حميد المهدويوأخيرا، سيعتزل عباس الفاسي السياسة، قبل أن يعتكف على كتابة مذكراته، بعد المؤتمر القادم لحزب الإستقلال، حسب ما ذكرته مصادر مطلعة، نهاية الأسبوع الماضي. وطبعا، ستتباين إنتظارات المهتمين بحياة " الزعماء السياسيين" المغاربة من مذكرات السي عباس، بين من يترقب معرفة حقيقة "فضيحة النجاة" وبين من يريد أن يعرف ما جرى في سياق تشكيل ما اصطلح عليه إعلاميا ب "حكومة سيدي قدر" سنة 2007، التي ترأسها المعني، فيما آخرون يتوقون بلهفة شديدة لمعرفة كيف تأتى للسي عباس أن يصير من "المحظيين" في المغرب المستقل (...) بعد أن عُين وزيرا للسكنى وإعداد التراب الوطني سنة 1977، ثم وزيرا للصناعة التقليدية والشؤون الاجتماعية سنة 1981، فسفيرا في تونس سنة 1985، ثم ممثلا للمغرب بأمانة إتحاد المغرب العربي سنة 1990، رغم أن والده القاضي السي عبد المجيد الفاسي كان رأسه مطلوبا لرجالات الحركة الوطنية بمنطقة الغرب، بعد ورود إسمه ضمن لائحة أسماء الوفود التي كانت تتردد على الخائن محمد بنعرفة، لتهنئته على نجاته من يدي الشهيد علال بنعبد الله. نعم، نتلهف لمعرفة سر تعيينكم سفيرا في فرنسا، سنة 1990، رغم أن والدكم تكلف بنفسه بإلقاء كلمة ترحيب بأعضاء الوفد الذي حل بالقنيطرة للتداول في كيفية خلع السلطان محمد الخامس، بمقر القائد "ابراهيم الزهاني" بحضور الباشا "الكلاوي" والجنرال "غيوم"، معربا في ذات الكلمة عن مساندته وتأييده لعريضة خلع السلطان. إننا نتوق لكشف سر تعيينكم وزيرا للتشغيل في حكومة اليوسفي سنة 2000، في حين تؤكد مصادرنا أن والدكم كان يترأس الصلاة بمساجد المنطقة التابعة لنفوذه، كل يوم جمعة، ليُلزم الأئمة بالدعاء لابن عرفة، وإذا رفض أحدهم يكون مصيره السجن خمس سنوات نفيا خارج القنيطرة مثلما وقع للإمام "المفضل" رحمه الله. نعم نتلهف، ونحن على حافة الجنون، لمعرفة كيف تأتى لكم أن تصيروا زعيما لأهم فصيل سياسي داخل فصائل الحركة الوطنية وهو حزب الإستقلال، ثم وزيرا للدولة في حكومة ادريس جطو سنة 2002، بينما عدد من المصادر الموثوقة تفيد بأن قصائد والدكم في مدح بنعرفة والفرنسيين كانت تذاع عبر الأثير من خلال برنامج "من الشعب وإلى الشعب". إننا نتوسل إليكم أن توضحوا لنا في مذكراتكم، كيف صرتم رئيسا لحكومة المغاربة الأحرار سنة 2007، والعدل " قدور الورطاسي " الذي اشتغل إلى جانب والدكم يؤكد بأن الأخير سهل على الفرنسيين عملية الإستيلاء على أجود أراضي المواطنين المغاربة من خلال تسجيلها في المحافظة العقارية أثناء خدمته ببركان أو بالقنيطرة نظير تلقيه مبالغ مالية كانت جواز سفركم نحو حياة البذخ والنعيم والنفوذ والجاه، في وقت يموت فيه مغربي حر اسمه مومن الديوري، قبل أيام قليلة ماضية، بتلك الطريقة المؤلمة، وهو الذي استشهدت أمه وإخوته ووالده محمد الديوري من أجل الإستقلال بعد أن رفض والده من داخل زنزانته في سجن "آيت ورير" عرضا للباشا الكلاوي، بأن يكون حاكما على المنطقة الشمالية نظير إقناع أتباعه بنصرة بنعرفة وتخليهم عن السلطان الشرعي محمد الخامس؛ نعم مومن الديوري الذي ضحى بثروته وثروة أبيه وذاق أقسى صنوف العذاب في سبيل مغرب حر ومستقل عن أي إرادة غير إرادة المغاربة يرحل عنا في ذلك الصمت الرهيب والقاتل، بعد أن ترك أرملته وهي معدومة وعاجزة عن أداء واجبات شقة صغيرة تكتريها في القنيطرة، فيما السي عباس الفاسي ابن القاضي السي عبد المجيد الفاسي شاعر الفرنسيين وبنعرفة يرفل في الجاه والنعيم.. اللهم إن هذا لمنكر اللهم إن هذا لمنكر...