بعد أسابيع قليلة من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة عن استقالة المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر وشروعه في البحث عن مبعوث أممي جديد، أطلقت الدبلوماسية المغربية جولات استراتيجية همت دولا بكل من أمريكا اللاتينية وأوروبا الشمالية كانت في الأمس القريب تدعم جبهة البوليساريو. وبالتزامن مع الجولة الدبلوماسية التي قام بها وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى عدد من دول أمريكا اللاتينية، قام وفد من المنتخبين الشرعيين بالأقاليم الجنوبة بجولة إلى عدد من الدول الأوروبية التي تعتمد جبهة البوليساريو عليها من أجل لعب ورقة الثروات الطبيعية. وأسفرت هذه الجولة عن إعلان جمهورية السالفادور عن سحب اعترافها بالجمهورية الوهمية التي أسستها جبهة البوليساريو، كما عبرت عدد من الدول الأخرى عن دعمها الكامل لمبادرة المغرب الخاصة بالحكم الذاتي. الموساوي العجلاوي، أستاذ الباحث بالمعهد المغربي للدراسات الافريقية قال في تصريح خاص لموقع القناة الثانية إن الجولة الدبلوماسية التي قام بها ناصر بوريطة تعتبر استمرار للدبلوماسية المبادرة التي سبق وأن أطلقها جلالة الملك محمد السادس سنة 2016 والتي استهدفت كل معاقل البوليساريو، من قبيل جنوب إفريقيا وكوبا وأنغولا، ثم بعد ذلك بعضا من دول أمريكا اللاتينية مثل كوبا. المغرب أصبح يركز على تعزيز حضوره في أمريكا اللاتينية وعدم ترك الفراغات بالنسبة للبوليساريو والجزائر، يقول العجلاوي مردفا: "لكن هذا الحضور لا يقتصر فقط على تحركات من أجل التعريف بوجهة نظر المغرب من قضية الصحراء بل هو حضور مثمر ويحرز النتائج، وهو ما لمسناه في إعلان دولة السالفادور عن سحب اعترافها بالبوليساريو، وتصريح رئيس السالفادور الجديد بأن اعتراف دولته بالجمهورية الإفتراضية أضر كثيرا بعلاقات بلاده مع المغرب ومع عدد من الدول العربية." هذا التغير في الموقف لم يأت من فراغ، وفق الخبير في العلاقات الدولية، موضحا: " بل إن هذه الدول تتعامل مع مؤسسات حكومية ومستقلة تقوم بدراسات التأثير من أجل تحديد مصالحها، وحتى الأوضاع المضطربية في الجزائر، التي تعد الراعي والحاضن لجبهة البوليساريو سهل في التأثير في مواقف بعض الدول، ضمنها السالفادور، والتي لم تعد تقتنع بأن الإنفصال حل واقعي بالنظر إلى أن المنطقة في غنى عن مناطق توتر جديدة يهز استقرارها." وأشار العجلاوي إلى أن هذه المعطيات تعكسها البيانات الختامية التي أصدرتها الدول التي زارها بوريطة والتي أكدت على دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل، وتعكسها أيضا الأنباء القادمة من أمريكا اللاتينية عن تحول في موقف الإيكوادور بخصوص علاقتها بالبوليساريو. وبالتزامن مع جولة بوريطة، يقول العجلاوي: " قام وفد من المنتخبين بالأقاليم الجنوبية بجولة همت ثلاث دول بأوروبا الشمالية هي النرويج وإيسلندا وإيلرندا، وهي دول حاضرة فيها البوليساريو والجزائر بقوة، وتعتمد عليها في ورقة الثروات الطبيعية." واعتبر الخبير في قضية الصحراء أن هذا يبين بأن الدبلوماسية المغربية أصبحت أكثر جرأة ومبادرة، وأصبحت تُشرك أيضا المنتخبين الشرعيين عن الأقاليم الجنوبية الذين انتخبوا عن طريق اقتراع نزيه وشفاف بشهادة الأممالمتحدة، وهو ما يمكن المغرب من تصحيح مجموعة من المغالطات التي كانت تنشرها البوليساريو وحليفتها الجزائر في المنطقة.