شيع السبت ضحايا حادث تصادم القطارين بمحافظة سوهاج في جنوب مصر الذي أسفر عن مقتل 19 شخصا على الأقل واصابة أكثر من 180 بجروح، معظمهم من أبناء الصعيد، فيما بوشر التحقيق لمعرفة ملابسات الحادث. وخلال مؤتمر صحافي لمجلس الوزراء عقد في القاهرة ظهر السبت وبث ه التلفزيون الرسمي قالت وزيرة الصحة والسكان هالة زايد "بعد أن دققنا الإصابات والوفيات .. حتى هذه اللحظة هناك 185 إصابة و19 جثمان ا وثلاثة أكياس من الأشلاء". وكانت الوزيرة أعلنت مساء الجمعة خلال مؤتمر صحافي عقد في سوهاج أن حصيلة القتلى بلغت 32 والمصابين 165، 70 بالمئة منهم يعانون من كسور. وأوضحت زايد السبت أن مراجعة الحصيلة كانت بسبب "الابلاغ من قبل الاهالي الذين ساعدوا وحدات الانقاذ عن 20 حالة، كانوا في غيبوبة تامة، على أنها جثامين". وأظهرت مشاهد التقطتها كاميرات مراقبة اط لعت عليها وكالة فرانس برس اصطداما عنيفا قذف إحدى المقطورات في الهواء وخل ف سحابة كثيفة من الغبار والدخان في موقع المأساة في قرية الصوامعة غرب على بعد 460 كيلومتر ا من القاهرةجنوب ا. وظهر في مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، خروج بعض عربات القطارين عن القضبان ومسارعة المواطنين ورجال الاسعاف لنقل الضحايا على نقالات في مشهد مرعب. استؤنفت حركة القطارات على الخط صباح السبت بعد إزالة العربات الخمس التي انقلبت والحطام الذي خلفه الحادث، فيما تنتشر قوات أمنية في المنطقة. وبدأت مراسم تشييع الضحايا صباح السبت في القرى المحيطة. فيما بدا السكان حذرين لدى اقتراب مراسلي وسائل الإعلام منهم بشكل عام. وقتل من أبناء سوهاج في الحادث سبعة أشخاص، حسب مراسل فرانس برس. وأصدر النائب العام حمادة الصاوي بيانا ليل الجمعة السبت بعد معاينته موقع الحادث امر فيه "بسرعة اتخاذ الإجراءات نحو سؤال سائقي القطارين ومساعديهما ومسؤول لوحة تشغيل برج المراقبة وعامل المزلقان الذي وقع الحادث أمامه". كما أمر "بإجراء تحليل المواد المخدرة لكل منهم، والتحفظ على هواتفهم المحمولة لفحصها وفحص سجل المحادثات المجراة عبرها". وقرر النائب العام بندب لجنة خماسية مكلفة "تحديد المسؤول عن التصادم وسند مسؤوليته، ومدى اتباعه قواعد وأنظمة ولوائح تشغيل القطارات، وبيان كافة أوجه القصور والإخلال وسببها والمسؤول عنها". وأعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الجمعة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر ب"مضاعفة" التعويضات لأسر ضحايا الحادث لتصل إلى 100 ألف جنيه عن كل فقيد، ورفعها ما بين 20 ألفا و40 ألفا لكل مصاب على حسب درجة الإصابة. وتوجه مدبولي بخالص التعازي لأسر ضحايا الحادث، موضحا أن الرئيس السيسي وجه كافة أجهزة الدولة بحشد إمكانياتها لمعرفة أسباب الحادث والتعامل معه. وقال "ليس لدينا سبيل إلا تطوير مرفق السكة الحديد" مشددا على أن "الموضوع يستغرق وقتا " وأنه "من الوارد أن تحدث مثل هذه الحوادث". وقال شاهد عيان رفض ذكر اسمه لوكالة فرانس برس "كنا في صلاة الجمعة وسمعنا صوت الاصطدام وجاء طفل ليبلغنا عن الحادث في المسجد .. فهرعنا إلى هناك لنجد المجزرة". وأضاف وقد شارك قوات الانقاذ في عملهم بعد وقوع الحادث "الاسعاف جاءت خلال 30 دقيقة .. وكان هناك اطفال ينقلون على سلالم خشبية". وقام أحد الضحايا ببث حي، من داخل واحدة من العربات المتضررة، صارخا وكان الغبار يغطي وجهه "الحقونا (أغيثونا) .. الحقونا .. الناس بتموت". وأضاف "يا ناس شاركوني البث .. فين المسؤولين .. الناس معجونة في بعض". وظهر الضحايا في هذا البث، بين مقاعد القطار المحطمة يصرخون ويتألمون وتغطي بعضهم الدماء، غير قادرين على الخروج من العربة. وكانت النيابة العامة قد طالبت، في بيان ظهر الجمعة، من الجهات والأجهزة المختلفة عدم إصدار "أية بيانات أو تصريحات عن أسباب وقوع الحادث ، إذ تتولى النيابة العامة التحقيقات لكشف حقيقة أسباب وقوعه" حيث أصدرت هيئة سكك حديد مصر بيان ا الجمعة عقب الحادث ارجعت فيه السبب إلى قيام مجهولين بسحب مكابح الطوارئ لبعض عربات أحد القطارين، ما نتج عنه توقفه واصطدام القطار الآخر بمؤخرته. وجاء في البيان أنه "تم فتح بلف الخطر (مكابح الطوارئ) بمعرفة مجهولين لبعض عربات قطار رقم 157 مميز المتجه من الاقصر إلى الاسكندرية ما بين محطتي المراغة وطهطا، وعليه توقف القطار". وأضاف البيان أنه "في هذه الاثناء وفي تمام الساعة 11:42 (بتوقيت القاهرة) اصطدم قطار 2011 مكيف أسوان-القاهرة بمؤخرة آخر عربة بقطار 157 ما أدى الى انقلاب عدد 2 عربة من مؤخرة القطار المتوقف على السكة وانقلاب جرار قطار 2011 وعربة القوى ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات". وتشهد مصر بصورة متكررة حوادث سكك حديد ومرور مأسوية. وأكثر الحوادث دموية وقع في عام 2002 عندما لقي 361 شخصا حتفهم بعدما اندلعت النيران في قطار مزدحم جنوب العاصمة. وتسبب هذا الحادث في استقالة وزير النقل هشام عرفات وقيام الرئيس المصري في مارس بتكليف كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية بالجيش آنذاك ليتولى مسؤولية قطاع النقل والمواصلات. وتسبب الحادث بإلغاء قمة مصرية أردنية عراقية كانت مقرر يومي الجمعة والسبت في بغداد كان من المفترض ان يشارك فيها السيسي. ويأتي حادث تصادم القطارين متزامنا مع أزمة أخرى يشهدها البلد العربي الأكثر سكانا وهي تعطل الملاحة في قناة السويس لليوم الرابع على التوالي بعدما جنحت سفينة حاويات ضخمة بسبب سوء الأحوال الجوية وأغلقت المجرى المائي، بينما تتواصل جهود السلطات المصرية لاخراجها.