يعتبر المنتزه الوطني تازكة بجماعة باب بودير، على بعد حوالي 20 كيلومترا جنوب غرب تازة، من الفضاءات التي يقصدها العديد من الزوار من داخل المغرب وخارجه، كما أن كثيرا من الأسر تختاره للاستمتاع بجمال الطبيعة خلال عطلة نهاية الأسبوع والعطل المدرسية. ويملك منتزه تازكة الوطني، الذي تم إحداثه بموجب قرار وزاري سنة 1950، والتابع للمندوبية السامية للمياه والغابات، عناصر بيئية متكاملة تجعله نموذجا بأهمية نباتية في حماية ما تبقى من بقع أشجار الأرز، إلى جانب أهمية انفراده سياحيا بجمالية وجاذبية مناظره الشجرية. وهو فضلا عن ذلك بمثابة مختبر مفتوح في الطبيعة في علاقة بأبحاث إيكولوجية وجينية خاصة بالكائنات الحية.
تم إحداث منتزه تازكة الجبلي، الذي يشرف على ممر تازة بين سلسلتي جبال الريف والأطلس، بهدف حماية مكونات وأشكال حياة بيئية وموارد طبيعة، ضمن مجال معزول بعيدا عن غابات أرز الأطلس المتوسط وجبال الريف الأخرى.
المنتزه معلمة سياحية ومحمية وطنية مغربية تشتمل على أزيد من 154 موقعا بيولوجيا وإيكولوجيا (مغارات شلالات ضايات غابات) بحيث أصبح يكتسي أهمية علمية وسياحية مهمة مستندا على عدة عوامل (تنوع نباتي، غابات بلوط، فليني، بلوط أخضر، سنديان ..). وقد انتقلت مساحته إلى 13700 هكتار تقريبا لتشكل فيها غابة الأرز نواة جاذبة بمسالك عدة مفتوحة للنزهة على ارتفاعات هامة.
ويقع مدخل المنتزه على بعد 20 كيلومترا من مدينة تازة، اعتبارا من منتجع راس الماء ، ولم تكن مساحته في البداية لتتجاوز 580 هكتارا تشمل فقط مجال شجرة الأرز المحيط بالجبل المذكور، بينما يضم اليوم عشرات المواقع ذات الأهمية الايكولوجية والطبيعية والسياحية كالمغارات والشلالات والغابات المتنوعة الأشجار والغطاء النباتي.
و من بين أبرز هذه المواقع مصطاف بابودير ذو الهواء النقي المنعش ومخيم أدمام الجبلي ومغارتا فريواطو وشيكر وشلالات راس الماء وعين خباب وضاية شيكر وغابات البلوط الفليني والأرز حول جبل تازكة وتلك الموجودة بجماعة بوشفاعة أو باب ازهار ومحمية للغزال البري وأخرى للأيل المغربي فضلا عن دوار سيدي مجبر المصنف في عداد التراث الثقافي الوطني. ويمتد المنتزه إجمالا على شكل قوس إلى الجنوب من ممر تازة اعتبارا من راس الماء مرورا بالجماعات القروية باب بودير وبوشفاعة ومغراوة وانتهاء بقرية سيدي عبد الله بمحاذاة الطريق الوطني رقم 6 والطريق السيار. وفي هذا الموقع يتقاطع الطريق العابر للمنتزه مع الطريق الوطني وغير بعيد عن الطريق السيار قبل الوصول إلى مركز وادي أمليل من الغرب، في اتجاه شرق البلاد.
نتراوح التساقطات المطرية بالمنتزه الوطني لتازكة بين 430 ملم (شرق الجماعة القروية لمغراوة ) و 1270ملم (موقع بابودير ). وتكسو المنطقة ندف الثلوج على مدى 30 يوما في المتوسط بين شهري أكتوبر وأبريل. ويشمل الغطاء النباتي أزيد من 300 نوع يشكل نسبة 12% من مجموع أنواع النباتات على الصعيد الوطني ، والثديات 27 نوعا ، كما يضم المنتزه 80 من أنواع الطيور و27 نوعا من البرمائيات .
ولقد عرف المنتزه الوطني لتازكة خلال النصف الأول من القرن الماضي انقراض العديد من الأصناف الحيوانية، أهمها أسد الأطلس، والنمر، في حين لاتزال أنواع أخرى من الثدييات تستوطن المجال الغابوي للمنتزه، كالخنزير البري وثعلب الماء. وقد تمكنت إدارة المنتزه من إعادة إدماج بعض الحيوانات البرية عبر مشروعين: الأيل البربري سنة 1994 و الأروي سنة 1998.
يعد المنتزه إذن أحد رموز الثروة الطبيعية بالمغرب، لذا يجب بذل المزيد من الجهود للحفاظ على التوازن البيئي، ومواجهة كل الاختلالات سواء المرتبطة بالإنسان أو الطبيعة لصيانة وتنمية هذا التراث الطبيعي المميز.
وفي هذا الإطار، صرح محمد القاسمي، فاعل بالمجال السياحي بمنطقة تازكة بإقليم تازة أن الإقليم يزخر بمؤهلات طبيعية جد مهمة على رأسها المنتزه الوطني لتازكة، الذي يتسم بتنوعه البيولوجي والإيكولوجي والغطاء النباتي كذلك، كما يضم محمية طبيعية لبعض الحيوانات المهددة بالانقراض وعلى رأسها الآيل البربري.
وأضاف أن المنتزه الوطني لتازكة يعرف إقبالا للزوار الأجانب من خارج الوطن والذين يعملون على استكشاف المنطقة ومؤهلاتها الطبيعية المتنوعة "مغارات –كهوف –شلالات –ضايات وجبال.." وهو ما جعل بعض الجمعيات المحلية تعمل على تأطير هؤلاء الزوار من خلال تحسيسهم بأهمية المنطقة، والحفاظ على هذا التنوع البيولوجي والايكولوجي.