أشعر بالملل. جملة يرددها الأطفال والمراهقون، فيسارع الآباء إلى إيجاد كل السبل لمحاربة هذا الإحساس، ولا يعلمون أنهم يحرمون أبناءهم من الابتكار وتوسيع خيالهم، هناك من يملأ وقتهم بالأنشطة أكثر من اللازم، وهناك من يفضل الحل الأسهل وهو الشاشات التي يقضي الأطفال والمراهقون ساعات طويلة يتعلمون خلالها الحصول على النشوة السريعة، والتي تظهر آثارها السلبية لاحقا على شكل اضطرابات سلوكية وعصبية، حيث لا يعرف الطفل معنى الانتظار والصبر للحصول أو الوصول إلى هدف معين، هذا إضافة إلى الخوف وتأثر جودة النوم وغيرها من الاضطرابات. الدكتورة إيمان قنديلي، طبيبة نفسية واختصاصية في الإدمان والعلاج السلوكي المعرفي، تسلط الضوء على هذا الموضوع المهم، وتؤكد أن استعمال الهواتف والشاشات يجب أن يخضع لضوابط وقواعد، لأن المراهق والطفل يجب أن يكون في تواصل مع عالم واقعي وليس افتراضي، إذ أن تواصله مع الواقع الذي يعيشه يجعله قادرا على التعامل مع الناس مستقبلا وإيجاد حلول لمختلف التحديات التي قد يواجهها. إن ملء وقت الطفل بالشاشات بمختلف أنوعها كحل للتخلص من الملل لن يمر دون أن يترك آثارا تظهر خاصة في مرحلة المراهقة، يجب أن نترك وقتا للملل، يمكن أن يستغله في الرسم أو الكتابة وتنمية الخيال وغيرها من الأمور التي تساعده على اكتساب مهاراته وتطوير شخصيته. المشكل، كما تقول الدكتورة إيمان قنديلي، هو أننا عندما نوفر كل شيء للطفل، فإننا لا نترك له الوقت ليحلم، وعندما نبني مكانه، لن يستطيع هو أن يقوم بذلك بنفسه، ولن نؤسس شخصا يعول عليه في المجتمع، فقد اعتاد هذا الطفل على النشوة السريعة، وعلى تدخل والديه لإزالة كل الحواجز التي تعترضه، والدفاع عنه في أبسط المشاكل التي يصادفها. إننا عندما نملأ كل الفراغ في حياة الطفل ونقدم له ما يريد لا نترك له مجالا للحلم، وعندما نحرمهم ونضع أهدافا نشتغل عليها، فنحن في الواقع لا نحرمه بقدر ما ندفعه لتحقيق هدف لا يصل إليه إلا بعد أن يتعثر وينهض وينتظر، وعندما يبلغه ويرى ثمرة مجهوده تزيد ثقته في نفسه. المزيد من التفاصيل في هذا العدد من "نفهمو ولادنا".