أثار حادث انقلاب القطار بمنطقة بوقنادل ردود فعل متعددة، تجمع بين الاستنكار والأسف والتضامن، حيث استنكر قطاع واسع من المغاربة مطالبين المسؤولين بالاستقالة، وبين فيما عبرت آراء أخرى عن أسفها لفقدان عدد من الأرواح التي أسلمت الروح لبارئها في حالة وصفها شهود عيان بالكارثة الإنسانية، أكثر من ذلك، عبرت مختلف فئات المجتمع المغربي عن تضامنها اللا متناهي مع أسر الضحايا، وذلك من خلال أشكال تضامنية نعيد تركيبها في هذا الموضوع. مباشرة بعد ذيوع خبر انقلاب القطار بمنظقة بوقنادل قرب سلا، اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، دعوات تدعو إلى التبرع بالدم لصالح المصابين، لتعيش المنصات الإلكترونية أجواء من التضامن والتآزر حيث كللت هذه الخطوة بالنجاح، وسجل إقبال المتبرعين على مراكز تحاقن الدم، أكثر من ذلك فإن الأشخاص الذين بادروا إلى التبرع بالدم بما فيهم المرضى والمكفوفين وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. نسرين بلقاضي، طالبة في كلية علوم التربية تقول في تصريح ل"الدار": مباشرة بعد معرفتي بالفاجعة التي حلت بالركاب الذين أقلهم القطار في اتجاه القنيطرة، سارعت إلى الاستجابة لنداء الإنسانية والتبرع بالدم في سبيل مساعدة الأرواح التي ظلت عالقة بين الحياة والموت، وأضافت أن المغاربة وبالرغم من انعدام الإمكانات المطلوبة للقيام بالواجب، فإن الحس التضامني موجود، بل يعيش بين ظهرانينا، الأمر الذي يصبح جليا للعيان كلما ألم به حادث ما، فيسارع الأقارب والجيران والأصدقاء إلى تقديم المساعدة قدر المستطاع.
قطار الموت يوحد المواقف لم تقتصر مبادرات التضامن التي حركها حادث القطار، على حملة التبرع بالدم فقط إنما شملت أيضا تجنيد مجموعة من حافلات النقل، التي اصطفت بعد لحظات فقط أمام محطات القطار بالرباط، سلا، القنيطرة لنقل الأسر والناجين الذين ظلوا على قيد الحياة، وكذا العالقين في مختلف المحطات بسبب اضطراب حركة النقل في هذه المنطقة. وأفاد مجموعة من المبادرين لهذه الخطوة الإنسانية، خصوصا منهم سائقي الحافلات أو أصحاب السيارات الخاصة، أن استعمال وسائل نقل متنوعة بالمجان كان الهدف منه محاولة تخفيف العبء الملقى على عاتق الناجين من القطار، أو المسافرين الذي كادت أن تشل حركات تنقلاتهم لولا هذه المبادرة التي عرفت نجاحا كبيرا، خصوصا وأن عددا كبيرا من المسافرين لا يقوى على ركوب القطار بالرغم من كون الإمكانية كانت متاحة في العديد من المدن، بالنظر لهول الحادث الذي خلف نوعا من الفوبيا والهلع، ومن ثم كانت النتيجة الفعلية الامتناع عن استعمال القطار ما يفصح بشكل صريح عن فقدان عنصر الثقة بين الزبون والخدمات التي تقدمها شركات القطار. أكثر من ذلك، بادرت مجموعة من العائلات، إلى فتح أبواب منازلها لاستقبال المسافرين أو الأفراد الذين ظلوا عالقين في طوافهم اليومي للبحث عن ضحاياهم بالمستشفيات التي نقلت ووزعت بشكل عشوائي، بين الرباطوسلا. وتظل مثل هذه المبادرات بمثابة الوجه المشرق الذي كشف عنه الحادث، بالنظر لظهور مجموعة من السلوكات التي أثارت غضب الجرحى وأسرهم، بعدما أفاد شهود عيان ل"الدار"، على أن اللحظة التي انحرف فيها القطار عن السكة ولفظ ضحاياه، تقاطر مجموعة من الأشخاص المجهولين على مكان الحادث لسرقة الضحايا والموتى المغمورين في دمائهم، ليقوموا بتجريدهم من ممتلكاتهم الخاصة، ما أثار غضب المتتبعين للموضوع، معتبرين ذلك وجها من وجوه انعدام الحس الإنساني، حيث قالت قريبة لإحدى الناجيات أن الأخيرة أخبرتها بأنها عندما كانت ممددة على الأرض شعرت بكسر موجع في اليد اليمنى، الأمر الذي لم يمكنها من التحرك، غير أن الأمر الذي جعل الألم يشتد ويبلغ مبلغه منها، هو تسلل يد مجهولة بعنف وسرعة تحت يدها المكسورة وهي تحاول تجريدها من الحقيبة. في السياق ذاته، فإن استغلال حاجة المسافرين لوسائل النقل، كان أمرا باديا في يوم وقوع الحادث، بعدما أقدم سائقو سيارات الأجرة على الرفع من الثمن الاعتيادي لنقل المسافرين، وهو الثمن الذي تجاوز الضعف، ما أدى إلى خلق أجواء مشحونة بالرفض والتنديد لهذه الخطوة التي تم اعتبارها استغلالا غير مقبول.