في هذا اليوم، 22 أكتوبر 2012، سيحيي عشاق الفن الريفي الأصيل الذكرى التاسعة لرحيل الفنان المحبوب سلام الريفي. في هذا اليوم سيستحضر الريفيون أغانيه وسيتذكرون أغانيه التي سطرها بأهداب عوده بكل فخر واعتزاز. هذا الفنان “الريفي” الذي رحل دون أن يمنح لنا فرصة أخيرة لنودعه بدمعة حزن وأسى. هذا الذي لم تحضى شعبيته وباقات أغانيه حتى لو مرة واحدة بالتكريم على الرغم من مساهماته الفعالة الراقية بالفن والتراث الريفي الأصيل إلى الأفضل. هذا الذي ضحى بوقته، طاقته، كلماته وألحانه…، لأجل مكانة خاصة تليق بالأغنية الريفية. هذا الذي… هذا الذي… وما أكثر ما فعل أو يستحق أن يقال عنه. سلام الريفي.. صاحب الصوت الشجي والندي الذي ترعرع في أكناف طاب فيها عشق الأرض والأم على حد سواء، الصوت الأقرب إلى الروح… في صوته لغزٌٌ لم يُكتشف بعد، وفي نظراته بريقٌ لا يعرفه إلا العشاق والشعراء.. لم تحضى لي فرصة الإستماع لأغانيه حتى بعد رحيله بأيام… وكان لي أن رأيته قبل رحيله بأيام قليلة على إحدى القنوات المغربية وهو يغني في مهرجان خنيفرة أغنيته الشهيرة “يما مين ذاي يوين أذراحغ ذارايس”… ومباشرة بعد ذلك انطلقت أجمع أشرطته التي احتلت مكاناً خاصاً في قلوب الريفيين واحتلت بالتالي مكانة أخص في مكتبتي. بداية من “يما مين ذاي يوين” إلى أن وصلت لتلك الأغنية الساحرة “يما ذاي يارْبَّان” تلك الموشحة الإيمانية التي أبدعها سلام الريفي وتألق معها صوت ميلودة الحسيمية وأصابني بحالة من السكون والطمأنينة… ومنذ ذلك الحين وأنا لا يستقر لي مزاج ولا يهدأ لي بال حتى تأخذ روحي نصيبها اليومي من صوت سلام.. غاية العذوبة.. منتهى الحنين، كلها اجتمعت في ذلك الصوت البديع، فسبحان الصوت الشجي. إذا ما تعكر صفو سماءك ولم تجد لا من تحب ولا شيئا من هذا القبيل لتفكر أو لتتشوق به لأجل حياة مهمومة شنِّف أذنيك بأغنية من إحدى أغانيه فستغدو حياتك، من بعد التفكير، جنانا وبلسما؛ وقتها ستنتمل قلما وتستحضر دواة وأوراقا وتعتصر كتابة عن حب أحمر متقد كالجمر ترك فيك ندوبا تؤلمك كلما نكأتها لترسم حفريات على أعصابك فتغدو حفرياتك بلسما وجنانا أيضا.. يا سلام كم ضجيجا وكم إهانات وكم كآبة كنت أهلها، سيفتقدك قومك في الليلة الظلماء… أنت الذي غدرت بك المنون في أحلى قصة حب… على صوتك تعلم الفتيان… وداعا أيها المقاتل الذي لم يستودع السلاح، تجوس بصوتك فينا مثل محارب قديم من زمن التشظي والمجازفات وأعراص الريف… أنت الآن راحل عنا، لكن صوتك حاضرٌ ومكانتك تزداد بريقاً وتألقاً يوماً بعد يوم.