بلغت تقنية الجيل الخامس للاتصالات مرحلة تسويقية متقدمة في الولاياتالمتحدة، حيث تعدُ الشركات المشغّلة للقطاع بثورات تقنية، غير أن نشر البنى التحتية اللازمة والاستخدامات الملموسة لا تزال في مراحلها الأولية. ويقول مدير استراتيجيات الجيل الخامس في شركة "أكسنتشر" جيفرسون وانغ إن هذه التقنية الجديدة "قد تدرّ 1500 مليار دولار على إجمالي الناتج المحلي الأمريكي في السنوات الخمس المقبلة".
5G على الهواتف الجديدة صدرت أولى طرازات الهواتف العاملة بهذه التقنية للاتصالات الفائقة السرعة في منتصف 2019 لدى سامسونغ وهواوي. وانضمت أبل إلى هذا السباق في الخريف الفائت.
وتنتشر تقنية الجيل الخامس على نطاق واسع في الهواتف الجديدة، لكنّ ذلك لا يعني أن المستخدمين سيتمكنون على الفور من تحميل فيديوهات بسرعة 1 غيغابايت في الثانية، إلا بحال الاشتراك مع شركة "فيرايزون" والتواجد في المدينة الصحيحة والحي الصحيح في النقطة المحددة من الشارع.
واختارت هذه الشركة الاستثمار بداية في الموجات المليمترية وهي الأسرع لكنها لا تتمدد مسافات طويلة، كما تتأثر بشتى أنواع العوائق (من بينها الجدران والأمطار).
أما شركتا "تي موبايل" و"إيه تي أند تي" المنافستان، فتعولان من جانبهما على الموجات المنخفضة والمتوسطة. وكلما كانت منخفضة، وفّرت هذه الموجات تغطية أوسع لكن بسرعة أدنى. وقد توسعت رقعة الانتشار في 2020، لكن بعض استدراجات العروض لا تزال جارية راهناً.
وعود تسويقية غير أن ذلك لم يمنع "إيه تي أند تي" من تسمية شبكتها المحسنة من الجيل الرابع ب "5 جي إي" قبل عامين. وقد لقيت هذه الاستراتيجية التسويقية انتقادات واسعة من المستهلكين الحائزين أجهزة محمولة فائقة التطور مع شعار "5 جي" لكن من دون سرعة اتصالات تليق بهذه التسمية.
وقال نائب رئيس شركة "كوالكوم" المصنّعة للمكوّنات الإلكترونية أليخاندرو هولكمان، على هامش مشاركته في معرض لاس فيغاس للإلكترونيات بنسخته الافتراضية الأسبوع الماضي: "اليوم نسجّل فيديوهات بتقنية "4 كاي" على الهاتف الذكي ونريد نشرها فورا على الإنترنت". وأضاف "هذا أمر مستحيل مع تقنية الجيل الرابع، إذ إنه أشبه بقيادة سيارة فيراري في الاختناقات المرورية".
انتقادات لمميزات الجيل الخامس كذلك أعلن رئيس "فيرايزون" هانس فيتسبرغ أخيراً عن التوجه لإطلاق خدمة الجيل الخامس في 28 مدرجاً لكرة القدم الأمريكية هذا العام. وسيتمكن المتفرجون من متابعة المباريات مع اختيار زوايا مختلفة للكاميرا المباشرة، ومتابعة معلومات عن اللاعبين بتقنية الواقع المعزز.
لكن المحللة في "كرييتيف ستراتيجيز" كارولينا ميلانيزي تقول "لا حاجة لتقنية الجيل الخامس من أجل ذلك، إذ يكفي توفر اتصال بالإنترنت اللاسلكي"، مضيفة "أرغب في سماع أخبار عن منافع ملموسة: مع شبكة موثوقة أكثر وبأداء أعلى بفضل شريحة عاملة بالجيل الخامس، حتى مع الجيل الرابع. لكن ذلك ليس جذاباً بما يكفي".
في مرحلة أولى، من شأن الجيل الخامس أن يعزز التباين بين وسط المدن ذات التغطية الواسعة بالشبكة، والأرياف حيث التغطية ضعيفة حتى بتقنية الجيل الثالث. وذكّر المستشار في "إليمنتل كونتنت" جون بيني خلال معرض لاس فيغاس بأن "18% من الأميركيين لا يملكون أي نفاذ إلى الإنترنت السريع".
وستكون استخدامات هذه التقنية في بادئ الأمر موجهة إلى الصناعيين، مع شبكات خاصة للجيل الخامس مستخدمة في تشغيل ما يُعرف بالمصانع "الذكية"، على سبيل المثال.
في المقابل، سيكون إبهار المستهلكين مهمة أصعب، خصوصاً في ظل انتشار التطبيقات المتطورة وألعاب الفيديو وخدمات المساعدة الصوتية في الهواتف.
غير أن تقنية الجيل الخامس قد تسهّل في المدى الطويل ظهور ما يُعرف بحوسبة الحافة، أي أن مزيداً من الأكسسوارات المتصلة المزودة تقنيات الذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على معالجة بياناتنا بصورة مباشرة.
كما أن كاميرات المراقبة ستتمكن من القيام مباشرة بعمليات التعرف على الوجوه. ويقول أليخاندرو هولكمان "سيصبح ممكناً التعرف على مجرم في مطار يعج بمئات آلاف الأشخاص".
ويبدو أن العالم خرج من عقد تجميع الخصائص التقنية في جهاز واحد ليدخل عقد توزيع الخصائص، بحسب "أكسنتشر". ولن يعود من الضروري حمل الهاتف في كل مكان، إذ إن الساعات والسماعات الذكية وغيرها من الأكسسوارات قد تفي بالغرض.