لا أذكر أن وزيرا أول تعرض إلى التحقير والسخرية كما تعرض لهما عباس الفاسي. "" لا أفهم كيف امتلكنا الجرأة كي نحول رئيس الوزراء المحترم السي عباس الفاسي إلى مجرد عبيبيس. كيف احتقرنا منصب رئيس الوزراء إلى هذه الدرجة المنحطة؟ ما الذي تغير فينا؟ نحن الذين كنا نضرب المثل في النخوة والعظمة والنفوذ بالوزير الأول أحمد عصمان، وكنا إذا أخبرنا مواطن بأن رئيس الجماعة استقبله نردعه هازئين: " إيه، أنت هو عصمان؟" وكنا نضرب المثل في الغنى والجاه بالوزير الأول كريم العمراني، وكنا نصدق أن الملك بكل ثرائه الفاحش إذا "حصل" يتسلف من العمراني. وكان الوزير الأول عبد اللطيف الفيلالي في مخيالنا الشعبي مرادفا للعائلة الملكية، من ذا ينسى حفل زفاف ابنه الأسطوري الذي أقامه الحسن الثاني؟ فلماذا لم نفعل نفس الشيء مع عبيبيس؟ صحيح أنه باع الوهم لبعض الشباب ذات سنة، لكن أي مسؤول مغربي لم يبع الأوهام لشعب كامل طيلة خمسين سنة؟ صحيح أنه وزير عاجز ويخضع للتعليمات، لكن كيف نصدق أن الوزراء السابقين كانت لهم قوة شخصية أمام ملك أجمعنا على أنه كان ديكتاتورا كما يقول المؤرخون الجدد؟ كنا نحترم الوزير الأول يوم كان لا يمثل إلا نفسه وعائلته، وصرنا نمسح بكرامته الأرض يوم صار يمثل حزبا ممتدا من وفي الشعب... لقد جربنا طويلا أن نسخر من الوزير الأول وهو يمشي، نضحك متهكمين وهو يتكلم، ومرغنا سمعته في الحبر ونحن نراه يطير في رحلات سندبادية.. دعونا نجرب ولو لمرة واحدة أن نحترمه. دعونا ندعُ له بالنجاة وهو يسافر ولو الى دولة يتغير موقعها على الخريطة حسب تقلبات المناخ. ندعُ له بالتوفيق وهو يدشن شيئا لا نعرف أهميته. دعونا نستمع إليه ولو لمرة واحدة دون أن نضحك ولنصدقه. أرجوكم امنحوه الإحساس بالثقة ...فكلما ضعف عباس الواجهة تقوى عبابيس الخفاء. ويا ويل الأجيال القادمة من هؤلاء العبابيس.. www.sou9press.com