يعلق الفاعلون الاقتصاديين آمالا كبيرة على المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات المزمع تنظيمها يومي 3و4 ماي 2019 بالرباط تحت شعار "العدالة الجبائية". وفي مذكرة تأطيرية، حددت المديرية العامة للضرائب الأهداف التي تتوخى تحقيقها من هذا الحدث والمقاربة المنهجية التي سيتم الاستناد عليها لإصلاح النظام الضريبي، بالإضافة إلى مجموعات العمل الموضوعاتية. وأكدت المديرية أن الدافع الرئيسي لتنظيم هذه الدورة هو "الرغبة في تحديد الخطوط العريضة لتجديد النظام الضريبي الوطني، عبر إعمال تفكير جماعي ومقاربة تشاورية، من أجل نظام أكثر إنصافا، فعال، تنافسي، يخدم التنمية ويستوعب المبادئ العالمية للحكامة الجبائية". وعقب هذه المناظرة، أضافت المديرية أنه سيتم إعداد مشروع قانون إطار حول الجبايات من أجل وضع المبادئ الرئيسية للإصلاح الضريبي المرتقب وكذا وضع برمجة دقيقة على امتداد 5 سنوات ابتداء من سنة 2020، قصد تنزيل أهم التزامات المغرب في المجال. وأوضحت المديرية أن "نهج اصلاح النظام الضريبي سيستند على انتقاء عقلاني وذكي للمقترحات والتوصيات التي سيتم تجميعها خلال المناظرة الوطنية بغرض وضع نظام يواكب دينامية الاقتصاد عبر دعم النمو، وتشجيع الاستثمار المنتج، وعدم تشجيع اقتصاد الريع، ودعم فرص الشغل المستدامة، وتقوية البعد الاجتماعي". أما بالنسبة لمبادئ وقواعد وآليات النظام الجديد، المرتقب اعتمادها خلال هذا الاصلاح، فقد حددتها المديرية على الشكل الآتي: حيادية الضريبة على القيمة المضافة، مكافحة الغش الضريبي: توسيع الوعاء من أجل تقليص العبء الضريبي، التأكد من أن الضريبة مرتبطة بالقدرة المساهماتية لكل ملزم، اعادة التوازن بين الضريبة على دخل العمل والضريبة على دخل رأس المال، والتشجيع على الادخار الطويل الأمد عوض المضاربة، وتنسيق عملية توسيع الوعاء الضريبي مع توسيع وعاء المساهمات الاجتماعية. واقترحت مديرية الضرائب من أجل تحقيق هذه الأهداف 15 مجموعة عمل موضوعاتية وفقا للمواضيع التالية: الميثاق الاجتماعي: الامتثال الضريبي ونجاعة السياسات العمومية، الحكامة الجبائية: الإنصاف، الشفافية والمطابقة للمعايير الدولية، الضريبة على القيمة المضافة: الحياد الضريبي والقدرة الشرائية، الضريبة على الدخل وتوسيع قاعدة الملزمين، نحو ضريبة على الشركات تعزز المداخيل وتخلق فرص الشغل، الجبايات المحلية: تمويل الجماعات الترابية والتقائية الوعاءات والمساطر الضريبية المحلية مع المنظومة الجبائية للدولة، في أفق مدونة عامة للضرائب موحدة لجبايات الدولة ولجبايات الجماعات الترابية، الضرائب وتشجيع الادخار على المدى الطويل والمتوسط، التحفيزات الضربية، الممتلكات والضريبة، التجارة والضريبة، المساطر الجبائية، المنازعات الضريبية، دمج القطاع غير المهيكل، ضرائب أخرى ورسوم شبه ضريبية، نجاعة الإدارة الجبائية. وأكدت المديرية أن "التحليل الدقيق لنمط اشتغال وأداء النظام الجبائي الحالي يكشف عن استمرار مظاهر ضعف المردودية والمساواة، والتي تمنعه من تحقيق أهدافه كالتحفيز على الاستثمار وإعادة توزيع أمثل لمخرجات عملية الانتاج، وكرافعة لتنمية الاقتصاد المغربي والتحسين من قدرته على الادماج الاجتماعي، وكعنصر مواكبة لمتطلبات الاستدامة البيئية"، مشيرة أن هذه كلها اختلالات وجب تشخيصها، بشكل جماعي، ومعالجتها في إطار رؤية مشتركة ومتجددة للإصلاح الضريبي. وأضافت أنه "لا ينبغي أن يؤثر أي إصلاح ضريبي فعال على استقرار الإطار الماكرو اقتصادي، لأن التجربة قد أثبتت أن النفقات الاجتماعية هي أول ما يخضع لخفض الميزانية عند وقوع الأزمات، مما يثير مرة أخرى مشاكل التفاوتات الاجتماعية وعدم المساواة، وتفاقم الهوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية". وشددت على أن "هذه المشاورات الجماعية يجب أن تظل مؤطرة وعقلانية مع ضرورة تغليب الرؤية المتوازنة واستحضار مشاكل ومعيقات المالية العمومية، كما لا ينبغي اعتبارها، بأي حال من الأحوال، مناسبة لتقديم المطالب الخاصة أو تحقيق مصالح قطاعية بحتة، دون تناسق شامل، ودون مراعاة إكراهات السلطات العمومية وكذا تطور المحيط الوطني والدولي".