تنعقد المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات يومي 3 و4 ماي المقبل، تحت شعار "العدالة الجبائية"، في سياق استثنائي متسم بالنقاش العمومي المفتوح حول نموذج تنموي جديد للمغرب. وكانت المناظرة الثانية حول الجبايات نُظمت سنة 2013، لكن النسخة الثالثة المرتقبة لها ظرفية خاصة وتحمل رهانات كبرى لتجديد النظام الضريبي الوطني ليكون أكثر إنصافاً وتنافسية لخدمة التنمية. والجديد في هذه المحطة يتمثل في أنها سيتمخض عن أشغالها إعداد مشروع قانون إطار حول الجبايات، يتضمن المبادئ الرئيسية للإصلاح الضريبي المرتقب ببرمجة دقيقة على امتداد 5 سنوات ابتداءً من سنة 2020. وتشير المذكرة التأطيرية الصادرة الخميس لهذه المناظرة التي تنظمها المديرية العامة للضرائب، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، إلى أن التحليل الدقيق للنظام الجبائي الحالي يكشف استمرار مظاهر ضعف المردودية والمساواة. هذا الضعف يمنع التحفيظ على الاستثمار وإعادة توزيع أمثل لمخرجات عملية الإنتاج. وتراهن الحكومة على هذه المحطة للمساهمة في معالجة نقاط الضعف التي تعتري النموذج التنموي الحالي، خصوصاً عطالة الشباب والخريجين، وتفاقم أشكال التفاوت الاجتماعي والمجالي، وهي إكراهات هيكلية أصبحت تستفحل بفعل ضعف وعدم انتظام معدل النمو. وتورد المذكرة أن التساؤلات الكبرى التي ستطرح في هذه المناظرة هي البحث عن النظم المحفظة لتحسين الإنتاجية والتنافسية والاستثمار والابتكار والبحث، في إطار اقتصاد قائم على العولمة وأكثر رقمنة وأكثر اعتماداً على المعرفة، من التكنولوجيا الحيوية إلى الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وستبحث المناظرة أيضاً كيفية التوزيع السليم للعبء الجبائي وفقاً لاستطاعة كل ملزم ولقدرته المساهماتية الحقيقية، وفقاً لمبدأ العدالة والتضامن من خلال توسيع قاعدة الوعاء الضريبي والمكافحة الفعالة للغش والتهرب الضريبيين وإدماج القطاع غير المهيكل. وسيكون على المشاركين في هذه المحطة بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل المغرب البحث عن كيفية توسيع قاعدة الفاعلين الاقتصاديين، من أجل تعزيز خلق الثروة وتوزيعها السليم والحد من الريع وعدم المساواة. وتذكر المذكرة التأطيرية أسساً عدة للارتكاز عليها في الإصلاح الضريبي، أهمها دعم النمو وتشجيع الاستثمار المنتج وعدم تشجيع اقتصاد الريع ودعم فرص الشغل المستدامة وتقوية البعد الاجتماعي. أما مبادئ النظام الجبائي المرتقب فستعتمد على حيادية الضريبة على القيمة المضافة ومكافحة الغش الضريبي وإعادة التوازن بين الضريبة على دخل العمل والضريبة على دخل رأس المال، والتشجيع على الادخار طويل الأمد عوض المضاربة. وستشهد المناظرة التي ستحتضنها الصخيرات تنظيم 15 مجموعة عمل موضوعاتية، من بينها المتعلقة بالميثاق الاجتماعي والحكامة الجبائية والضريبة على القيمة المضافة. كما ستدرس مجموعات العمل مواضيع الضريبة على الدخل، ونحو ضريبة على الشركات تعزز المداخيل وتخلق فرص الشغل، إضافة إلى مواضيع الجبايات المحلية، والتحفيزات الضريبية والممتلكات والتجارة وعلاقاتها بالضريبة.