في ذكرى 11 شتنبر، يوم تفجير برجي التجارة العالميين بنيورك، تنشر "الرهان" جزء من محضر استنطاق خالد الشيخ محمد الذي يعتبر العقل المدبر، للتفجير، وبالمناسبة فخالد الشيخ درس في الولاياتالمتحدة وتخرج مقاتلا في أفغانسان والبوسنة، قبل أن ينتمي إلى القاعدة. في ذكرى 11 شتنبر، يوم تفجير برجي التجارة العالميين بنيورك، تنشر "الرهان" جزء من محضر استنطاق خالد الشيخ محمد الذي يعتبر العقل المدبر، للتفجير، وبالمناسبة فخالد الشيخ درس في الولاياتالمتحدة وتخرج مقاتلا في أفغانسان والبوسنة، قبل أن ينتمي إلى القاعدة. ويستعرض محضر استنطاق خالد الشيخ محمد، "العقل المدبر" لهجمات 11 شتنبر 2001، مختلف مراحل خطة الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة ضد أهداف أمريكية(1). كما يكشف هذا المحضر أن خالد الشيخ محمد كان بصدد التفكير في إعداد موجة ثانية من الهجمات يوظف فيها منفذين من أصول أوربية وآسيوية شرقية، لكنه وضعها جانبا إلى حين التخطيط لها تخطيطا كاملا. فيما يلي مقتطف من هذا المحضر(2) الذي قُرئ يوم محاكمة زكريا الموساوي: قدم خالد الشيخ محمد معلومات حول توضيح مشروع اختطاف انتحاريين طائرات في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ففي غضون سنة 1994، اشتغل هو ورمزي يوسف وأسامة السامرائي المعروف بوالي خان وعبد الحكيم مراد على "مشروع بوجينكا" الذي كان يرتكز على تفجير 12 طائرة تابعة لشركات أمريكية قادمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية أو متوجهة إليها. غير أن هذا المشروع أحبط في بداية سنة 1995. زار خالد الشيخ محمد أفغانستان سنة 1996 بغية إقناع بن لادن بإعطائه المال والرجال بهدف اختطاف عشر طائرات في الولاياتالمتحدةالأمريكية والاصطدام بها ضد أهداف مدنية وعسكرية، خمسة منها تقع على الساحل الغربي والخمسة الأخرى على الساحل الشرقي. في البداية، عبر بن لادن عن شكوكه في جدوى العملية، لكنه غير رأيه في شهر مارس أو أبريل من سنة 1999 واستدعى خالد الشيخ محمد إلى مدينة قندهار الأفغانية. وأبلغ بن لادن خالد الشيخ محمد باستنتاجه قابلية تحقق المشروع في ذلك الوقت وأخبره أن العملية أصبحت تتمتع بدعم القاعدة الشامل. واقترح بن لادن على الشيخ محمد أربعة أشخاص مستعدين للقيام بعملية انتحارية هم: وليد محمد باعطاش (المعروف بخلاد) وأبو بارة اليمني وخالد المحضار (أو المحظار) ونواف الحزمي. وما إن حظي مشروع الاختطاف بموافقة بن لادن، حتى بدأ خالد الشيخ محمد وأطر أخرى أساسية في القاعدة، ممن أخبروا بهذا الأمر، يشيرون إليه بعبارة "عملية الطائرات". واعتبر خالد الشيخ محمد أن المشروع يحتاج لسنتين تقريبا لتوضيحه وتنفيذه. كان من اللازم على خالد الشيخ محمد أن يباشر أول تعديل شامل على مخططه في ربيع وصيف العام 1999 عندما علم أن باعطاش وأبو بارة، وهما من اليمن، لم يتمكنا من الحصول على التأشيرة الأمريكية. كان خالد الشيخ محمد يرغب في مشاركة هذين المنفذين في العملية شأنهما شأن يمنيين آخرين ينتمون للحراسة المقربة من بن لادن من بينهم أبو البطار اليمني. وهكذا صمم خالد الشيخ محمد تقسيم العملية إلى جزءين منفصلين ليضمن مشاركة اليمنيين. كان الجزء الأول يتعلق بالولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ قرر خالد الشيخ محمد إرسال عدد غير محدد من المنفذين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية قصد اختطاف أجهزة الطيران الأمريكي والارتطام بها ضد أهداف تقع في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومنذ منتصف سنة 1999، عُيِّن المحضار والحزمي، اللذان حصلا في السابق على التأشيرة الأمريكية، للمشاركة في العملية. وكان الجزء الثاني من العملية، الذي صُمِّم كنسخة محدودة من مشروع "بوجينكا"، يقتضي توظيف يمنيين؛ أي انتحاريين يختطفون أجهزة الطيران الأمريكي تضمن النقل عبر المحيط الهادي وتفجيرها في الجو بدل توجيهها ضد أهداف برية. وفي منتصف سنة 1999، عين باعطاش وأبو بارة، كما في السابق، للمشاركة في هذا الجزء من العملية... وعلى كل حال، كان المشروع في هذه المرحلة يقتضي تفجير الطائرات المختطفة فوق الولاياتالمتحدةالأمريكية وجنوب شرق آسيا في الجو أو الاصطدام بها ضد أهداف في البر في لحظة واحدة تقريبا لزيادة التأثير النفسي للهجمات. ومع حلول شهر أبريل أو ماي من سنة 2000، ألغى بن لادن الجزء الآسيوي من العملية مؤكدا صعوبة تزامن الجزءين الأمريكي والآسيوي من المخطط. أعلن خالد الشيخ محمد أنه كان سعيدا أن يعهد إليه بن لادن بمسؤولية عملية 11 شتنبر لأنه سبق أن اقترح عملية شبيهة على بن لادن قبل أربعة أعوام من ذلك، أي عام 1996، مباشرة بعد وصول هذا الأخير إلى "تورا بورا" بعد مغادرته السودان. واعتقد خالد الشيخ محمد يعتقد أن العملية ستكون سهلة. وفي هذه اللحظة، اقترح أن يتلقى المجاهدون دروس قيادة الطائرات حتى يكونوا قادرين على اختطاف أجهزة كبيرة ك"بوينغ 707-400" أو طائرات أكبر، لا طائرات صغيرة. ولم يكن يرغب خالد الشيخ محمد في حصر التدريب العسكري في التدريب المقدّم في أفغانستان لأنه كان يعتبره غير مكيف بما فيه الكفاية. وكان خالد الشيخ محمد يرى في البساطة مفتاح النجاح، ولا يحب اللجوء إلى استخدام شفرات في الرسائل أو الرسائل الإلكترونية المطردة. وطلب من المنفذين أن يسلكوا سلوكا طبيعيا ما أمكن وأن يُضَمِّنوا رسائلهم نبرة تربوية أو اجتماعية أو تجارية وأن يجروا مكالمات هاتفية قصيرة. وخوَّل لعطّا سلطة كافية حتى يحصر هذا الأخير اتصالاته به وبباقي مسؤولي القاعدة إلى الحد الأقصى، ويتمكن من اتخاذ القرارات الضرورية. ومنع خالد الشيخ محمد منفذيه من الاتصال بباكستان لسبب مهما يكن. بل ذهب إلى حد حذف كل خاتم أو تأشيرة باكستانية من جوازات سفرهم. كما تلقى عطّا تكوينا في هذا المجال وبرِع في هذه التقنية. أعلن خالد الشيخ محمد أن الهجوم على البرجين التوأمين كان يهدف إلى «إيقاظ الشعب الأمريكي». وفسر أنه إذا كان الهدف عسكريا أو حكوميا صرفا، فإن الشعب الأمريكي لن يعي فظاعة العمل الذي ترتكبه أمريكا بدعمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ولا الطابع الأناني للسياسة الخارجية الأمريكية التي تفسد الحكومات العربية وتزيد حدة استغلال الشعوب العربية والإسلامية. في سنة 1998، وأثناء الاجتماع الأول بين بن لادن وخالد الشيخ محمد، الذي خصص لانتقاء الأهداف، لم يُثِر الرجلان المفاهيم العملية إلا بعبارات عامة. ويعتقد خالد الشيخ محمد أنه يتذكر حضور "أبي حفص" هذا الاجتماع. وعبر بن لادن عن أمله ضرب البنتاغون والبيت الأبيض وبناية "الكابيتول" (مقر الكونغريس الأمريكي)، وأضاف أنه فكر في إقحام نواف الحزمي وخالد المحضار في العملية. وكان يأمل أن يتمكن خالد الشيخ محمد من اقتراح ربابنة منحدرين من منطقة الخليج الفارسي بفضل العلاقات التي يحتفظ بها هناك. وأكد خالد الشيخ محمد أن مجموعة محمد عطّا لم تكن عينت بعد إلى حدود هذه المرحلة. حسب خالد الشيخ محمد، ما إن عُيّن عطّا منفذا مستقبليا، حتى عقد بن لادن اجتماعا جديدا في قندهار لتحديد أي الأهداف ينبغي ضربها. وقد حضر هذا الاجتماع بن لادن وعطّا وأبو حفص وخالد الشيخ محمد. وأوضح هذا الأخير أن الربان الرابع هاني حنجور لم يكن قد عُين بعد في هذه المرحلة. وهكذا اشتغلت المجموعة على فكرة استهداف ثلاثة أهداف فقط، وأكد بن لادن أنه كان يأمل ضرب هدف عسكري وآخر سياسي وثالث اقتصادي. وبفضل تعاونه مع رمزي يوسف في بداية التسعينيات، كان خالد الشيخ محمد يستحضر العديد من الأهداف الممكنة، إذ أثار خلال هذا الاجتماع عشرات الأهداف المحتملة من بينها مركز التجارة العالمي ومركز نووي وبناية "إمباير ستايت" وسفارة أجنبية في واشنطن ومقرات "سي. أي. آي" و"إف. بي. أي". ورغم أن المجموعة رأت من المهم أيضا ضرب مكان يضم ساكنة يهودية كبيرة، لم يُثر أي هدف محدد. وبصفة عامة، أعلن خالد الشيخ محمد أنه اعتبر أن العمارات الأمريكية الكبرى معرضة للهجوم بشكل خاص وأن ضربها سهل. قبل أن يغادر خالد الشيخ محمد أفغانستان، قدم بن لادن لائحة الأهداف التي نقلها خالد الشيخ محمد بعد ذلك إلى عطّا. عندئذ وضع هذا الأخير لائحة تضمنت الأهداف الأساسية. وأخبر بن لادن عطّا أنه يجب أن يضرب برجي مركز التجارة العالمي و"البنتاغون" وبناية "الكابيتول"، لكنه ترك لعطّا معالجة الاختيار بين الأهداف الإضافية الأخرى التي برز من بينها البيت الأبيض وبرج "سيرز" (في شيكاغو) وسفارة أجنبية في واشنطن. وإثر هذه المحادثة، استخدم عطّا برنامجا معلوماتيا لتحديد موقع مركز نووي في "بينسيلفانيا"، قبل بن لادن بإضافته إلى اللائحة. قسمت تفاصيل عملية 11 شتنبر بدقة، ووحدهم خالد الشيخ محمد وبن لادن ومحمد عاطف وكذا بعض أعضاء الكومندوهات المستقبلية كانوا مطلعين على الأهداف المحددة والتقويمات وهوية المنفذين والنمط العملي للهجوم؛ إذ علم العديد من مسؤولي القاعدة السامين وأطرها البسطاء أن خالد الشيخ محمد كان يُعِدٌّ سفر المنفذين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، مما سمح للبعض بإدراك أن القاعدة كانت تخطط هجوما على التراب الأمريكي، لكن لا أحد عرِف الأهداف المحددة أو اطلع على المنهج المتوقع في الهجوم. وليكون مهتما بالتدريب وانتقال المنفذين اهتماما خاصا، كان سيف العدل أول من أُخبر عن بعض تفاصيل المشروع، لكنه لم يتلق أية معلومة قبل العملية. في مرحلة ما من تدريب عطّا، قرر بن لادن أن يكون عطا "أمير" الانتحاريين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن يكون الحزمي مساعدا له. واعتزم بن لادن وأبو حفص في البداية تعيين رمزي بن الشيبة "أميرا" لأنه كان يتزعم "الخلية الألمانية" عندما وصلت هذه الأخيرة إلى أفغانستان، ولأنه ظهر أيضا أن بن الشيبة يمتلك مواهب القائد ويحتفظ بروابط مع منظمات إسلامية غير معروفة في الشرق الأوسط و/أو في أوربا. ويؤكد خالد الشيخ أنه لم يلعب أي دور في تعيين عطّا "أميرا". واحتفظ خالد الشيخ محمد لعطّا بذكرى وكيل ذي قيمة، ذلك أن عطّا ألِف الغرب ألفة كبيرة وكان يشتغل بجد ويتعلم بسرعة (..) لم يشارك أي عضو آخر من أعضاء القاعدة في قرار استخدام طائرات للهجوم على الولاياتالمتحدةالأمريكية أو في الانتقاء الأولي للأهداف، إذ لم يطلع كل الأشخاص المعنيين الآخرين على المشروع، بطريقة مفصلة أو عامة، إلا عندما تورطوا شخصيا في المؤامرة. وهكذا لم يعلم الربابنة بتفاصيل الهجمات المتوقعة إلا بعد أن أبدوا موافقتهم على المشاركة فيها. باستثناء الربابنة، لم يُخبر أي واحد من الرجال الذين اختيروا لتنفيذ العملية بمنهج الهجوم أو الأهداف المرسومة إخبارا مباشرا. ترك للربابنة القرار النهائي لضرب هذا الهدف أو ذاك بهذه الطائرة أو تلك. ولم يخبر عطّا بن الشيبة بالأهداف المختارة إلا خلال اجتماع في إسبانيا عقد في شهر يوليوز 2001؛ وبعد ذلك، نقل بن الشيبة المعلومة لخالد الشيخ محمد. وعالج عطا والشيحي وحنجور والجراح والحزمي التقسيم النهائي للأهداف بين الربابنة. من خلال بن الشيبة كذلك، علم خالد الشيخ محمد أن عطا أكمل اختيار الأهداف في نهاية شهر غشت 2001 وباشر تقسيمها بين الربابنة. وفي هذه اللحظة، أُخبر أعضاء الكومندوهات الآخرون بالأهداف والمخطط العملي للمجموعة. وبن الشيبة هو الذي أخبر خالد الشيخ محمد. في نهاية شهر غشت، عندما حددت التفاصيل النهائية، أخبر بن لادن مجلس الشورى التابع للقاعدة أن هجوما شاملا ضد مصالح أمريكية غير محددة سيحدث في غضون الأسابيع الموالية، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل أخرى. خلال الصيف، نطق بن لادن بملاحظات كثيرة تلمح تلميحا غامضا إلى هجوم وشيك الوقوع، مما أثار إشاعات داخل المجتمع الجهادي العالمي. وأعلن بن لادن لزائرين مهمين أن يتوقعوا هجوما قادما ضد المصالح الأمريكية. وفي خطاب ألقاه في مخيم الفاروق، طلب من المجندين الشباب الدعاء بنجاح عملية شاملة ينخرط فيها عشرون شهيدا. وانزعج خالد الشيخ محمد وأبو حفص من هذا الكشف وضغطا على بن لادن ألا يكرر إثارة العملية بشكل علني. في مرات ثلاث، رفض خالد الشيخ محمد الانصياع لإصرار بن لادن الذي كان يلح عليه باستعجال إطلاق العملية في أقرب وقت مما كان متوقعا. كانت المرة الأولى في ربيع 2001، بعد زمن قصير من وصول عطا وربابنة آخرين ومساعديهم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي غضون ربيع 2001، ألح بن لادن مجددا مرتين على خالد الشيخ محمد لتقديم تاريخ الهجوم. كان بن لادن يريد أن تحدث يوم 12 ماي 2001، أي بعد سبعة أشهر بالضبط من الهجوم على البارجة الأمريكية "يو. إس. إس. كول"، الذي وقع في اليمن. وكانت المرة الثانية في يوليوز 2001 لأن بن لادن علم من خلال الصحافة أن الوزير الإسرائيلي "أرييل شارون" سيزور البيت الأبيض في تلك الفترة. لكن خالد الشيخ محمد قاوم، في الحالتين معا ضغوط بن لادن موضحا أن فريقه لم يكن مستعدا. محطات من سيرة خالد الشيخ محمد 1964 أو 1965: ولد خالد الشيخ محمد في باكستان. 1983 : درس الميكانيك في ولاية "كارولينا الشمالية" الأمريكية. 1987 - 1993 : شارك في القتال بأفغانستان والبوسنا. 1999 : التحق بالقاعدة وأعد هجمات 11 شتنبر 2001 . مارس 2003: ألقي عليه القبض في "روالبيندي" وسلمته السلطات الباكستانية للولايات المتحدةالأمريكية، وهو معتقل منذ ذلك الحين. ________________________________________ 1 مصدر المقال يومية لوموند الفرنسية: http://www.lemonde.fr/web/article/0,1-0@2-3222,36-756516@51-738152,0.html، 2 ترجم المحضر من الإنجليزية Gilles Berton