولى سنة 2008م.
12 – وفاء الحمري: بالأحمر الفاني، إديال إديسيون،الدار البيضاء،المغرب، سنة 2000م.
13 – جامعة المبدعين المغاربة: حتى يزول الصداع، مجموعة قصصية، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م.
14 – أمنة برواضي: أبواب موصدة، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م، عدد الصفحات: 183صفحة من الحجم المتوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.