أثار منع السلطات المغربية توزيع مجلة إسبانية بسبب نشرها فصولاً من كتاب تتناول بالنقد الملك محمد السادس، شكوكًا حول نية السلطات المغربية إجراء الإصلاحات التي وعدت بها لمواجهة موجة احتجاجات كبيرة مطلع العام الماضي تأثرت بالربيع العربي الذي أسقط حتى الآن 4 حكام مطلقين في تونس ومصر وليبيا واليمن. ورغم الخطوات الإصلاحية التي أعلن عنها العاهل المغربي، والتي لاقت تجاوبًا شعبيًا تمثل في عزوف مع الوقت على المشاركة في الاحتجاجات، فإن منظومة من القوانين مازالت تمنع توجيه أي نقد للملك وتفرض عقوبات تصل إلى السجن بحق من يتورط في هذا الأمر. وعلى وقع مظاهرات كبيرة بدأت في 20 فبراير 2011 في مواجهة السلطة المطلقة وتدني الأوضاع المعيشية، أعلن الملك الشاب عن سلسلة إجراءات إصلاحية العام الماضي، تمثلت في دستور جديد صوّت المغربيون عليه في يوليو الماضي بالموافقة، يقلص بعض الصلاحيات السياسية للملك، ويمنحها للحكومة. وعلى الرغم من أن هذا الدستور أبقى سلطة الملك نافذة على المؤسستين العسكرية والدينية، فإن معظم المغاربة تفاعلوا مع هذه الخطوة الإصلاحية وتخلوا عن الاحتجاج ضد النظام بعد إقرار مسودة الدستور. ولم تمض بضعة أشهر على إقرار الدستور حتى أدت انتخابات تشريعية مبكرة في نوفمبر الماضي إلى فوز الإسلاميين المعتدلين في حزب العدالة والتنمية. ولكن مع الاتساع النسبي في مناخ الحرية في المغرب التي شهد محيطها الإقليمي ثورات في تونس ثم مصر ثم ليبيا فضلاً عن ثورتي اليمن وسوريا، فإن شخص الملك مازال محصنًا من النقد، فيما يستدل به النشطاء المتمسكون بالاحتجاج في الشارع للتأكيد على أن الإصلاحات شكلية. وعوقب منذ نحو أسبوعين المدون عبد الصمد هيدور بالسجن 3 سنوات، بعد أن انتشر فيديو على موقعي "يوتيوب" و"فيس بوك"، يظهر فيه وهو ينتقد العاهل المغربي الذي ورث السلطة عن والده الملك الحسن الثاني. واستند الحكم على نص في قانون العقوبات يمنع المساس ب"المقدسات". فيما استند قرار منع المجلة الإسبانية من التوزيع على نص في قانون الصحافة يمنع "المساس بشخص الملك". كان مسؤول في وزارة الاتصالات المغربية قد برر منع تداول مجلة "إل باييس" بأنها نشرت فصولاً من كتاب حول الملك محمد وصفتها بأنها "افترائية ولا تستند إلى أدلة"، و"أساءت لصورة جلالته وإلى مؤسسات البلاد". وقال المسؤول المغربي أيضا إن "منع توزيع الصحيفة لا علاقة له بحرية التعبير، إنها افتراءات"، ملمحًا إلى أن "أل باييس" زادت هذا النوع من المقالات في وقت تشهد فيه العلاقات بين المغرب وإسبانيا تحسناً كبيراً على الصعيد الثنائي مع عدد كبير من الزيارات الرسمية من الجانبين. وقبل عشرة أيام، منع أيضًا توزيع عدد من "إل باييس" بتاريخ 16 فبرابر بسبب كارتوني عن الملك محمد السادس، وأعلنت وزارة الاتصالات أن "قرار المنع قد اتخذ تطبيقاً للمادة 29 من قانون الصحافة التي تحظر أي مساس بشخص الملك"، وأضاف "في هذا الرسم الكارتوني ثمة إرادة متعمدة لتشويه الصورة والإساءة إلى شخص الملك".