مباشرة بعد واقعة قطار "بوقنادل"، أظهر العديد من المواطنين المغاربة، تضامنهم وتعاونهم مع ضحايا الحادثة والمتضررين من تعطل سير القطارات؛ تآزر لم يتوقف فقط عند مجرد إعلان التعاطف، بل هرع العديد منهم إلى مراكز التبرع بالدم، وأبدى آخرون، على وسائط التواصل الاجتماعي، استعدادهم لتسخير سياراتهم لنقل المسافرين بين مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء، أو إيواءهم في منازلهم. وثمّن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، هذه السلوكات التضامنية، حيث لقيت صور المتبرعين بالدم، في مراكز التبرع انتشارا واسعا، وتم تعميم دعوات الأشخاص المتطوعين لنقل المسافرين أو إيواءهم، في مجموعات وصفحات مختلفة على موقع فيسبوك. "هذا الشكل التضامني ليس جديدا على المجتمع المغربي" يقول الخبير في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، مضيفا " بالرغم من أنه في لحظة من التاريخ الاجتماعي المغربي، تراجع هذا المعطى بشكل خيالي، وانتشر نوع من التقوقع على الذات، وذلك نتيجة مرحلة تاريخية عاشها المغرب، خصوصا بعد سنوات الرصاص". وكشف بنزاكور في حديثه لموقع القناة الثانية، أن " أشكال المساعدة بين أفراد المجتمع بدأت تعود ، في الوقت الراهن، خصوصا خلال الأزمات والأحداث الكبرى، وهذا ما شهدناه في أحداث اجتماعية سابقة، في مدينة الحسيمة وحوادث الفيضانات مثلا". وأرجع المتحدث هذا إلى وسائط التواصل الاجتماعي، مشيرا أنه "بفضل هذه الوسائل، خرجنا من التقوقع والخوف الذي كنا نعيش فيه، وأصبحنا نعبر عن تضامننا ومشاعرنا علانية؛ ونشهد عبرها نوعا من الرجوع إلى الذات الإنسانية وحقيقة المجتمع المغربي المتضامن والمتآخي، بهذه الأخلاق والقيم التي فقدناها في وقت سابق". وأشار بنزاكور أن "لولا هذه الوسائط، ما كنا لنرى هذا الحجم من التضامن، وذلك على اعتبار أن باقي المؤسسات، كالمدرسة والأسر والمؤسسات السياسية والمجتمع المدني، لم تعد تخلق التضامن ولا تمثله". واعتبر بنزاكور أن ما وقع بعد الحادث، "لا يجب أن يجعلنا نقول إن الميكانيزمات المؤدية إلى التضامن قد تغيرت؛ حيث أن هذه ليست إلا ظرفية لاستعمال وسائط التواصل الاجتماعي، وتحول وجداني نتقاسم فيه المعاناة ولا يعني تغير بنية المجتمع المغربي، حيث مازال ينتظرنا عمل كبير في هذا المجال".