بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس، اختار موقع القناة الثانية، تسليط الضوء على واحدة من النساء الحقوقيات اللواتي اخترن العمل في الخفاء، وراء الأضواء، ونصبت بين عينيها العمل على الدفاع عن حقوق المرأة القروية، انطلاقا من الحق في الولوج إلى المدرسة، ثم الوقوف في وجه عادات المناطق القروية في تزويج القاصرات. عُرفت بعملها الميداني واستطاعت إسماع صوت المرأة المغربية القروية في المحافل الدولية، من خلال حصول مؤسسة "إيطو" على جائزة دولية اعترافا بمجهوداتها. في هذا الحوار، سنقف عند تجربة هذه الجمعية الحقوقية، والمكتسبات التي حققتها منذ تأسيسها سنة 2004 إلى الآن مع نجاة إيخيش، رئيسة جمعية "إيطو" لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف. بداية، ما أهم ما تحقق منذ تأسيس مؤسسة "إيطو" إلى الآن؟ هناك العديد من البرامج قمنا بإنجازها منذ تأسيس المؤسسة سنة 2004، حيث نجحنا في تنظيم 15 قافلة تحسيسية للمواطنة والمساواة في العالم القروي، واستطعنا إدماج مجموعة من الفتيات اللواتي غادرن مبكرا المدرسة، ودمجهم في التمدرس عبر تحمل تكاليف ومصاريف تعليمهم، أما فيما يخص توثيق عقود الزواج، وذلك بشراكة مع وزارة العدل والداخلية والجماعات، ووصلنا إلى تسجيل 60 ألف طفل في الحالة المدنية، ووثقت ما يقارب 10 آلاف عقود الزواج بالنسبة للنساء اللواتي تزوجت في السابق بالفاتحة. واستطاعت المؤسسة تحقيق انخفاض في تزويج القاصرات في مناطق إملشيل في سن السابعة والتاسعة، حيث انخفض من 450 إلى 50 حالة في 2015، هذا إلى جانب أن سكان إملشيل بدأوا يغيرون بعض الشيء من وعيهم وعاداتهم نحو تزويج الفتيات في سن صغير. إلى جانب ذلك حصلت المؤسسة في نونبر من سنة 2016، على جائزة دولية سلمت لها في لندن بفعل جهودها في العامل القروي. ارتبط اسم مؤسسة "إيطو" باسمك كامرأة مناضلة استطعت اقتحام بيوت العالم القروي ومعالجة المشاكل، كيف تقيمين تجربتك من خلال العمل في هذه المؤسسة؟ اعتقد أن ارتباط المؤسسة باسمي يرجع لكوني أنا من طرحت فكرة التأسيس، كما أن تراكم سنين من النضال مع نساء أخريات، أصبح اسمي لصيق بالمؤسسة، بالإضافة إلى عملنا على موضوع تزويج القاصرات وتمدرس الطفلات في العالم القروي، كما أن التركيز على هذا الجانب له دوافع ذاتية، والتي لا اعتبرها سلبية، فقد ناضلت منذ الصغر من أجل نيْل حقي في التعليم، وأفلحت في ذلك، وقاومت حتى لا أتزوج في سن الخامسة عشرة، حتى لا أكون ضحية تزويج القاصرات، واعتبر هذه مسالة جوهرية بالنسبة لمسار أي امرأة في تحصيلها على حقها ومكانتها في المجتمع كمواطنة ليس من الدرجة الثانية بل هي مواطنة بكامل حقوق المواطنة، ويكون لدى المرأة قرار في المجتمع ابتداءً من الأسرة حتى أعلى مستويات القرار في المجتمع. من خلال تجربتك في العمل الجمعوي والميداني على الخصوص في العالم القروي، هل أنت راضية بما تقومين به؟ لا يمكن أن أجزم أن هناك رضى تام، لذا فأي تجربة يخوضها الإنسان يكتشف فيها إيجابيات وسلبيات، ويستفيد من الثاني لتطوير الأول، كل قافلة ومبادرة قمت بها شخصيا أو باسم مؤسسة "إيطو" على المستوى الميداني وإلا تطور المبادرات المقبلة لأن الإحساس بتمام الرضى عن تجربة ما دون نقصان لا يمكن أن يوجد بالكامل، وبالتالي كل تجربة سابقة تعطي لأخرى القادمة مواطن إغنائها وتطويرها. لحد الساعة يمكنني أن أقول أنني راضية إلى حد ما بعملي، فارتباطي بالعالم القروي واحتكاكي بالأسر والمتطوعين اكسبني تشريفا وأغنى علاقاتي كما فتح لي أبوابا للوصول إلى عمق مشاكل العائلات بالقرى. في نفس السياق، بعد 13 سنة من العمل في المؤسسة، ماذا تغير من حيث مكتسبات المرأة في العالم القروي؟ فمن خلال التجربة الميدانية، أصبحت المرأة القروية، تعي بدور التنظيم والنضال من أجل تحقيق المكاسب، حيث انخرطن بدورهن في تأسيس الجمعيات النسائية وبدأت تحصل على التمويل وفعلت عدة مشاريع، وساهمت في ذر الدخل على الأسر، واقتصاديا يتجلى في مساهمة المرأة القروية في تسويق المنتجات التقليدية في المعارض، كما لا يمكننا أن نغفل مكتسب انخفاض نسبة تزويج القاصرات في مناطق إملشيل وازيلال، وهذه المكتسبات ساهمت في بناء وعي المرأة كما سهلت علينا استغالنا في العمل الجمعوي بهذه المناطق، وأخذنا على عاتقنا إشراك المرأة، كحاملة لمشاريعنا وليس كموضوع. إذا منحت لك عصا سحرية، ماذا ستغيرين؟ عصا سحرية لا يمكنها أن تتوفر، وإذا توفرت أتمنى أن أجد كل الطفلات المغربيات يستفدن من تعليم مجاني يكون الكفاءات، حتى تصبح الفتيات القرويات من الأطر العليا تفتخر بهم البلاد. بمناسبة 8 مارس، ماهي الكلمة التي تودين توجيهها لنساء العالم؟ يا نساء العالم اتحدن، لتغيير الوضع، لأن اتحادنا نخلق قوة، لكن إذا كان تشتت للحركة النسائية على المستوى الوطني والدولي لا يمكننا أن نحقق مكاسب، وحتى إذا تحققت ستكون باهتة وسيتم الإجهاز عليها، لذلك فيوم الثامن من مارس يجب أن يكون كوقفة تقيمية للإنجازات ونقطة انطلاق نحو تحقيق أخرى.