قالت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، إن "العديد من الإصلاحات المعلن عنها من أعلى مستوى في الدولة (التحول الاقتصادي، التربية والتكوين، الصحة والحماية الاجتماعية، الحفاظ على الثروات الطبيعية، الجهوية ...) تعاني من بطء في التنزيل وتعترضها عدة مقاومات للتغيير، مما يفضي إلى نتائج ليست في مستوى التطلعات والآمال المعقودة عند إطلاق هذه الاصلاحات، وهو ما يثير تساؤلات المواطنين ويساهم في إضعاف منسوب الثقة". وأضافت اللجنة في تقريرها العام الذي أعدته عن ملامح النموذج التنموي الجديد المعنون ب"تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع"، والذي تم تقديمه اليوم أمام جلالة الملك محمد السادس، أنها رصدت أربع معيقات تحد من مردودية النموذج التنموي الحالي. غياب الانسجام ويتمثل المعيق الأول، حسب التقرير اللجنة: في "غياب الانسجام بين الرؤية التنموية والسياسيات العمومية المعلن عنها وكذا ضعف الالتقائية بين هذه السياسات"، موضحة، أنه "يتجسد هذا الإشكال في غياب رؤية استراتيجية شاملة تندرج في الأفق الزمني البعيد، بالإضافة إلى إصلاحات يتم وضعها بطريقة منعزلة وبدون مرجعية واضحة مما لا يساعد على ترتيب الأولويات والأخذ بعين الاعتبار الموارد المتوفرة والقدرات الحقيقية للفاعلين". بطء التحول الهيكلي للاقتصاد وأورد تقرير اللجنة المذكورة، الذي استغرق أكثر من سنة ونصف من اشتغال عليه وعقدت على إثره عشرات اللقاءات في جهات المغرب، أنه رصد بطء في التحول الهيكلي للاقتصاد جراء التكلفة المرتفعة لعوامل الإنتاج التي تعيق تنافسية المقاولات وضعف الانفتاح على فاعلين جدد أكثر إبداعا وتنافسية، مشيرا إلى أنه يرتبط هذا العائق بقلة نجاعة منظومة الضبط وعدم الاستفادة بشكل أمثل من آليات التحفيز الاقتصادي التي تضعف روح المجازفة وتغذي منطق الريع داخل القطاعات التقليدية وتحمي المصالح الضيقة بدل المصلحة العامة. محدودية قدرات القطاع العام في صياغة وبلورة خدمات وكشفت اللجنة ذاتها، عن محدودية قدرات القطاع العام في صياغة وبلورة خدمات عمومية سهلة الولوج وذات جودة تهم المجالات الأساسية للحياة اليومية للمواطنين ورفاهيتهم، مفسرة أن القطاع العام يشتغل بصفة علوية وممركزة وبمنطق لا يعتمد بشكل كاف على المردودية والنتائج ولا يسمح بتطوير رؤية استراتيجية للاضطلاع بدوره في إطلاق ومواكبة العديد من أوراش التحول. ضعف الحماية القضائية وأشار التقرير ذاته، إلى أن الشعور بضعف الحماية القضائية وعدم القدرة على التوقع الذي يحد من المبادرات بسبب الهوة ما بين بعض القوانين والواقع الاجتماعي؛ موردا أن القضاء يعاني من ضعف الثقة إضافة إلى ثقل البيروقراطية وتعثر سبل الانتصاف. وقالت اللجنة المذكورة، في تقريرها، أن هذه المعيقات تعتبر نتاجا لتمثلات تعتبر الرقابة الممنهجة والمركزية بمثابة أنماط مثلى لتدبير التنمية وترى أن بعض الفئات (المواطنون، الشباب، القطاع الخاص، المجتمع المدني) أنها لا ترقى إلى مستوى شريك موثوق به كما ترى أن التقاليد لا تتلاءم مع التقدم والحداثة. وأكدت اللجنة نفسها، أن اللقاءات التشاورية التي عقدها مع المواطنين والقوى الحية بالبلاد على ضرورة تسريع الانتقال نحو نموذج تنموي جديد والذي تزداد استعجاليته بالنظر للتحولات الجارية على المستويين الوطني والدولي، وكذا بالنظر إلى السياسات الاستباقية التي تفرضها هذه التحولات. وأضافت، أن جائحة كوفيد ساهمت في تنامي الوعي الجماعي بضرورة التحرك السريع لمواجهة تبعاتها، خصوصا وأنها أثرت على الأسس التي تنبني عليها العولمة، وتابعت، أن السياق الدولي الجديد الذي يلوح في الأفق يؤشر على فرضية توالي الازمات الصحية وتسارع وتيرتها وحدة تعقيدها؛ وهو ما يستدعي قدرات استباقية وإمكانيات للتدخل تتسم بفعاليتها ونجاعتها من أجل التحكم في آثارها المتعددة الابعاد. واستنادا إلى تحاليل معمقة، فإن اللجنة تعتبر أن النموذج التنموي الجديد بإمكانه تجسيد الطموح المنشود شريطة توفير الامكانيات والوسائل لإنجاح تفعيل استراتيجية متجددة وإصلاحات مهيكلة، بطريقة ممنهجة والتقائية وضرورة استثمارهما على الوجه الأكمل من حيث الأثر على الساكنة والمجالات الترابية في إطار من التضامن والإنصاف.