بعد اختطاف الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود واعتقاله في مخيمات تندوف، فقط لأنه أدلى برأيه المساند للحكم الذاتي، تتضح ممارسات هذه المنظمة التي تقول إن موقف "استقلال الصحراء" هو موقف غالبية الصحراويين، وتدعي تمثيلها للصحراوين في المفاوضات الأممية من أجل إيجاد حل نهائي لنزاع مستمر منذ أزيد من ثلاثة عقود. ولم يكن هذا الاعتقال هو الأول من نوعه، بل سبقته اعتقالات أخرى شملت عددا من معارضي جبهة البوليساريو، ومنهم من يساندون مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كحل لإنهاء مأساة لاجئي مخيمات تندوف، وضمان عودتهم بكامل الكرامة والحرية لذويهم في مختلف مناطق الصحراء المغربية، مع ضمان مشاركة الصحراويين من مختلف المشارب في تدبير شؤونهم. ومما يعزز مصداقية هذا الخيار، فتح النقاش على مستوى المغرب ككل من أجل خلق جهات تتمتع بصلاحيات واسعة في تدبير الشؤون المحلية بما في ذلك إمكانية انتخاب برلمانات محلية وإفراز حكومات منبثقة عنها، مما يعني أن الصحراويين قد ينتخبون حكومتهم في إطار مغرب جهوي موحد ومتعدد. واليوم، يعقِّد البوليساريو الأوضاع بما يقوم به من ممارسات تعسفية ومن خرق لحقوق الإنسان وإجهاز على الرأي المختلف، ويساهم بكل هذا العمل المشين في حرمان سكان المخيمات من اتخاذ الموقف الذي يعتقدونه سليما، وبالتالي، فهذا يعني أن الموقف الذي تدعيه قيادة البوليساريو من "رفض للصحراويين" لمبادرة الحكم الذاتي هو مجرد مصادرة لرأي قد يكون هو رأي الأغلبية، وهذا ما على الأممالمتحدة أن تتقصاه، إذ لا يعقل أن تتحول مخيمات تندوف إلى كمبودج جديدة يحكمها بولبوت جديد ! مسؤولية الأممالمتحدة في حماية اللاجئين واضحة وعليها أن تضع الدولة الجزائرية أمام مسؤولياتها وفق القانون الدولي. إن الجزائر تتحمل المسؤولية القانونية عما يقع على أراضيها، حتى من وجهة نظر القانون الدولي الذي يحمل الدولة التي تقع على ترابها مخيمات اللاجئين في حمايتهم من البطش والتنكيل، وهذا يعني حماية من يدافع عن الحكم الذاتي. إن تفريط الجزائر في مسؤوليتها يحملها مسؤولية جسيمة وفق القانون الدولي، أما البوليساريو، مرة أخرى، فإنه فقد مسؤولية الحديث باسم الصحراويين، واليوم حان الوقت لضمان حق تقرير المصير بالفعل لسكان مخيمات تندوف، بتحريرهم من سطوة جبهة البوليساريو التي تكتم أنفاسهم وتحتجزهم كورقة في صراع لا تريده أن ينتهي .. آن لسكان المخيمات أن ينتخبوا من يتحدث باسمهم، ومن حقهم أن يبحثوا عن خيار ينهي معاناتهم، وهذه قضية إنسانية تستحق أن ينظر إليها العالم من زاوية حق هؤلاء المعذبين في العودة إلى وطنهم بكل حرية ليعشوا حياة كريمة مثل أغلب سكان المعمور.. إنها ليست زاوية، بل باب كبير لا ينظر عبره إلا الذين يقدرون معنى حق البشر في حياة، وحقهم في التعبير !! ألم يولد الناس أحرارا كما يقول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟