ما هو ايكولوجي وبيولوجي يجعل من منتزه تازكة الوطني ومن خلاله منتجع باب بودير الجبلي، مجالا جاذباً وداعماً لسياحة قروية بتازة وجوارها. لِما هو عليه من موقع وتنوع لفصائل نباتية وثروة وحيش. مع أهمية الاشارة الى أن المجال الذي يمتد عليه هو فضاء لإرث حضاري ومشاهد ثقافية وعمرانية، ترتبط بساكنة دواوير مجاورة وبأنماط عيش وأعراف وتقاليد تعني الكثير في ثقافة البلاد وتاريخها. وكان إحداث المنتزه قد تم بموجب قرار وزاري في11 يوليوز1950، على مساحة أولية بحوالي ستمائة وستين هكتار بهدف حماية مكونات وموارد الطبيعة الكائنة بقمة جبل تازكة الشهير بالمغرب، وخاصة غابة الأرز التي توجد معزولة فوق هذه القمة بعيداً عن امتدادات غابات الأرز الأخرى سواء بالأطلس المتوسط أو بجبال الريف المقابلة. المنتزه يضم مرتفعات بعلو حوالي ألفي متر، منها جبل تازكة الذي يشرف على مناطق مجاورة بكاملها وعلى ممر شهير وطنيا ب" طواهر" الذي يصل شرق البلاد بغربها عبر تازة. ويملك منتزه تازكة الوطني التابع للمندوبية السامية للمياه والغابات، عناصر بيئية متكاملة تجعله نموذجاً بأهمية نباتية في حماية ما تبقى من بقع أشجار الأرز، إلى جانب أهمية انفراده سياحياً بجمالية وجاذبية مناظره الشجرية، اضافة لكونه بمثابة مختبر مفتوح في الطبيعة في علاقة بأبحاث إيكولوجية و جينية خاصة بالكائنات الحية. ويشهد المنتزه توسعات في مساحته بشكل مستمر ليحتضن مزيداً من المجالات الطبيعية ذات الأهمية الايكولوجية والترفيهية والتربوية البالغة (تنوع نباتي، غابات بلوط، فلين، بلوط اخضر، وبلوط سنديان خصوصاً..) ومن مواقع إيكولوجية سياحية كالمغارات والشلالات والمناظر والمشاهد القروية. إذا لم يكن لزائر المنتزه متسع من الوقت للقيام بجولة عبر مسالكه المحيطة بمنتجع باب بودير الجبلي، هناك إمكانية الاستمتاع بمناظره الرائعة من خلال تنقل بواسطة سيارة عبر مدار طرقي يسمح بالتأمل في مواقع جاذبة ذات طبيعة متوحشة، حيث تلتقي جبال الريف والأطلس المتوسط التي تكسو سفوحها أشجار بلوط وفلين، جبال متنوعة بتربتها وأوديتها الضيقة ووديانها المتدفقة ومغاراتها الممتدة تحت الأرض وبحيراتها وتجمعاتها السكانية القروية ذات الثقافة الجبلية الأصيلة. وعلى التماس مع هذا المنتزه هناك مغارة افريواطو التي تبعد عن تازة جنوباً بحوالي 24 كلم، مغارة تعد الأعمق على الصعيد الافريقي وهي بمدخل واسع يقدر عرضه ب 30 متراً، وترتب ضمن أغلى المواد السياحية الطبيعية بتازة والمغرب إن هي حظيت بما ينبغي من عناية وحماية وتهيئة. ومن شأن مواصلة الزائر لرحلته عبر طريق باب بودير أن يصادف مركزاً للإرشاد الغابوي، يضع رهن اشارة زواره عدة معروضات حول تراث المنطقة الطبيعي. وبعيداً عن هذا المركز تحديداً عند مدخل ومخرج مسلك البوهدلي يلتقي الزائر بمحمية لحيوان الوعل (Le Cerf) وحيوانات أخرى..، وعلى بعد حوالي ثمانية كيلومترات من مركز باب بودير السياحي يوجد طريق يؤدي الى قمة جبل تازكة، حيث يصادف الزوار متحفاً بيئياً تم إحداثه ليكون داعماً للمنتزه. ومحمية منتزه تازكة التي توفر إمكانية استراحة ساحرة في الهواء الطلق، هي عبارة عن مسالك في الطبيعة وعن محاور مخصصة لزوار يفضلون جولات على الأقدام، وهي مسالك متعددة ومتنوعة وتأخذ أسماء إما لأنواع من الأشجار أو الجبال أو الطيور أو الأحجار. وبعد استراحة في الهواء الطلق يمكن لنزهة جبلية أولى أن تنطلق بالتنقل عبر مسلك يعرف بمسلك "الفلين"، الذي يسمح بمشاهدة حيوان الوعل الذي أعيد توطينه داخل منتزه تازكة سنة 1994 وهو بحوالي الأربعين رأساً. عبر هذا المسلك يجد الزائر المتجول نفسه محاطا بأشجار ضخمة للفلين تميز هذا الجزء من المنتزه المذكور، وفي الطريق يلاحظ الزائر أن بعض الأشجار تم تجريدها من قشرة الفلين في إطار الاستغلال الأمثل للغابات. وتجدر الإشارة إلى أن الفلين الذي تنتجه هذه الغابة المعروفة بغابة باب أزهار هو من النوع الجيد بالمغرب، و يستغل في عدة صناعات وطنية ومتوسطية بعد تحويله. وكلما توغل الزائر في مسلك آخر يعرف بمسلك "بوسلامة" بقصد الوصول إلى قمم جبلية، إلا ويجد نفسه وسط غطاء نباتي كثيف يتشكل من البلوط الأخضر وأنواع شجرية أخرى، ويمكن للمتجول أن يشاهد أصناف عدة من الوحيش منها الطيور خصوصا حجل أروبا وفراشات ومن النباتات، ويوجد في قمة جبلية واقعة على هذا المسلك برجً للمراقبة يطل على تازةالمدينة ويشرف على تلال مقدمة الريف المقابلة. وفي مسلك ثالث يعرف بمسلك "العقاب" وينطلق من مدخل منتزه تازكة الواقع بسيدي مجبر، بحيث عندما يصل الزائر إلى قمة الجبل الذي يؤدي إليه المسلك يمكنه مشاهدة قمم جبال محيطة بالمنتزه، وللإشارة فإن هذه المنطقة تتردد عليها طيور لاحمة خصوصا طائر"Le Faucon Crecerelle" الذي يصادف في غابات وأجراف وبنايات. وينتهي هذا المسلك عند تقاطع طرق مغراوة - باب بودير الذي يسمح بالرجوع إلى تازة، و بالوصول إلى مدخل مسلك آخر قريب يعرف بمسلك الصخرات الذي يؤدي إلى قرية سيدي مجبر. وفي مسلك رابع يعرف بمسلك "السنديان" حيث يوجد صنف غابوي نادر هو شجر السنديان، صنف يتميز بأشجار ضخمة نفضية وبجدوع طويلة مستقيمة متلائمة مع محيطها الطبيعي. ينطلق هذا المسلك وكذلك مسلك الأرز من نقطة واحدة وينقل الزائر إلى قرية بني أسنان الواقعة عند قدم جبل تازكة، و يعتبر مسلك السنديان أحد المسالك الطويلة بالمنتزه الذي يمكن الزائر من ملاحظة ومعاينة حيوانات فريدة من الوحيش الموجود بمنطقة تازة، ويمتد هذا المسلك بجانب شلال موسمي وينتهي عند موقع "بني أسنان" الذي ينطلق منه طريق يصل إلى مركز باب بودير السياحي. ويعد مسلك "البوهدلي" الذي يقع مدخله عند آخر زاوية لباب بودير غير بعيد من المسبح، أحد المسالك التي يرتادها زوار المنتزه الوطني لتازكة الذين بامكانهم مشاهدة أنواع من الزهور وأصناف من الوحيش وفراشات وبعض الطيور الشهيرة بهذا الجزء من المنتزه وتعرف ب Le rage gorge. أنثى هذا الطائر تبني أعشاشها بواسطة أعشاب عند قدم الأشجار، وطريق هذا المسلك يؤدي نحو قمتين يصل ارتفاع أحدهما إلى 1800 متر، تشرفان على جبال الريف شمالا وتمكن من إلقاء نظرة عامة على جبال الأطلس من جهة الجنوب ونظرة بانورامية على ضاية شيكر بالمنطقة. أما مسلك "الصخرات" بالمنتزه فينطلق على بعد 150 متر تقريبا من ملتقى طرق مغراوة - باب بودير، يصادف عبره الزائر فجوات وسط الغابة ناتجة عن نشاط الخنزير البري، و يتسع المسلك عند واد جاف يمكن من إلقاء نظرة على واد سيدي مجبر، حيث القرية المصنفة تراثاً إنسانياً عالمياً. وأثناء التوجه نحو هذا الوادي يصادف الزائر وجود أجراف واسعة وأقبية يلجأ إليها وبإعداد كبيرة طائر الوطواط و البوم التي تظهر في الغالب خلال فصل الربيع. وعن مسلك "الارزية" الأكثر شهرة بالمنطقة فهو يتجه نحو أعالي مرتفعات المنتزه، يتميز بروعة مناظره ومشاهده الطبيعية خصوصا ما يتعلق بالأودية والقرى. وفي وسط غابة الأرز الواقعة على قمة جبل تازكة نجد بعض أصناف الوحيش كالخنزير والقنافذ، انما تبقى أشجار الأرز الاكثر اثارة واستهواء للزائر لكونها تغطي جبل تازكة من منحدراته إلى قمته. والأهم هو أنه عبر هذا المسلك يمكن الوقوف على أشجار أرز قديمة تجاوز عمرها 200 سنة، بجدوع ضخمة يقدر محيطها ب 14 متراً، و هي بذلك تعد من أجمل المواقع الطبيعية داخل منتزه تازكة، وبهذا المسلك يمكن الاستفادة من خدمات متحف بيئي جديد للمنتزه كمنشأة تابعة للمندوبية السامية للمياه والغابات، حيث يجد الزائر معروضات عدة حول البيئة ومؤهلات المنتزه وأهميته الطبيعية والايكولوجية.