مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، تبدأ استعدادات الآباء والتلاميذ من خلال اقتناء لوازم الدراسة، وتغيير عادات النوم والأكل التي ألفها الأطفال خلال العطلة، وهناك من يبدأ المراجعة قبل بدء الدراسة... أيا كانت هذه الاستعدادات التي يتطلبها الدخول المدرسي، فالأهم هو أن يتم بعيدا عن التوتر والضغط والرسائل السلبية التي يرسلها بعض الآباء والتي تعبر عن تذمرهم من العودة إلى إيقاع الاستيقاظ المبكر والواجبات والامتحانات، والأجمل أن يحرص الآباء على أن يكون الدخول المدرسي حدثا سعيدا يستقبله التلاميذ بتفاؤل وعزيمة كما توضح الدكتورة ماجدولين النهيبي، الخبيرة في التربية والتعليم في هذا الحوار، الذي تسلط فيه الضوء أيضا على مجموعة من الأمور المهمة من أجل دخول مدرسي ناجح. 2m.ma: ونحن على أبواب سنة دراسية جديدة، ما هي الأمور التي ينبغي أن يقوم بها الآباء والأبناء من أجل دخول مدرسى بدون ضغط أو توتر؟ ما نلاحظه بالنسبة للاستعداد هو أن هناك فئة من الآباء تتكلم عن المدرسة طيلة العطلة، بحيث لا تترك مسافة للاستمتاع بالعطلة حتى لو كانت الأسرة في سفر، وهذه مسألة سلبية لأن كل التلاميذ، أيا كان مستواهم الدراسي أو النقط التي حصلوا عليها، بذلوا مجهودا، ومن حقهم أن يستمتعوا بعطلة ينسون خلالها الدراسة لتجديد الطاقة وليكون لديهم استعداد لاستقبال عام دراسي جديد، وفي نفس الوقت لا ننسى المدرسة بشكل نهائي، ولكن نستعد في الأسبوع الأخير من العطلة بحيث نحاول تدريجيا تكييف ساعات النوم والأكل، وكذا استعمال الهواتف والشاشات، ويكون ذلك بمرافقة الآباء. الدخول المدرسي يبقى حدثا ينبغي أن نتعامل معه بشكل جيد، لا نجعله "غولا" ولا نتأفف منه، لأن الأبناء يتأثرون بالتعليقات السلبية التي تصدر عن بعض الآباء وقد تزرع فيهم بعض الارتباك. يجب أن نستقبل العام الدراسي بتفاؤل وعزيمة ونشجع أبناءنا، ونحاول أن يكون هناك دائما شيء جديد في الدخول المدرسي، وذلك حسب الإمكانيات، كأن نشتري ملابس جديدة أو نغير شيئا في الغرفة وكأننا نحتفل بالدخول المدرسي، ونجعل من حدثا سعيدا لا أمرا مقلقا. 2m.ma: يكون الدخول المدرسي لدى فئة من التلاميذ أيضا دخولا لمرحلة جديدة بالانتقال من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية، أو من الإعدادية إلى الثانوية، كيف يجب التعامل معهم؟ الانتقال من سلك إلى آخر هو أيضا حدث ينبغي الوقوف عنده، ولكن فقط بنوع من التحسيس والتوعية وبلطف، هذا الانتقال يتطلب بالتأكيد نوعا من المهارات الإضافية، لأن الدروس تصبح أكثر صعوبة ويزداد عدد المواد المدرسة، لذا يجب أن يكون هناك نوع من المرافقة، علما أن المدرسة هي التي ينبغي أن تقوم بهذا الدور، بحيث تنظم في السنة النهائية من الابتدائي ورشة للتحسيس بالمرحلة الدراسية القادمة. المهم أن على الآباء أن يفسروا لأبنائهم أنهم يبدؤون مرحلة جديدة ويتحدثون لهم عن مزاياها، وأشير إلى أن مرحلة الإعدادي تترافق في غالب الأحيان مع فترة البلوغ عند الفتاة ومرحلة المراهقة عموما، وهي أمور يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لأن سن المراهقة يحتاج الى خطاب فيه يطبعه التيسير والتخفيف، وليس التعجيز والتحذير، إذن يجب أن يشجع الآباء أبناءهم ويقولوا لهم أنهم في مستوى هذه المرحلة الجديدة وأنهم سيساعدونهم كلما استدعت الضرورة ذلك، وأنهم سيكونون إلى جانبهم. بالنسبة للانتقال للثانوي التأهيلي، يكون الأمر أكثر سلاسة لأننا نبقى في نفس النظام، وهنا ندخل في مرحلة التوجيه وهي مهمة تقوم بها المؤسسة، والآباء لهم أيضا دور، شريطة ألا يفرضوا على أبنائهم توجها لا يحترم حدود طاقتهم، وأن لا يقعوا في نمطية التوجه إلى العلوم الرياضية ومسار المهندس، فليس كل التلاميذ لديهم نفس الميول ونفس القدرات. 2m.ma: نلاحظ أن بعض الآباء يشعرون أنهم معنيون بدراسة أبنائهم أكثر من الأبناء أنفسهم، فما هي المسافة التي ينبغي أن يتركها الآباء بينهم وبين دراسة أبنائهم؟ تتوقف هذه المسافة حسب سن كل طفل، لكن من الأفضل أن يحاول الآباء منذ السنوات الأولى من التعليم الابتدائي أن يعلموا أطفالهم الاستقلالية، ويتجنبوا بعض العادات التي تقوم بها الأمهات خصوصا، حيث تساعد طفلها في كل الواجبات وأحيانا تنجزها هي نيابة عنه. لن يتعلم الطفل بهذه الطريقة الاستقلالية، وعندما يكبر سينتظر دائما مرافقة أمه له. إذن عندما يتعلم التلميذ المسؤولية منذ الصغر، يرتاح الآباء من جهة، وتخلق بشكل تلقائي تلك المسافة اللازمة بين الآباء ودراسة أبنائهم. أما إذا كانت هناك تلك المراقبة اللصيقة التي يتابع فيها الآباء أدق التفاصيل بحيث يراقبون الدفاتر يوميا، وينجزون معه الواجبات دائما، فإنهم لن يتمكنوا مع مرور الوقت من الاستمرار في هذه الوتيرة، وسيرجمون تعبهم إلى ردود فعل عنيفة، خاصة إذا كان هذا التلميذ يعرف بعض التعثرات في دراسته، فيكثر الضغط والمشاكل، وبدل أن يلعب أولئك الآباء دور المرافق، يحصل العكس ويتسببون في مشاكل نفسية لابنهم وتصبح الدراسة عبئا بدل أن يكون هناك إقبال ومحبة وفضول علمي. 2m.ma: هناك من الآباء من يبدأ في إعداد أبنائه للدخول المدرسي من خلال مراجعة بعض المواد، خصوصا تلك التي يرون أن ابنهم لديه نقص أو تعثر فيها. ما رأيك؟ أنا ضد أن نستغل كل العطلة لتدارك المشاكل الدراسية، العطلة مخصصة للراحة، فإذا طلبنا من التلميذ أن يدرس في العطلة لأنه لم يحصل على نقط جيدة، فهذه مسألة غير تربوية، ولها انعكاسات نفسية صعبة، بينما يمكن، بعد أن يكون الأطفال قد قضوا عطلة ممتعة، أن نساعدهم عندما يقترب الدخول المدرسي، 10 أيام أو 15 يوما كأقصى حد، وذلك بعد أن نناقش معهم الأمر ونأخذ رأيهم، ثم نساعدهم كآباء أو نطلب دعم شخص آخر. من جهة أخرى أنا لا أحبذ الساعات الإضافية خلال العام الدراسي، ربما نلجأ إليها فقط في بعض الفترات وتكون فقط كوسيلة للمراجعة. 2m.ma: فرضت ظروف الجائحة استعمال الوسائل التكنولوجية في التعليم، كيف يمكن أن نوجه أبناءنا نحو توظيف هذه الوسيلة بشكل إيجابي؟ يلعب الآباء دور التأطير والتقنين منذ الصغر، أنا لا أتفق مع حصول طفل عمره سنتان على الشاشات والهواتف، هذا أمر يرفضه الخبراء في علم النفس وفي علوم التربية، والطفل ابتداء من 6 سنوات فما فوق يمكن أن يستعمل الشاشات وليس الهواتف الذكية، الهاتف يمكن أن يحصل عليه أبناؤنا ابتداء من 14 أو15 سنة مع المراقبة. من جهة أخرى، تختلف استعمالات الوسائل التكنولوجية، والتوعية والتحسيس ضروريان مع المشاركة والمرافقة، ثم تقنين الوقت، ينبغي تحديد الوقت الذي يمكن لابننا استعمال هذه الوسيلة للتسلية. من حقه أن يتسلى بهذه الوسائل، لأنه لا يمكن أن يبقى استثناء مقارنة مع أقرانه، ولكن مع التقنين الذي يختلف حسب السن، ويمكن أن يصل إلى ساعة ونصف عندما يكون أبناؤنا في المرحلة الثانوية. في نفس الوقت هناك مراحل لا يمكن فيها استعمال الوسائل التكنولوجية، كمرحلة الإعداد للامتحانات، أو عندما نكون سنة أمام رهان كالباكالوريا. عموما يجب أن يكون في حوار مستمر مع أبنائنا ونشرح لهم أننا إذا استعملنا هذه الوسائل لمدة طويلة، فإنها تؤثر على التركيز. وفي ظل الحائجة يمكن أن يستعمل التلميذ هده الوسائل كلما طلب منه ذلك ويكون ذلك مؤطرا من المؤسسة التعليمة ومن الآباء، ولا يحتسب له هذا الوقت الذي كان يدرس فيه باستعمال الحاسوب أو الشاشات، بل يأخذ حصته من الترفيه لأنها أيضا فرصة للتعلم. 2m.ma: كيف يمكن أن يكون الدخول المدرسي فرصة لبناء الاستقلالية وروح المسؤولية؟ يجب أن تكون جميعا كأسرة شركاء في الدخول المدرسي، بحيث ننظم رفقة أبنائنا لائحة الكتب، والكتب والدفاتر والأغلفة المحددة لكل مادة. أحيانا يقوم الآباء بهذه المهمة بينما يلهو الأبناء ويلعبون. الصواب هو أن ننخرط كلنا في هذه العملية، ونبدأ بالتدرج مع الطفل منذ السنة الأولى ابتدائي، وهذا الأمر يشعر الطفل بنوع من المسؤولية ويعلمه قيمة التعاون وتقاسم المهام، ولا فرق بين الولد والبنت، ولاحقا عندما يتعود الأطفال على هذه الأمور ينجح في تحمل المسؤولية.