سيكون لمستخدمي هواتف "آي فون" اعتبارا من الاثنين الخيار، في كل تطبيق جوال، بين قبول تعقبهم أو رفضه، بفضل تحديث من "آبل" يتوقع أن تكون له عواقب على المنظومة الإعلانية التي تحكم "فيسبوك" و"غوغل". يتنافس نموذجان في وادي السيليكون، إذ تبيع شركة الإلكترونيات العملاقة هواتفها الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر بأسعار مرتفعة، بينما تقدم جارتاها خدمات مجانية، ضمنيا في مقابل بيانات مستخدمي الإنترنت التي تستخدم لإرسال إعلانات فائقة الاستهداف إليهم على نطاق واسع جدا . ودأب المجتمع المدني (من جمعيات وأكاديميين وسواهم) على انتقاد هذا النموذج الاقتصادي المهيمن الذي تسعى القوانين (في أوروبا وكاليفورنيا) والشركات الأقل شهرة إلى وضع حد له. لكن " آبل" التي يبلغ عدد هواتفها الذكية المستخدمة في العالم نحو مليار، تتميز بالقدرة على تغيير العادات. ولكن مع نشر الإصدار 14,5 من "آي أو إس" هذا الأسبوع، أصبحت هذه الميزة المعروفة باسم "إيه تي تي" (شفافية تتبع التطبيقات) إلزامية. عمليا ، تعرض نافذة موافقة عند فتح كل تطبيق. إذا نقر المستخدم على "لا" أو إذا لم تظهر النافذة، لأي سبب من الأسباب، يفقد التطبيق إمكان الوصول إلى المعرف الإعلاني للمستخدم، وهو رقم خاص به يتيح تتبعه عبر الإنترنت. ورأى المحلل المستقل إريك سوفيرت في مقال على مدونة أن "اقتصاد التطبيقات برمته، وحتى الإعلان الرقمي، سينقلب رأسا على عقب بسبب سياسة الخصوصية هذه". ولاحظ أنها "تغير جذريا طريقة إعلانات الجوال من حيث القياس والاستهداف (...) والتي تستند حاليا الى ما تسميه آبل التتبع". وتخشى منصات وتطبيقات كثيرة أن يقرر المستهلكون الرفض في ضوء توافر الخيار لهم. وأثار ذلك غضب "فيسبوك". وشرعت شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة في هجوم تسويقي للدفاع عن الإعلانات المستهدفة، ونشرت صفحات كاملة لهذا الغرض في الصحف الأميركية، وشهادات من صغار التجار على موقع مخصص، وكانت لمؤسسها مارك زاكربرغ تصريحات لاذعة. واعتبر زاكربرغ في نهاية يناير الفائت خلال مؤتمر للمحللين حول النتائج السنوية للمجموعة (29 مليار دولار أرباحا صافية عام 2020) أن "آبل تتصرف بطريقة مسيئة إلى المنافسة". وتابع قائلا "لن تتمكن شركات صغيرة ومتوسطة كثيرة بعد الآن من استهداف عملائها بإعلانات مخصصة. يمكن أن تقول آبل إنها تفعل ذلك لمساعدة الأشخاص ولكن هذا الأمر يخدم مصالحها بوضوح". فحتى إذا رفض المستخدمون التتبع، فستظل الإعلانات مخصصة. سيستمر "إنستغرام" في استنتاج ميول المستخدمين وتفضيلاتهم بناء على تصفحهم التطبيق، وستواصل عرض إعلانات عن مأكولات القطط لهواة هذه الحيوانات. وستستخدم التطبيقات أيضا بيانات مباشرة، مثل العمر أو الموقع. لكنها لن تكون قادرة، على الأرجح ، على تبادلها مع أطراف ثالثة. وقال رئيس شركة "آبل" تيم كوك في مقابلة في مطلع أبريل مع مدونة صوتية ل"نيويورك تايمز" "نحن نتيح الخيار للمستخدمين الخيار". وأضاف "إذا كنت ستصمم اليوم نظام تشغيل من أساسه، فستفعل ذلك بهذه الطريقة، وهذا واضح". ورأت المحللة لدى "كرييتيف ستراتيجيز" كارولينا ميلانيسي "من وجهة نظر المستهلك، آبل على حق. نحن بحاجة إلى مزيد من الشفافية". لكنها رأت أن "من النفاق أن تقول آبل للمستهلكين +الخصوصية مهمة، فأنت لست منتجنا+. لا شك في ذلك، نظرا إلى أن نموذج أعمالهم لا يعتمد على الإعلانات". تدفع العلامات التجارية أكثر مقابل الإعلانات المستهدفة والمخصصة بدقة ، مما يدر أموالا أكثر على المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي تربح من المساحات الإعلانية الملائمة للسياق (كإعلانات الفنادق بجوار مقالات السفر). من هنا، تخشى شبكة "فيسبوك" تأثر مداخيلها. وفي مطلع فبراير ، أعلنت أنها ستعرض معلوماتها الخاصة للمستخدمين جنبا إلى جنب مع معلومات صانع "آي فون"، في نافذة الموافقة. وسيضطر مطورو التطبيقات المجانية، من ألعاب الفيديو إلى التطبيقات المكتبية، إلى التكيف إذا لم يرغبوا في فقدان القدرة على الوصول إلى السوق المربحة المتمثلة في مستخدمي "آي فون" و"آي باد". وقالت كارولينا ميلانيسي "إنهم عموما ميسورون أكثر من المستهلكين العاديين، مما يجعلهم أهدافا مربحة أكثر".